يشكل السودان نقطة جذبٍ استثماريٍ في مجالات الزراعة وصناعات الغذاء والخدمات المتعلقة بها، لا سيّما النقل في أنواعه، وبخاصةٍ النقل النهري. وعلى رغم أن المستثمرين العرب يدرسون مواقع الجذب الاستثماري في السودان، يسعى المستثمرون المصريون إلى تحقيق تقدمٍ في هذا المجال، بحيث أسفر سعيهم عن اتفاقات استثمارية خلال الأشهر القريبة الماضية. وباشرت شركة القلعة في مجال الاستثمارات المالية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهي تدير استثمارات تقدر قيمتها بأكثر من 8.3 بليون دولار، باستثمارات استراتيجية في قطاعي الزراعة والنقل النهري في السودان لتحتل الصدارة بين المستثمرين العرب في الاقتصاد المتميز الذي يتمتع به السودان. وحصلت شركة سابينا، إحدى الشركات التابعة للقلعة، على مساحة أرض تصل إلى 254 ألف فدان من الأراضي الزراعية الخصبة بنظام حق الانتفاع الحر في ولاية النيل الأبيض، حيث ستستخدمها، (يقع نحو 38 كيلومتراً منها مباشرة على نهر النيل بالقرب من مدينة كوستي)، في تأسيس مشروعات زراعية ضخمة وتطويرها وإنشاء مصنع لمعالجة السكر وتجهيزه. ووضعت الشركة خططاً لتطوير شركة «سابينا»، التي يتوقع أن تصير واحدة من أكبر المشروعات الزراعية في السودان، تُنفذ على ثلاث مراحل: الأولى تستصلح 60 ألف فدان خلال السنوات الخمس المقبلة، وستورّد «سابينا» المنتجات الطازجة إلى العملاء في الأسواق المحلية والإقليمية والدولية، لتصبح أكبر الكيانات الرئيسة في قطاع الصناعات الغذائية المجهزة، من خلال مجموعة متنوعة من المنتجات وتساعد البنية الأساسية الجيدة والقناة الموجودة هناك على البدء سريعاً بزرع 5 آلاف فدان في السنة الأولى وبأدنى حجم من الاستثمارات. وفي إطار خطتها للتوسع في قطاع الزراعة غير المستغلة بصورة كبيرة في السودان، أطلقت شركة القلعة شركة «المحاصيل الزراعية السودانية المصرية المحدودة – سييك». وفي الربع الثاني من 2009، وحصلت «سييك» على مساحة 250 ألف فدان من الأراضي الخصبة في ولاية الوحدة جنوب السودان، بنظام حق الانتفاع الحر لمدة 25 سنةً. وتنوي «سيبيك» زرع مجموعة متنوعة من المحاصيل المدرة للربح النقدي، من بينها الرز والذرة الرفيعة والذرة الصفراء وعباد الشمس، وحبوب مختلفة وبقوليات. وتخطط الشركة لإنشاء مزرعة دواجن كبيرة وقسم لتربية الحيوانات قرب مدينة بانتيو، نحو 600 كيلومتر شمال مدينة جوبا عاصمة جنوب السودان، ونحو 800 كيلومتر جنوبالخرطوم. أما بالنسبة إلى قطاع النقل واللوجيستيات فتمكنت الشركة الوطنية للنقل النهري، إحدى الشركات التابعة لشركة القلعة، من دخول قطاع النقل الواعد في السودان بداية 2009 من خلال شراء الشركة القابضة «ريجونال إنفستمنت» لحصةٍ مقدارها 51 في المئة من شركة «كيير مارين»، وهي شركة سودانية تابعة للقطاع الخاص وتمارس أعمالها في شمال السودان وجنوبه. وعقدت الصفقة، التي شملت شراء 20 وحدة نقل نهري متعددة الأغراض وأرضاً تتميز بموقعها الإستراتيجي، مقرر أن تجهّز لتصبح ميناء نهرياً ومنطقة شحن وتفريغ البضائع وخزنها. وستدير الشركة الوطنية للنقل النهري المشروع الجديد الذي يشكل نواةً لأسطول نقل أكبر وموانئ إضافية تأمل «ريجونال إنفستمنت» في إنشائها على مدار السنوات المقبلة. وجدير أن المشروع الجديد للشركة في السودان، ويقع في منطقة كوستي، يساهم بربط شمال السودان الصناعي بالجنوب وخاصة مدينة جوبا، التي تقع على نهر النيل قرب الحدود الجنوبية على بعد نحو 1700 كم من الخرطوم، ما يؤمن الفرص التجارية الجديدة مع دول مثل أوغندا وإثيوبيا وتشاد في الجنوب. و يأتي شراء أرض الميناء الاستراتيجي في السودان على القدر ذاته من الأهمية لإدارة العمليات التي ستقوم بها الشركة الوطنية للنقل النهري. فقطعة الأرض الأولى، ومساحتها 55 ألف متر مربع في مدينة كوستي، مجهزة فعلياً لتكون ميناء نهرياً وتحتوي على منطقة لصيانة السفن ومعدات للتحميل والتفريغ. أما القطعة الثانية، بمساحة 34 ألف متر مربع في مدينة كوستي أيضاً، ستكون مستقبلاً ذات فائدة كبيرة كموقع آخر للشحن والتفريغ والتخزين. وتقع قطعتا الأرض على مسافة قريبة جداً من المشروع الاستثماري الزراعي الجديد لشركة القلعة في السودان. ووقعت كل من شركة «بلتون» للاستثمار المباشر و شركة كنانة السودانية لإنتاج السكر، اتفاق تعاون لتأسيس شركة تستهدف الاستثمار الزراعي على مساحات شاسعة في مصر والسودان باستثمارات مستهدفة تبلغ بليون دولار. و أشار العضو المنتدب لشركة «بلتون» للاستثمار المباشر حازم بركات أن «بلتون» ستدعم الشركة الجديدة في إدارة الاستثمار والتمويل والمشاركة في وضع الخطط الإستراتيجية الطويلة الأجل. وأوضح العضو المنتدب لشركة كنانة محمد المرضي أن شركته ستساهم في شكل كبير في تقديم الدعم الفني للشركة الجديد من خلال خبرتها الكبيرة في مجال الزراعة لأن الزراعة تلعب دوراً حيوياً في تطوير الدول وتعد المصدر الرئيس للدخل في الدول النامية ما شكل عاملاً أساسياً في إنشاء الشركة.