التقاعد ليس هو نهاية المطاف، بل هو مرحلة جميلة حافلة بالعمل والعطاء وبداية لمرحلة أخرى أكثر جمالاً وعطاءً، وذلك بتوظيف الخبرات في أعمال أخرى لا يحدها مكان أو زمان. وعلى الرغم من تقاعدي، لا زلت أحن لتلك الصباحات المشرقة التي أغدو فيها إلى مكتب الإشراف التربوي بمحافظة الخبر، فمع نسمات الفجر الندية وبعد الصلاة والذكر يغمرني شعور بالحيوية والنشاط، واستبشار وحماس ليوم جديد حافل بالعمل والعطاء، ترى ما السر في هذا الشعور؟ إنها (روح القيادة) لمكتب التربية والتعليم بمحافظة الخبر، والتي تطبق (القيادة الديموقراطية) التي تقوم على الاهتمام بالعلاقات الإنسانية بين القائد والمرؤوسين، والمؤدية إلى رفع الروح المعنوية للمرؤوسين، الأمر الذي ينتج عنه تحقيق درجة عالية من الأداء بالإضافة إلى خلق نوع من الانتماء بين المرؤوسين والمنظمة. وربما أتهم بالمبالغة عندما أقول إن منسوبات مكتب التربية والتعليم بمحافظة الخبر يستبشرن بصباح كل يوم دراسي بين جدران المكتب، كالطيور المغردة والمستبشرة بصباح يوم جديد، وذلك لأن هذه الروح (روح القيادة) حولت مكان العمل إلى مصدر سعادة وبهجة وألفة بين الجميع. ولقد تعاقب على مكتب التربية والتعليم بمحافظة الخبر نماذج رائعة من القيادات التربوية، بدءاً من الأستاذة فوزية بنت عبدالله المهيزعي، والتي تولت قيادة المكتب عام 1/ 7/ 1393ه. ثم تولت القيادة بعدها الأستاذة فريدة بنت بشير طحلاوى، والتي كانت خير خلف لخير سلف، وانتهاءً بالأستاذة فاطمة بنت هلال الغامدي. لقد مرت هذه الخواطر بفكري، وأنا أتامل (الهيكل التنظيمي) لمكاتب التربية والتعليم بالمحافظات والمراكز الإدارية، التي لا توجد بها إدارة (تربية وتعليم). والذي أقر مؤخراً على: (توحيد مكاتب التربية والتعليم «بنين وبنات») والهدف من هذا التنظيم هو توحيد الإجراءات في مكاتب التربية والتعليم. وإذا عدنا بالذاكرة قبل سنوات مضت إلى وضع مكتب التربية والتعليم بمحافظة الخبر تحت قيادة المديرات، وكيف كان مركز إشعاع للبيئة المحيطة به، ومن حسن الطالع أن يتزامن كتابة هذا المقال مع اليوم العالمي للمرأة (هذا الشهر) وإطلاق صندوق الأمير سلطان حملة (فيك نفتخر) والتي تهدف إلى تسليط الضوء على أبرز الشخصيات النسائية في المنطقة وتوثيق منجزاتهن. أولاً: الأستاذة فوزية بنت عبدالله المهيزعي:- ولها الريادة في هذا المجال، حيث كانت أول مديرة سعودية لمكتب الاشراف التربوي بالخبر والمنطقة الشرقية، وقد باشرت العمل كمديرة بتاريخ (1/7/1393ه)، واستمرت تشغل هذا المنصب قرابة 31عاماً إلى أن تقاعدت في 1/8/1424ه ولقد ساهمت في بحوث تربوية واجتماعية على مستوى المنطقة، شملت دراسة توثيقية عن تعليم الفتاة في الشرقية والمملكة لمدة (40) عاماً ابتداءً من 1380ه، وترجم للغة الانجليزية بعنوان (تعليم الفتاة في المنطقة الشرقية شمولية النمو.. واستمرارية) بالإضافة إلى دراسة توثيقية عن السنوات العشر الأولى لتعليم البنات في المملكة بعنوان (تعليم البنات في عصر التأسيس من 1380- إلى 1390ه) كذلك قدمت بحث (عوائق الزواج بين الشباب في المنطقة الشرقية بمناسبة العام الدولي للشباب عام 1407ه) و(عوائق الزواج في المملكة عام 1422ه)، كما شرفت على العديد من اللقاءات والمشاريع والبرامج المجتمعية كمشروع (قصص الأطفال)، ومشروع (الطفل المبدع) (معلمتي معك ارتقي بفكري)، لجنة التوجية والإرشاد الطلابي بمكتب الإشراف التربوي بالخبر من العام 1419ه وكان من أبرز انجازات اللجنة من الحملات التوعوية، حملة (يداً بيد نحافظ على ممتلكاتنا ونحمي بيئتنا)، وحملة (مشروع العمر تؤجله الامكانيا)، وحملة (آباء وامهات بالوكالة) ثانياً: الأستاذة فريدة بنت بشير طحلاوي:- تقلدت منصب مديرة مكتب الاشراف التربوي بمحافظة الخبر في 1/8/1424ه، وكان مكتب التربية والتعليم بمحافظة الخبر في تلك الفترة بحق مركز اشعاع للمجتمع بقيادة مديرة المكتب الاستاذة فريدة طحلاوي، والتي ضربت اروع الأمثلة في التواصل مع المجتمع من خلال لجنة (التوجية والإرشاد)، التي ترأسها وفريق العمل المتميز من المشرفات التربويات اللاتي على رأس العمل، بالإضافة للمشرفات المتقاعدات، بإطلاق الحملات التي تسلط الضوء على بعض القضايا التي تخدم جميع فئات المجتمع، (الجده – الأم – المعلمة – الطالبة)، ومنها على سبيل المثال لا الحصر: مشروع (الحقيبة المدرسية)، مشروع ( الكتابة على الجدران ظاهرة غير حضارية)، كتب (والدَّي ماذا أريد منكما؟ وماذا تريدان مني)، حملة (فتاتي مستقبلك مشرق)، (التأهيل للزواج لطالبات المرحلة الثانوية)، بالإضافة إلى الاشراف على جميع البرامج والفعاليات المقدمة من المشرفات في جميع الاقسام، ومنها قسم التطوير، والذي من أبرزها الملتقيات التربوية - والحلقات التنشيطية (كفعاليات اليوم العالمي للمعلم)، والذي يقام سنوياً و(المنتدى الوطني للتعليم للجميع) ولعل كتاب (فريدة الخير) وهو لمسة عرفان من منسوبات مكتب التربية والتعليم بمحافظة الخبر وإعداد فريق عمل متميز بالمكتب، والذي تم توزيعة ضمن فعاليات حفل تكريمها لتقاعدها، وهو يوثق مسيرة مديرة تركت بصمتها المميزة على التعليم بمحافظة الخبر. ثالثاً: الأستاذة فاطمة هلال الغامدي والتي خطت أولى خطواتها لقيادة مكتب التربية والتعليم بمحافظة الخبر عام 1431ه، والتي تميزت بشخصية يتجلى فيها الحزم والعزم فلقد أضافت لها خبرتها تمرساً في العمل الإداري فقادت سفينة العمل بالمكتب بكفاءة واقتدار. وفي نهاية المطاف، سوف تتذكر الأجيال القادمة القائدات التربويات اللاتي أمسكن زمام أمور تعليم البنات بمحافظة الخبر، وتركن بصمة مميزة وأثراً طيباً فنقول بصوت واحد: فيكن نفتخر.