توصل النظام السوري ومقاتلو الثورة الشعبية الى اتفاق يقضي بتبادل محتجزين في بلدة عدرا العمالية قرب دمشق التي يسيطر عليها الثوار، مقابل اطلاق النظام معتقلين لديه. وبحسب صحيفة «الوطن» المقربة من نظام بشار الأسد، يقضي الاتفاق بأن يفرج الثوار عن 1500 عائلة يحتجزونها في البلدة التي سيطروا عليها في كانون الاول/ديسبمر، والواقعة على مسافة 35 كلم شمال شرق دمشق، مقابل أن تطلق سلطات النظام 1500 معتقل لديها، وتسمح بدخول مواد غذائية الى البلدة المحاصرة من قبل النظام. ونقلت الصحيفة عن رئيس اللجنة المركزية للمصالحة الشعبية جابر عيسى قوله ان «الاتفاق سينفذ على مرحلتين، الاولى وهي بمثابة بادرة حسن نية» تتضمن الافراج عن عائلة من ثمانية اشخاص، وفي المرحلة الثانية «مبادلة جميع العائلات المخطوفة (...) بموقوفين لدى الجهات الرسمية . واوضح عيسى انه «مقابل كل عائلة سوف يتم اطلاق موقوف». واشار الى ان الاتفاق تم التوصل اليه بالتعاون مع وجهاء ورجال دين من مدينة دوما قرب دمشق. وردا على سؤال لوكالة فرانس برس، قال وزير المصالحة الوطنية علي حيدر: «هذه مسألة ليست للاعلام بل للبحث لتنجز بشكل نهائي». وتقع مدينة عدرا المؤلفة من عدرا العمالية وعدرا الصناعية، على طريق رئيسية نحو دمشق، ويقطنها 35 الف نسمة من السنة والمسيحيين والعلويين. وسيطر الثوار على عدرا العمالية بعد دخلوهم اليها في 11 كانون الاول/ديسمبر. وشنت قوات الأسد بعد ثلاثة ايام حملة لاستعادة البلدة وفشلت بينما لا تزال تسيطر على عدرا الصناعية. وتعاني عدرا العمالية المحاصرة من نقص حاد في المواد الغذائية. وقال الناشط في البلدة أبو البراء لوكالة فرانس برس عبر الانترنت، إن «طفلاً توفي بسبب الجوع. الوضع دراماتيكي». واشار الى ان «سعر كيلو الارز وصل الى ثمانية دولارات». وكان 32 شخصا غالبيتهم من العلويين، قتلوا لدى دخول مقاتلي المعارضة الى عدرا العمالية، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان. وعقد النظام ومقاتلو المعارضة في الاشهر الاخيرة اتفاقات مصالحة في عدد من البلدات المحيطة بدمشق. وغالبا ما تشمل هذه الاتفاقات وقفا لاطلاق النار وادخالا للمساعدات، مقابل تسليم المقاتلين اسلحتهم. يأتي ذلك في الوقت الذي تحولت فيه «حملة الانتخابات الرئاسية» التي «يشنها» بشار الأسد الى حملة «مبايعة» له في شوارع دمشق، حيث يسعى لولاية ثالثة. وامتلأت شوارع العاصمة وحدائقها ومبانيها بصور الاسد، قبل اقل من شهر من الانتخابات المقررة في الثالث من حزيران/يونيو، والتي تأتي في خضم النزاع الدامي المتواصل منذ اكثر من ثلاثة اعوام في البلاد. وتحمل العديد من اللافتات واللوحات في الشوارع حاليا، كلمة «مبايعة» لبشار الأسد الذي وصل الى الحكم في العام 2000 اثر وفاة والده، وتم التجديد له باستفتاء في العام 2007. وستكون هذه الانتخابات التي يصفها الثوار والمعارضون وأصدقاء الشعب السوري ب «المهزلة». من جهة أخرى، فاجأ نظام الأسد، عبر سفارته في العاصمة عمان، الحكومة الأردنية بطلب رسمي لفتح صناديق