سيطرت القوات الروسية دون إراقة دماء على القرم وهي شبه جزيرة في البحر الأسود تعتبر قاعدة الأسطول البحري لروسيا وحاصرت فيها عدة مواقع عسكرية أوكرانية صغيرة. وطالبت القوات الأوكرانية بترك سلاحها، ورفض بعض الجنود إلقاء سلاحهم، لكن لم يتم إطلاق أعيرة نارية، وأجرت روسيا مناورات حربية شارك فيها 150 ألف جندي على طول الحدود البرية بين البلدين. وأعلن مجلس الأمن الأوكراني أنه أمر هيئة الأركان العامة بأن تضع على الفور القوات المسلحة بالكامل في حالة التأهب القصوى. وتلقت وزارة الدفاع أوامر باستدعاء جميع قوات الاحتياط وهو ما يعني نظريا جميع الرجال حتى سن 40 عاما في بلد التجنيد فيه إلزامي على الرجال، غير أن أوكرانيا ستواجه صعوبة لإيجاد أسلحة إضافية وملابس عسكرية لأعداد كبيرة منهم، ولا توجد مقارنة أصلا بين إمكانات الدب الروسي العسكرية الضخمة وإمكانات جارته الصغيرة. وقال ياتسينيوك في تصريحات تلفزيونية بالانجليزية ناشد فيها الغرب دعم بلاده: "إذا أراد الرئيس بوتين أن يكون الرئيس الذي بدأ الحرب بين دولتين جارتين وصديقتين.. بين أوكرانياوروسيا، إذا فقد بات على مسافة بوصات قليلة من بلوغ هذا الهدف. نحن على شفا كارثة"، لكن الدول الغربية لا ترى أنها على استعداد لمواجهة عسكرية مع روسيا التي يقودها فلاديمير بوتين الرئيس الطموح الذي يبدي إصرارا في العمل. وفي سمفربول -عاصمة اقليم القرم (جنوبأوكرانيا)- ينشط الموالون لروسيا ويرفعون في تظاهراتهم لافتات "القرم روسية"، وأصبح حي برلمان القرم الذي كان السبت في حالة حصار حقيقية، مفتوحا أمس، لكن مازال رجال مسلحون مقنعون يحرسون مقر الحكومة المحلية. في المقابل مازال مدنيون من عناصر مجموعات الدفاع الذاتي الموالية للروس، قالوا: إنهم كلفوا بمهمة "الحفاظ عن النظام العام"، متواجدين قرب البناية الضخمة مقر الجمعية في جمهورية القرم ذات الحكم الذاتي في قلب عاصمتها سيمفيروبول. وقال رجل ملتح يعتمر قبعة عسكرية لنحو عشرين منهم يصطفون أمام مدخل البرلمان: إن "الوضع معقد، قد تحصل استفزازات، فكونوا متنبهين!". وتم تركيز بندقيتين رشاشتين السبت موجهتين نحو خارج البرلمان أمام "البيت الأبيض" الذي مازال العلم الروسي يرفرف فوقه، لكنهما اختفتا الأحد ومعهما "الجنود" الذين كانوا يتولون الخدمة. أما في ميدان الاستقلال في كييف، عاصمة أوكرانيا، حيث يعتصم محتجون مناهضون ليانوكوفيتش الرئيس المخلوع وحليف موسكو، في خيام منذ شهور، وأصبحوا يتظاهرون بالآلاف ضد التدخل العسكري الروسي، وكتبوا على لافتات "بوتين .. ارفع يدك عن أوكرانيا". وقال أوليه وهو مدير تنفيذي في مجال الإعلان بينما كان يطهو على نار أوقدها في الميدان الذي يعتصم فيه منذ ثلاثة شهور "إذا كانت هناك حاجة لحماية الوطن فسنذهب وندافع عنه. إذا أراد بوتين أن يأخذ أوكرانيا لنفسه فسيفشل. نريد أن نعيش بحرية وسنعيش بحرية". وتمثل سيطرة روسيا على الأجزاء الشرقية من البلاد، حيث اللغة الأم لمعظم السكان هي اللغة الروسية مصدر قلق اكبر من القلق بشأن سيطرتها على القرم وأغلبية سكانها من أصول روسية. وشهدت هذه المناطق المزيد من المظاهرات أمس بعد احتجاجات عنيفة يوم السبت. في