في وقت ليس ببعيد ، كانت البيانات الشعبية لرجل الكرملن الأول لها أهمية كبيرة من منظور السياسة الجغرافية. ففي تلك الفترة ، بدا العالم على أنه مقسم بين قوتين عظميين يدعمان نظاما وصف بأنه ثنائي القطبين. ولكن عندما وجه فلاديمير بوتن رئيس روسيا ، مؤتمراً صحفيا مثيراً للغاية في نهاية العام، تحدث فيه كقائد سلطة إقليمية مضطربة تعاني انخفاضا ديموغرافيا، حط من قدر بلاده إلى دولة غير حرة في نظر مجموعة حقوق الإنسان .. الأمر الذي أخاف الأسواق الرأسمالية بسبب سيطرة روسيا المبيتة على الموجودات البترولية لشركة الطاقة العملاقة يوكوس ، كما أنه ألحق الخزي لنفسه عندما رفض المقترعون في أوكرانيا الخيار الذي عرضه عليهم بأن يكون الرئيس التالي لبلادهم . وعلى النحو الذي يروق للرجل المتنمر محلياً، الذي يضرب الضعفاء و لا يرغب في إهانة اللاعبين الكبار في الساحة الدولية، انتقد بوتن بقسوة أحزاباً عديدة لا تزال توجه نقدها للكرملين في حين أثنى على الرئيس بوش بأنه رجل محترم جداً ومستقيم. وبالنظر إلى خلفية بوتن الفاشستية المتزايدة ، فإن إزدراءه حكم القانون و مجتمع مدني مستقل ، و حربه المستمرة بوحشية ضد الشيشان ، ومدحه الرئيس بوش ، ماهي إلا مسائل يجب أن تدفع إلى الحذر أكثر منه إلى العرفان. كما انتقد بوتن بشدة رئيس بولندا، ألكساندر كواسنيويسكي، على سعيه لتشجيع قرار سياسي سلمي بشأن الصراع المشتعل إزاء الانتخابات الرئاسية غير العادلة التي بدأت في أوكرانيا في 21 نوفمبر . وكان رد فعل بوتن على مقولة كواسنيويسكي بأن روسيا ستكون في حالة أفضل بدون أوكرانيا، هو التلميح بأن الرئيس البولاندي كان يتحدث بصفته فرد يبحث عن وظيفة بسبب انتهاء فترة عمله. ولعل السبب الخفي الذي دفع بوتن للقول بذلك هو أن كواسنيويسكي قناع لمصالح الولاياتالمتحدة في الاتحاد الأوروبي وفي أوكرانيا. وقد قال بصراحة إذا كان تصريح كواسنيويسكي بأن روسيا ستكون في حالة أفضل بدون أوكرانيا يعني الحد من قدرة روسيا على تطوير علاقات مع جيرانها ، فإن ذلك يعنى الرغبة في عزل الفدرالية الروسية. إن تصور تدبير مؤامرة غربية لعزل روسيا يعطي انطباعاً بما يقال عن بوتن بأنه مصاب بجنون العظمة ، ويدل على رهبته من رؤية الغرب يستميل الجمهوريات السوفيتية السابقة التي يريدها نظام المخابرات القديم ، كيه . جيه . بي ، و قدامى المحاربين حول الرئيس بوتن بأن تكون في منطقة النفوذ الروسي .وأكد بوتن في مؤتمره الصحفي: لا أعتقد أن هذا هو الهدف من سياسة الولاياتالمتحدة، ولكنه قال إنه سيسأل الرئيس بوش عن ذلك عندما يجتمعان في سلوفاكيا في فبراير. يجب أن يشرح بوش لبوتن أن الكرملين يعزل نفسه في أوكرانيا وفي الشيشان و في الأسواق الرأسمالية حول العالم.