احتفى الروائيون والكتاب مؤخراً بالذكرى الخامسة والثمانين لولادة الروائي والصحفي إحسان عبدالقدوس الذي عُد مدرسة صحفية قائمة بذاتها نظراً لما قدمه للصحافة من أفكار جريئة ومتميزة، فضلاً عن تشجيعه المواهب وتحفيزه الكفاءات الشابة لكي تأخذ دورها في الحياة الصحفية التي اختفت روحيتها من الصحافة المصرية بحسب الاستطلاع الذي أجرته "اليوم" لعدد من مجايليه وقارئي حياته وأعماله.. وفي البداية وصف الكاتب والروائي فؤاد قنديل إحسان عبد القدوس بأنه يمثل خبرة الأمة العربية في كافة أزماتها، ويعد من ابرز كتاب القرن العشرين، ومع ذلك فانه لم يأخذ حقه في التكريم والتأصيل التاريخي وما كتب عنه لا يوازي 1في المائة مما قدمه لوطنه وللامة العربية. وعاد قنديل ليؤكد أن عبد القدوس اتسم بصفات لم تتوافر لأحد منها الأصالة والصدق مع الناس واتسمت أيضا بموهبة واعية استطاع من خلالها أن يبلور الروح المصرية، واعتبر قنديل أن إحسان عبد القدوس كان الرائد الحقيقي للرواية في مصر وخارجها بمعنى انه صاحب الدور في نشرها على المستوى العربي وليس بمعنى انه أول من كتبها. وعن البعد السياسي في شخصيته قال الدكتور مصطفى الفقي إن اسم إحسان عبد القدوس سيبقى علامة فريدة في تاريخ الحياة السياسية والأدبية والفنية فهو شخصية متعددة الجوانب استطاعت أن تجمع بين الكاتب والصحفي والروائي والسياسي .. وقد مكنته موهبته من حفظ تاريخ الحضارة العربية والإسلامية فكان أشبه بالموسوعة التاريخية وكانت شخصيته من الشخصيات الأفقية التي تستحق الاحترام والتقدير، مشيراً إلى أن كتابات عبد القدوس السياسية في الأربعينات ومجموعة المقالات السياسية التي كشفت الأسلحة الفاسدة، مما عرضه لضغوط قوية لم يتعرض لها أحد من الكتاب .. هذا بجانب كتاباته السياسية ورواياته في فترة الستينيات التي فرضت نفسها بقوة على مناقشات مجلس الأمة في وقت كان فيه المجتمع المصري يغلي من المشاكل التي كان يتعرض لها في ذلك الوقت. وأكد الفقي أن عبد القدوس يمثل تاريخاً لعصره ومرحلة من مراحل الشعب المصري وحياته، حيث استطاع أن يعبر بكتاباته عن الأمة ووظف قلمه في نزاهة ووضوح وموهبة ثرية كي يعبر عن كيان الشعب في كل مراحله. الروائية فوزية مهران قالت إن عبد القدوس لعب أدوارا متعددة في حياة الوطن بل والأمة العربية فهو الكاتب والروائي والصحفي وصاحب الفكر التقدمي وان إبداعه يمثل مدرسة جامعة بين حب زملاء العمل وتشجيع النشء على التفتح والازدهار وقد أدت هذه المدرسة إلى إنشاء مجلة من اعرق المجلات من حيث التأثير والتي تعتبر وجبة متكاملة للقارئ حيث استطاع أن يقدمها على أسس من الوعي والنضال والنقد الواعي والإحساس بالمسئولية القومية .. رافضاً أن تكون الصحافة بوقاً للسلطة او مجرد دعاية وترويج لسياساتها. وأكدت مهران أن إحسان عبد القدوس هو أول من استطاع أن يطوف في شخصية المرأة ويشخصها مما ساعدها على تحقيق ذاتها واكتشاف نفسها كما انه برع في تصوير كل رغباتها فكان رائداً في اكتشاف عالم المرأة في مجتمع كان يتنفس برئة واحدة هي رئة الرجل. أما الكاتب محمد عودة فقد أطلق على شخصية عبد القدوس لقب "المايسترو" نظراً لبراعته في توظيف كل كاتب في المكان المناسب والذي استطاع بذلك أن يجعل مجلة روز اليوسف وجبة متكاملة تحمل بين صفحاتها المعلومة السياسية والاقتصادية والفنية والأدبية في تنسيق وحرفية شديدة جعلتها مرجعاً للدارسين والباحثين ليس في وقتها وإنما في الماضي والحاضر والمستقبل مؤكداً أن كتابات عبد القدوس لم تثر الحياة السياسية والأدبية والاجتماعية في عصره فقط وإنما امتدت آثارها لما بعد ذلك وحتى وقتنا الحاضر نظراً لما كان يتمتع به عبد القدوس من نظرة مستقبلية للأمور. الكاتب الصحفي رؤوف توفيق قال إن عبد القدوس يمثل مدرسة صحفية متكاملة لم يعد لها وجود حقيقي في عالم الصحافة المصرية الآن فقد كان الرجل يتمتع بشخصية إدارية على مستوى عال من القدرة والكفاءة واحترام الرأي والرأي الآخر مما جعل المؤسسة الصحفية داراً حقيقية خرجت أجيالا وذلك بفضل إدارته لها ليس من منطلق انه صاحب القرار ولكن من منطلق إيمانه بدور كل فرد في الكتيبة الصحفية وقدرته على خلق جو من الود والحب فيما بين الزملاء جميعهم وهو جو تفتقده الصحافة المصرية الآن. مصطفى الفقي