مظاهرة خارج وزارة الدفاع الروسية ردد المئات الهتافات قائلين "لا للحرب". وردد البعض أغاني باللغة الاوكرانية ووقف آخرون صامتين ورافعين لافتات. ولليوم الثاني رفع المتظاهرون المؤيدون لروسيا أعلامها على المباني الحكومية ودعوها لى الدفاع عنهم. وقالت كييف: إن الاحتجاجات من صنع روسيا واتهمت موسكو بإرسال المئات من مواطنيها عبر الحدود لتنظيمها. وبالفعل -في الوقت الذي اعتقلت فيه السلطات الروسية في موسكو، أمس، عشرات المتظاهرين الروس الرافضين للتدخل العسكري في أوكرانيا- سمحت بتظاهرات ضخمة في العاصمة الروسية وفي سان بطرسبرغ تأييدا لسياستها العسكرية في القرم. واعتقلت قوات الأمن الروسية في موسكو المئات من معارضي الغزو، بعد يوم من تفويض مجلس الاتحاد الروسي رئيس الجمهورية فلاديمير بوتين إعلان الحرب لحماية المصالح الروسية في أوكرانيا. وفي مظاهرة خارج وزارة الدفاع الروسية ردد المئات الهتافات قائلين "لا للحرب". وردد البعض أغاني باللغة الاوكرانية ووقف آخرون صامتين ورافعين لافتات. وقالت يلينا بيزروكوفا (23 سنة) وهي ناشطة معارضة للحرب: "جئت إلى مبنى وزارة الدفاع الروسية للاحتجاج ضد التدخل العسكري في اوكرانيا. أعتقد أنه لا توجد حاجة للضغط من أجل مصالحك وإرسال قوات إلى أراضي الدولة الأخرى. أعتقد أنه يتعين على القرم أن تحدد ولاءها وتقرر في انتخابات حُرة من الذي تريد الانضمام اليه". وقال رومان كوروليوف (24 عاما): "لا نريد بدء الحرب بين بلادنا واوكرانيا التي نعتبرها حكومة شقيقة بسبب الطموحات الامبريالية للنخب الحاكمة الروسية". ودفعت الشرطة المحتجين صوب أقرب محطة مترو واعتقلت أولئك الذين عصوا الأوامر باخلاء الشارع أمام الوزارة. وحسب جماعة "أوفدينفو" الحقوقية التي ترصد الاعتقالات أثناء التظاهرات، قالت: إن 352 شخصا اعتقلوا في احتجاجين مناوئين للحرب في وسط موسكو. الا ان الشرطة قالت انها اعتقلت 50 شخصا "لمحاولتهم الاخلال بالنظام العام" بحسب "انترفاكس" للأنباء. وقالت "اوفدينفو": إن العديد اقتيدوا الى مراكز الشرطة وجرى اتهامهم بمقاومة اوامر الشرطة، وهي التهمة التي يمكن ان تحمل حكما بالسجن لمدة 15 يوما. كما أعتقل العشرات في مدينة سان بطرسبرغ بعد ان شارك نحو 500 شخص في تظاهرة، بحسب مراسل "فرانس برس". لكن السلطات الروسية سمحت بتنظيم التظاهرات في العديد من المدن دعما لسياسة بوتين بالتدخل العسكري في اوكرانيا، حتى أنها أغلقت الشوارع الرئيسية في موسكو أمام حركة المرور للسماح بسير تلك التظاهرات. وقالت شرطة موسكو: إن 20 الف شخص شاركوا في تظاهرة داعمة للحرب، فيما عرض التلفزيون صورا لاشخاص يحملون أعلام روسيا، اضافة الى الأعلام القومية باللونين الاصفر والاسود ولافتات كتب عليها شعارات مثل "برافو بوتين". ونشر حزب "روسياالمتحدة" الموالي للكرملين على موقعه الالكتروني دعوة للمشاركة في التظاهرة وزعم ان المتحدثين باللغة الروسية في شرق أوكرانيا "يواجهون الاضطهاد والعنف لانهم يتحدثون الروسية ويشعرون بالمودة تجاه روسيا". وذكرت شرطة موسكو ان أنصار التدخل العسكري في شبه جزيرة القرم نظموا تظاهرة شاركت فيها نحو 50 سيارة تحت عنوان "لن نتخلى عن شعبنا".