اقتراع في الأردن من أجل الانتخابات الرئاسية السورية. وقال مصدر مسؤول بوزارة الخارجية الأردنية، ل (اليوم)، إن «السفارة السورية في عمان خاطبت وزارة الخارجية الأردنية بشأن فتح مراكز اقتراع للانتخابات الرئاسية السورية على الأراضي الأردنية، والسماح للمواطنين السوريين بالاقتراع فيها». وبين المصدر أن «الطلب السوري، الذي لم يكن بالحسبان، فاجأ الأردن، خاصة في ظل حالة الشقاق العميق بين المعارضة والنظام السوري، التي رتبت لجوء نحو 1.3 مليون سوري إلى الأردن». وأشار المصدر إلى أن «الخارجية الأردنية والسلطات الحكومية والأمنية المعنية درست الطلب السوري، وتتجه نحو رفضه، ومنع فتح مراكز اقتراع في المملكة». وأرجع المصدر التوجه الحكومي نحو الرفض إلى «المحاذير الأمنية»، مشيرا إلى «تقديرات ومخاوف أمنية عالية لدى الأردن من اتخاذ أية خطوات قد تفهم على أنها انحياز لصالح طرف من الفرقاء السوريين دون غيره». ولفت المصدر إلى «استضافة الأردن لنحو 1.3 مليون سوري، اغلبهم من مناهضي نظام بشار الأسد، وحال التجاوب مع الطلب السوري فإن أحدا لا يستطيع تقدير الأثر الأمني». وأبلغت عواصم غربية عديدة نظام بشار الأسد رفضها السماح بفتح مراكز اقتراع للانتخابات الرئاسية على أراضيها. ورفض وزير الإعلام الأردني د.محمد المومني، في تصريحات صحافية، الكشف عن موقف الأردن النهائي من الطلب السوري، مكتفيا بالقول: إن «عمان لا تزال تدرس الطلب». ويسعى السفير السوري في عمان بهجت سليمان إلى تحشيد السوريين، المقيمين في الأردن، لصالح المطالبة بفتح صناديق اقتراع، في محاولة لإجبار عمان على الموافقة. ونظم السفير سليمان، الذي ترى عمان انه تجاوز مراراً الأعراف والتقاليد الدبلوماسية، اعتصاماً – ليل الأحد - لسوريين وأردنيين موالين لنظام الأسد أمام سفارة بلاده، للمطالبة بالسماح بفتح صناديق اقتراع في الأردن. واستدعت الخارجية الأردنية السفير سليمان، الذي يعتبر واحداً من أهم أعضاء الحلقة الضيقة المحيطة ببشار الأسد، مراراً لتوبيخه حيال تصريحات أدلى بها واعتبرت استفزازاً وتحرشاً بالأردن والأردنيين. وأثار الطلب السوري حفيظة لاجئين سوريين في مخيم الزعتري، أكبر مخيمات اللجوء السوري في الأردن. وقال أبو صالح الدرعاوي، وهو لاجئ سوري يقيم في مخيم الزعتري، إن «بشار شرّد ملايين السوريين، وقتل مئات الآلاف، وفي نفس الوقت يطالب بإجراء انتخابات هزلية ومخزية في سورية والأردن». واضاف متحدثا ل (اليوم) هاتفيا: إن «الطلب بفتح مراكز اقتراع يهدف إلى شرعنة الانتخابات الهزلية، التي ينوي بشار إجراءها، إقليمياً ودولياً». وأشار أبو صالح، الذي فقد اثنين من أبنائه في أعمال العنف بسورية، أن «إجراء الانتخابات السورية، بقرار من نظام قتل ويقتل شعبه، فيما لا تزال ارواح السوريين تزهق في كل لحظة ودماء الشهداء تسيل دون توقف، يعتبر مهزلة سيسجلها التاريخ». وينوي نظام الأسد إجراء الانتخابات الرئاسية في 28 مايو 2014 للسوريين المقيمين خارج الأراضي السورية، وفي 3 يونيو 2014 للسوريين على الأراضي السورية.