هل هناك أي سيناريو محتمل لتحويل العراق إلى مجتمع عامل ؟ سؤال توجهت به إلى مسؤولين حكوميين ومحللين عسكريين وآخرين على مدى الأسابيع القليلة الماضية .كانت إجاباتهم، المتفائل منهم والمتشائم، توحي بأننا لو كنا سعداء الحظ، لدخل مستقبل العراق القريب ثلاث مراحل: المرحلة الأولى : ما قبل الانتخابات : يتفق كل شخص تقريباً على أن الحملة الدموية يسأل عنها المتمردون هذه الأيام . فالفوضى تنتشر و الطائفة السُنية تنحاز إلى المتمردين .حتى أن صور السيارات المفخخة على شاشات التليفزيون لا تنقل حالة الرعب التام للموقف. إنها لا تنقل الإعياء الحقيقي للشعب، وهو يعيش شهراً بعد شهر بقليل من الدفء وكهرباء متقطعة، ولا حتى حدة العيش مع الجريمة و العنف، ولا القلق العام لمعرفة ما إذا كان أطفالهم قد أبيدوا .. هناك شعور قوي بالرغبة في الديمقراطية في العراق مع حاجة ماسة لحكم القانون .فقد نشرت صحيفة "الصباح" مؤخراً استطلاعاً لرأي 4974 عراقيا يعيشون في بغداد وضواحيها، تؤيد نسبة 88 في المائة منهم شن عمل عسكري ضد الإرهابيين . ويظهر استطلاع للرأي أجراه المركز العراقي للبحث و الدراسات الاستراتيجية أن عدو المتمردين الأول، رئيس الوزراء العراقي إياد علاوي، هو الرجل الأكثر شعبية و المرجح أن يكون قائداً للبلاد . في هذه المرحلة .. مرحلة ما قبل الانتخابات، نرى جانبين للوضع : تفكك المجتمع، وفي نفس الوقت، صعوبة التصميم على خلق بلد طبيعي شرعي . المرحلة الثانية : بناء المؤسسات : وهو أحد الصراعات ما بين المجددين العلمانيين و المتعصبين للدين .ففي العراق، أكثر المنادين للديمقراطية هم تماما قادة المسلمين التقليديين . فمثلما جاء على لسان رويل مارك جيريتشت في دراسته (مفارقات إسلامية): التزامهم بالديمقراطية حقيقي وهو نتاج لثورة فكرية صادقة . من المحتمل أن تتصدر قائمة المرشحين التي يدعمها السيستاني التصويت القادم .فهم، على الرغم من تشككهم في الأمريكيين وتقهقرهم في حقوق المرأة، إلا أنهم قد حقنوا دماء حرب أهلية بمطالبتهم القوات الشيعية عدم الانتقام من الإرهابيين .كما أنهم سيدخلون زعماء السنة في عملية كتابة الدستور حتى لو لم يمتلك السنيون أنفسهم القدرة على التصويت. سوف يواصلون كتابة إحدى القصص القليلة الناجحة حتى الآن، وهي قصة بناء المؤسسات السياسية : الاتفاق، والاختلاف، وتعلم المشاركة في السلطة . المرحلة الثالثة : ما بعد المنطقة الخضراء : وصول حكومة جديدة سوف يعني أيضاً نهاية السلطة الأمريكية المسيطرة . سوف تبدأ الحكومة الجديدة بقيادة الشيعة مناقشة متى يجب رحيل الأمريكيين من بلادهم .سوف تصنع الحكومة الجديدة من جديد جهاز المخابرات . وسوف تحول العسكريين، وربما تستقطب أعضاءً من لواء بدر، المدربين في إيران، للانضمام إلى عناصر بعثية سابقة . سوف يكبر الجيش وتكون لجنوده في النهاية حكومة عراقية حقيقية يدافعون من أجلها.