في خضم الحديث عن ارتفاع أسعار الأراضي وأسبابها وطرق علاج هذا الارتفاع تكثر الإشارة لفرض رسوم أو زكاة على الأراضي البيضاء و ذلك لدفع ملاك الأراضي لبيعها و بالتالي دفع الأسعار للانخفاض . ويكاد يتفق غالبية الاقتصاديين على أن فرض الرسوم أو الزكاة سيكون علاجا فوريا لأزمة ارتفاع أسعار الأراضي ، و بالجهة المقابلة يجادل بعض تجار الأراضي أن هذه الرسوم سيتحملها المشتري النهائي. في هذا المقال سنحاول حساب الحجم التقديري لزكاة الأراضي البيضاء، بالإضافة إلى التطرق إلى حقيقة تحمل المشتري النهائي لهذه الزكاة. الأكيد أن تجار الأراضي لن يستطيعوا دفع 100 مليار ريال سنويا ، وسيكونون مجبرين على بيع بعض أراضيهم لدفع زكاتهم السنوية كشفت دراسة حديثة أجرتها الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض عن واقع ومستقبل الإسكان في الرياض عن كثير من التفاصيل المتعلقة بمساحات الأراضي المطورة و الأراضي البيضاء ضمن النطاق العمراني ، بالإضافة إلى تفاصيل عن معدل الأسعار في الرياض سواء للأراضي الموجودة في المناطق المطورة أو الأراضي الموجودة في المناطق غير المطورة . وتشير الدراسة إلى أن إجمالي مساحات الأراضي بالرياض يصل لأكثر من 5,000 كم 2، و لا تتجاوز المساحة التي تم استخدامها فعليا بالبناء عليها أكثر من 23%. أي أن أكثر من 77% من الأراضي بالرياض هي أراض بيضاء غير مستخدمة ، وتزيد مساحة هذه الأراضي البيضاء حسب نفس الدراسة على 4146 كم2 أو4 مليارات متر2 ! و تشير الدراسة إلى أن أسعار الأراضي السكنية في الرياض تجاوز معدلها 1031 ريالا للمتر المربع. أما الأراضي التي لا تصلها الخدمات فيصل معدل سعرها 589 ريالا للمتر المربع . بناء على الأرقام السابقة ، يمكننا حساب (الحد الأدنى) للقيمة الإجمالية لكل الأراضي البيضاء في الرياض، وهي (4 مليارات متر2 ضرب 589 ريالا ) و تكون المحصلة أكثر من 2.4 ترليون ريال (2400 مليار ريال) هي إجمالي قيمة الأراضي البيضاءبالرياض . و إذا كانت هذه قيمة الأراضي البيضاء في الرياض فإن الزكاة السنوية لهذه الأراضي ستكون حوالي 60 مليار ريال سنويا! أما إذا أضفنا بقية مدن المملكة، فإن الرقم قطعا سيتجاوز 100 مليار ريال سنويا، فعدد سكان الرياض السعوديين يمثل أقل من 17% من إجمالي السكان السعوديين في المملكة، و توجد مساحات شاسعة بيضاء كبيرة جدا في كل المدن الرئيسية في المملكة. الأكيد أن تجار الأراضي لن يستطيعوا دفع 100 مليار ريال سنويا ، وسيكونون مجبرين على بيع بعض أراضيهم لدفع زكاتهم السنوية ، و عملية البيع هذه ستكون بمثابة الدوامة التي تدفع أسعار الأراضي للأسفل ، أما إذا كانوا قادرين على دفع هذه الزكاة فخير و بركة ، لأن 100 مليار ريال سنويا كافية لبناء وتطوير أكثر من 200 ألف وحدة سكنية سنويا و هي تمثل إجمالي الطلب السنوي للمساكن في كل المملكة ، خاصة أن بناء مساكن للمواطنين من المصارف الشرعية للزكاة بعد أن حول تجار الأراضي غالبية المواطنين إلى فقراء غير قادرين على امتلاك مسكن ، وبذلك فلن يحتاج الناس بعد فرض الزكاة لأراضي التجار ، و يمكن لهؤلاء التجار الاستمتاع بأراضيهم لرحلاتهم البرية أو لرعاية إبلهم . [email protected]