ذللت جمهورية السودان العقبات التي تقف في وجه الاستثمار الأمثل لثرواته وطرح البدائل لها، وذلك نظير ما تكتنزه أرضها من موارد طبيعية متنوعة ما زالت بكرا تحتاج إلى جهود لاستثمارها. وعلاوة على الثروات الحيوانية والزراعية هناك خامات المعادن المختلفة وأهمها النفط، إلى جانب المياه والأراضي الواسعة المنبسطة التي تسهل زراعتها، حيث شكلت هذه المزايا في مجال الاستثمار دافعا للمستثمرين للعودة بقوة إلى السودان . ومن ضمن الجهود المبذولة من قبل السودان لفتح الأبواب أمام المستثمرين استضافة الخرطوم يومي 21 - 22 أغسطس 2013 الاجتماع الاستثنائي للمجلس الاقتصادي والاجتماعي العربي، إلى جانب المبادرة التي أطلقها الرئيس السوداني عمر البشير لتحقيق الأمن الغذائي العربي أثناء مشاركته في القمة العربية التي انعقدت في الرياض مطلع العام 2012 وتم اعتمادها من قبل الجامعة العربية لتكون السودان دولة جاذبة للاستثمارات العربية والأجنبية بميزاته الكثيرة, وأهمها موقعه الاستراتيجي الرابط بين أفريقيا والدول العربية . وسنت السودان العديد من القوانين والإجراءات التي صارت من أهم المميزات التي تستقطبها للاستثمار وعلى رأسها قوانين تشجيع الاستثمار لعام 2013م إضافة للإجراءات والقوانين التي أجيزت لتسهيل عمل المستثمرين الأجانب بالبلاد، والتزام السودان بحماية الاستثمار على أعلى المستويات وذلك إدراكا منها بمقدرتها على المساعدة في تخفيف حدة نقص الغذاء الذي يواجه العالم . وموقع السودان الاستراتيجي يؤهله للتوجه لإقامة مناطق حرة ستتاح لرجال الأعمال والصناعات ، وهو ما تسعى إليه لافتتاحها في الحدود مع اريتريا وأخرى في الحدود مع أثيوبيا في منطقة القلابات ومع مصر في منطقة ارقين , وأيضا في الحدود مع تشاد وفي كوستي مع جنوب السودان. وتمتلك السودان واحدة من اكبر خطوط السكك الحديدية في أفريقيا التي يفوق طولها خمسة آلاف كيلو متر ، ويمكن أن تعمل مع جيرانها على مد هذه الخطوط إلى داخل هذه الدول المجاورة مثل تشاد ، وأفريقيا الوسطي و مصر ، كما أنها جزء من منظومة خطوط الطرق السريعة العابرة للقارة ليتيح لها دون شك فرصا واسعة للاستثمارات في مشاريع متعددة . وإجمالا لهذه المزايا التي يمكن أن تجعل من السودان أكثر الدول جذبا للاستثمارات الأجنبية يمكن القول إن موقع السودان الجغرافي المميز والفريد بالنسبة لأفريقيا والعالم العربي ومجاورته لعدد من الدول التي بها مئات الملايين من البشر وارتباطها معهم بطرق بريه وحديدية ونهرية إضافة إلى الوضع الجيد لشبكة الاتصالات عوامل كبيرة كذلك تساعد على إيجاد أسواق ضخمة للمنتجات . وفي شأنها الداخلي تتميز السودان بوجود العديد من الولايات حيث أن لكل ولاية ميزات خاصة بها وذلك تبعا للمناخ الذي تتمتع به كل ولاية ، فعلى سبيل المثال الولاية الشمالية تتمتع بميزة نسبية في زراعة القمح والمنتجات البستانية ، أما ولاية نهر النيل التي تعتبر الثانية في الولايات بعد الخرطوم فتتميز بجذب الاستثمار الخارجي لميزتها النسبية وموقعها الجغرافي وكفاءة الكادر الإداري العامل في إدارة الاستثمار بها ، إضافة إلى وجود زراعة القمح والأعلاف والفاكهة والخضر والصناعات المرتبطة بالإنتاج الزراعي . أما ولاية الجزيرة التي تقع في وسط السودان فيوجد بها مشروع الجزيرة ، الذي يعد اكبر المشاريع الزراعية المروية وينتج العديد من المحاصيل الزراعية ، بينما تمتاز ولاية النيل الأبيض بزراعة محاصيل قصب السكر والقطن وصناعة اللحوم والألبان ومشتقاتها ، وفي أقصى الشرق السوداني تقبع ولاية البحر الأحمر التي تتميز بتوفر سلع الصادر وتقدم خدمات الوارد والسياحة ، بينما تزخر ولاية النيل الأزرق بموارد طبيعية جاذبة للاستثمار ، فيما تتوفر في ولايتي شمال وجنوب كردفان محاصيل زراعية ومنتجات غابية وثروة حيوانية كبيرة . وتمتاز ولايتا شمال وغرب وجنوب دارفور بالثروة الحيوانية والمنتجات الجلدية وصناعة الزيوت والصناعات الغذائية وتجارة الحدود ، فيما تجذب ولاية الخرطوم ، التي تقع فيها العاصمة القومية ، العديد من المستثمرين وتحظى بالنصيب الأكبر من الاستثمار لما تمتاز به من بنيات أساسية وعمالة مدربة ومشروعات زراعية ووجود الأسواق والكثافة السكانية . وشهدت السودان على الرغم من مواجهتها للعديد من التحديات الاقتصادية نجاحات ملموسة في دفع عملية الاقتصاد محليا من خلال شركاتها ذات الإنتاجية المتعددة مثل مجموعة " دال " بوصفها المؤسسة الاقتصادية الأكبر والأكثر تنوعا في أنشطتها وأعمالها على مستوي السودان حيث تمتد أنشطة المجموعة لتشمل ستة قطاعات حيوية هي الصناعات الغذائية والزراعية والأعمال الهندسية والتنمية العقارية والخدمات الطبية وحقل التعليم ومن النماذج الناجحة كذلك شركة " سكر كنانة " التي استثمرت في مجال زراعة وصناعة السكر وكان لها دور كبير في الاقتصاد الوطني عبر مساهماتها المتنوعة المباشرة وغير المباشرة وتداخلها لتحريك قطاعات أخرى فضلا عن إحداث النهضة التنموية للإنسان باعتباره الهدف الأهم عبر توفير فرص العمل والخدمات ، وتعد كذلك من أكبر المشاريع التنمويةً بالمنطقة العربية ولها سجل في توفير الخدمات الصحية والتعليمية ودور العبادة وإنارة القرى المجاورة للمصنع وتوفير الصحة ومياه الشرب النقية . وحقق الاستثمار العربي في السودان نجاحا مشهودا وملحوظا حيث وثقت نماذج ناجحة لاستثمارات الهيئة العربية للاستثمار والإنماء الزراعي في السودان مثل برنامج ونشر نظام الزراعة بدون حرث الذي أدى إلى تطوير القطاع المطري في السودان بولايات النيل الأزرق ، جنوب كردفان ، النيل الأبيض ، وترتب عليه موافقة مجلس إدارة الهيئة على تأسيس صندوق تمويل صغار المنتجين برأسمال مال 200 مليون ، تساهم الهيئة بنحو 10 ملايين دولار بغرض توفير التمويل اللازم لصغار المنتجين لتطبيق التقانات الحديثة وزيادة منتجاتهم من المحاصيل .