من عبق الحضور المميز وروح التواجد المتألق .. كان هذا التوهج الإنساني النبيل .. الممطر .. بمن جمعت ما بين الحسنيين العلم والأدب .. هي كاتبة رواية صمت يكتبه الغياب ؟ انها سعاد محمد جابر من مواليد الطائف تلقت التعليم العام بمدينة الرياض وكانت الدراسة الجامعية بالقاهرة ثم دبلوم الأطفال من ايرلندا ثم حصلت على شهادة الزمالة العربية وحاليا عضو هيئة تدريس وأستاذ مشارك طب الأطفال بجامعة الملك عبد العزيز ومن ناحية العمل التطوعي عضو مجلس إدارة بجمعية أصدقاء الثلاسيميا وعضو الجمعية الخيرية الأولى وعضو في جمعية أطفال السجينات بالقاهرة ومستشارة منظمة الأسرة العالمية التي مقرها باريس .ولها رواية ثانية ولها مجموعة سلسلة للأطفال أنا وطبيبتي أصدرت منها 6 أعداد من ضمن موسوعة أدب الأطفال السعودي. استضافتها (الندوة) عبر هذا الحوار الممتع. | ماذا تريد أن تقول د. سعاد من خلال روايتها ؟ || كتبت عن مشاعر المرأة في سن الأربعين بعد بناء الشخصية المكتملة أسريا ووظيفيا واستقرارا وشعورها بالفراغ وخاصة الفراغ العاطفي والفرق في التعبير بين مشاعر المرأة والرجل حينما تحب المرأة وحينما يحب الرجل والعطاء من ناحية المرأة قد يقابله شىء من الصد من ناحية الرجل وبعض من التعالي الذكوري إذا كشفت عن عواطفها . الرواية السعودية | ما سبب عدم تواجد الرواية بالأسواق السعودية ؟ || هي للأسف طبعت ونشرت في مصر و الناشر ليس له اتصالات وبالتالي لم توجد بالأسواق السعودية بالرغم من أن الرواية مصرحة للنشر هنا في السعودية كما عرضت في معرض الكتاب بالقاهرة وكانت الطبعة الأولى حوالي 1000 نسخة وقد نفدت كل النسخ وبعد التعديل سيتم بإذن الله طباعتها في داخل السعودية حتى تكون متوفرة بالأسواق السعودية . | هناك نقاد عرب طالبوا بترجمة روايتك (صمت يكتبه الغياب) بل ذهب البعض لمقارنة روايتك برواية عمارة يعقوبيان لعلاء الأسواني ؟ فما رأيك ؟ || لا يوجد تشابه لأن الأسواني كاتب كبير ومتمرس وأخذ شريحة من المجتمع تسكن في عمارة باختلاف الثقافات والمعطيات والبيئة والمعتقدات السياسية والخلفيات الاجتماعية بينما أنا كتبت في جانب واحد العلاقة العاطفية بين الرجل والمرأة وكتبت في جزء منها عن تأثير الوضع العربي و حمل المرأة لهموم العروبة وحيرتها بين قضاياها و هم عدم احساس الرجل بها. | ماذا تعني لك هذه العبارة إننا نشم رائحة مصطفى صادق الرافعي في كتبه السحاب الأحمر ، أوراق الورد ، رسائل الأحزان والشاعر محمود حسن إسماعيل صاحب التراكيب الفريدة في الشعر والأدب في ديوان ( أغاني الكوخ) هذه المدارس البلاغية البديعة من الكاتب المعروف أنيس منصور بعد أن قرأ روايتك ؟ وفي المقابل البعض من النقاد يرى أن روايتك ركزت على النواحي البلاغية مما عزز ضعف الحبكة القصصية ؟ فما ردك على ما قيل ؟ || هي شهادة أعتز وأفتخر بها وكانت حافزاً للاستمرار ودعماً من الكاتب أنيس منصور وهو للأمانة كتب في أكثر من مقال عن الرواية هي تجربة أولى لي في الكتابة كان الهدف منها الأسلوب والمعنى والوصول للطرف الخفي في العلاقة بين الرجل المرأة ولم يكن الهدف منها الحبكة القصصية والسبق الأدبي والانتشار حتى لم أحاول جاهدة نشرها في المكتبات من يسألني عنها أعطيه نسخة منها وبالرغم من ذلك لقيت الاستحسان من كثير من الأدباء السعوديين كالأديب عبدالله الجفري والأستاذ محمد صادق دياب وكتب عنها الكاتب فؤاد عزب وغيرهم . بطل الرواية | الروائي دائما بطل لروايته التي يكتبها فهل ينطبق ذلك على روايتك ؟ || دائما المرأة حين تكتب يوجه لها إصبع الإتهام بأنها تكتب سيرة ذاتية لكن روايتي تحمل ملامح كثير من النساء وتجميع لأحداث كثيرة من احتكاكي بالناس وعلاقاتي الكثير بصديقاتي سواء هنا أو بالقاهرة وأتمتع بثقة صديقاتي وبحكم عملي كطبيبة وفي كذا جمعية تتكون لدي خلفيات كثيرة بأخذ كل المواضيع بنظرة الأدبي والخلفية السيكولوجية للمشكلات سواء كانت لبناتي أوصديقاتهن أو صديقاتي وأمهات المرضى لا تعكس شخصية واحدة وإنما عدة شخصيات وفيها جزء كبير من الحقائق وخلاصة مواقف تعرضت لها مجموعة من السيدات وحاولت أخذها في صورة وحدة وأصنع منها نسيجاً واحداً لدرجة البعض من صديقاتي يقلن إن هذا الجزء يشبهني ويعبر عني وقلت الذي كنت أتمنى أن أقوله ، حتى إهدائي كان بعنوان إلى كل امرأة عاشت في منطقة الحرمان فأهديته لكل النساء . بوح صادق | يبدو أنك منتصرة للمرأة في أعمالك الأدبية لماذا هذا الانحياز للأنثى ؟ || هو إنصاف للمرأة وليس تحيزاً ولأن مساحة البوح عند المرأة ضيقة و صادقة لكن المشكلة من الرجل الذي يفصل المشاعر كيفما يريد وينتقي منها ما يريد وإذا كان بمزاج جيد فهي حنونة وإذا كان في مزاج سيء هي ضعيفة وعاطفية والحياة تريد الجدية لكن عاطفة المرأة تكون صادقة سواء كانت الأم أو الزوجة أو الأخت لكن الغالبية من النساء عاطفيات وصعب عليهن اخفاء مشاعرهن وكبتها واجد في الفترة الحالية أن الزمن تغير ورتم الحياة أصبح سريعاً وكل شىء تغير والمرأة الآن أصبحت تتنازل عن عاطفتها مقابل أي تحد ولم يعد لديها القدرة على الإخلاص لهذه العاطفة وصارت القرارات سريعة بسبب سرعة عجلة الزمن و ماعاد هناك وقت لطولة البال والتفكير والقدرة على التفاني في الحب الذي اختارته . بنات الرياض | فجرت رواية (بنات الريا ض) لرجاء الصانع جدلاً ثقافياً حول حدود المسكوت عنه ؟ فما رأيك في الروائيات السعوديات اللاتي يكسرن هذا الحاجز حاجز المسكوت عنه ؟ || لم أقرأها ولم تكتب لمن هم في سني بمعنى أنها ليست الأفكار التي تتملكني فأنا أقرأ في الأدب العالمي ليس تقليلاً من حجم الرواية وإنما لم أشعر بأنها شدتني وهناك الكثير من الروايات وكان هناك ندوة من حوالي سنة في القاهرة عن الأدب السعودي وحاولت أن أجمع الروايات التي كتبتها الأديبات السعوديات وكان كثير منها رائعاً و يمثل المجتمع ويمثل نسيجاً اجتماعياً وبنية اجتماعية وكأي نسيج اجتماعي فيه الجيد والسيء لكن أن آخذ الجانب السيء وعيوبه وأسلط الضوء عليه من أجل الشهرة بالنسبة لي أمر مرفوض نحن كمجتمع سعودي مجال خصب للحديث عنا كمجمتمع مغلق فكون أحد من داخل المجتمع يكتب من حقه أن يكتب لكن يجب عليه أن يتحرى الأمانة في كل ما يكتب وكمجتمع توجد الجوانب السيئة ولكن ليس السيء هو كل المجتمع توجد جوانب أخرى وأتمنى أن تؤخذ في عين الاعتبار الجوانب النفسية للمرأة ومعاناتها في إثبات ذاتها ومعاناتها أن يكون لها كيان في المجتمع هذه هي مشكلة المرأة السعودية الحقيقية وليست مشكلتها بأننا مجتمع مغلق ويوجد فيه تسيب اخلاقي في نواحٍ كثيرة ليس صحيحا بأن هذا هو المجتمع السعودي وأعود وأقول من جديد لم أقرأ بنات الرياض فلا أستطيع أن أحكم عليها ولكنها لقيت نجاحاً وأتمنى من الكاتبة الاستمرار و أن تكتب بعمق أكثر وتبتعد عن السطحية فليس الهدف منها السبق الأدبي وغيرها مثل رواية أولاد الرياض فقط هدفها الكسب المادي فلا أعتبرها رواية وإنما تعتبر رواية سواليف ورواية العودة للخف موضوعها مكرر رغم أن أسلوبها جميل لكنها لا تعتبر من الأدب وإنما تظهر كفقاعات أدبية . تصنيف الأدب | رؤيتك لتصنيف الأدب النسوي والأدب الإسلامي ؟ || يوجد هناك تصنيف للأدب ويوجد الأدب النسوي والذي يتعلق بمشاكل المرأة وحقوقها وتتمثل فيها روايات كثيرة منها رواية الكاتبة هيفاء بيطار عندما كنت رجلا وتناقش مواضيع كثيرة مثل المساواة وحق المرأة في حرية طلب الطلاق والعمل وغيرها ويناقشها خطوة بخطوة لكن هناك كتاباً كثيرين كتبوا عن المرأة وباسمها وبلسانها كإحسان عبد القدوس وغيره ولا يصنف بأنه أدب نسوي لكن عندما تكتب المرأة عن قضيتها تكون هي أكثر مقدرة على التعبير والتجسيد من الرجل سواء كتبت عن عاطفتها أو عن حقوقها المهدورة . صالونات أدبية | الصالونات الأدبية النسائية تشكل حضوراً متواضعاً في النسيج الثقافي لماذا ؟ || توجد صوالين أدبية وكنا أنا وبعض العضوات كونا صالوناً اسمه صالون المها الأدبي وكان الحضور جيداً والنقاشات جدا ثرية ومستواها أدبي رفيع واللقاءات كانت شهرية ومنتظمة بالرغم من انها جهود فردية وتوقف الصالون بسبب إعادة الهيكلة لجميع الصوالين الأدبية وجمعها تحت مظلة واحدة لكن اجمالا ما الذي يجعل الحركة الأدبية والصوالين النسائية لا تظهر في المجتمع السعودي ؟ لانها لجنة منبثقة من لجنة ذكورية تحت سلطة الرجل هو من يعطي التصريح وهو من يدير النقاش وهو من يحدد البرامج الأدبية. الرجل حتى النادي الأدبي للآن النقاش يدور من خلال الدائرة التلفزيونية المغلقة النقاش الأساسي يكون في غرفة من قبل الرجال ونحن نتابع من خلال التلفزيون وهذا لا يعطي التفاعل الحقيقي ومع ذلك نحاول أن ننمي هذا النادي . الطب والأدب | كيف توفق الدكتورة سعاد بين مهنتها كطبيبة و هوايتها كروائية ؟ || الحمد لله أعطي كل شي حقه وبالعكس مهنة الطب بتغذي الجانب الفكري والأدبي في كتباتي وكذلك الجانب الاجتماعي وما في داخلي كثير لم أعبر عنه حتى الآن . فالطبيب كأي إنسان يشعر ويحس وينفعل وبالنسبة لي كتبت عن المرأة أكثر كوني طبيبة أطفال علاقتي قوية جدا بمرضاي وأتعامل مع الأم والطفل وفي بعض الأحيان تحضر الأم للعيادة من دون الطفل لمناقشة بعض مشاكلها النفسية وتنتهي الزيارة باستشارة اجتماعية لحل مشكلة ما إما مع الزوج أو الأولاد وشعرت بأن كثيراً من النساء لم يشعرن بالعاطفة وبقدرتهن على التعبير عن عاطفتهن ، من خلال البوابة الأدبية احاول أن أجسد مشاعرهن ليس فقط من ناحية طبية علاجية فالمرأة إذا أرادت التعبير عن عاطفتها لا تستطيع أن تعبر عنها أو لثقافة العيب والحياء وفي نفس الوقت الرجل دائما يحجم مواقف المرأة ولا يعطيها قدرها وحجمها الصحيح والاختلاف في التقدير وإجمالا الرجل الشرقي يكون عنده تحجيم لعواطف المرأة خاصة لو كانت معطاءة ويعتبره ضعفاً من المرأة أن تعبر عن عاطفتها . | ماذا تعني لك الكتابة ؟ || الكتابة تنفيس واتصال روحي وحينما أفكر في أي موضوع أفكر به بأسلوب يمكن أن يصاغ كرواية بالرغم من اني غير ملتزمة بالكتابة وإنما أصيغ أفكاري في شكل خواطر ولا أكتب إلا عندما يكون بداخلي اندفاع لا يتوقف . تأثير منيف | بمن تأثرت الطبيبة سعاد ؟ والكاتبة سعاد ؟ || في كتاباتي قرأت كثيراً وأكثر أسلوب في الكتابه يشدني أسلوب الكاتب عبد الرحمن منيف لصعوبته أما سعاد الطبيبة تتأثر بالإخلاص في العمل بغض النظر عن الجنسية وأحيان الموقف هو من يؤثر فيَّ وأتأثر به أكثر من الأشخاص . | من شجعك على الكتابة ؟ || انا شجعت نفسي بنفسي وكنت أتوقع وجود معارضة من البعض لكن وجدت تأييداً من زوجي جميل فارسي ومن الناس من حولي منهم صديقاتي نبيلة محجوب و شفيقة الجزار ولهم الفضل في تشجيعي على النشر وليس الكتابة | رأيك في قراء اليوم وقراء الأمس ؟ وتوجهاتهم ؟ || إجمالا القراءة قلت مع وجود الإنترنت والالتزامات الأخرى وكل هذا مقتطع من وقت القراءة الحرة وقل الإقبال على الرواية بسبب الانشغال بقضايا المجتمع والأحداث الكبيرة من حولنا في العالم العربي والإسلامي فنجد أن النهار لا يطول لكنه امتلأ.. لكن لايزال هناك القراء الجيدون . | من قارئ كتابات د. سعاد الأول ؟ || في كتاباتي تقرأ مسوداتي الكاتبة المصرية نوال مصطفى وهي كاتبة روائية وصديقة مقربة . | بمن تهتم د. سعاد في كتاباتها ؟ || آخذ برأي كل الناس وأضع ملاحظاتهم في عين الاعتبار وخاصة ممن يمتلكون حساً أدبياً وحاليا زوجي قرأ روايتي الجديدة وهو صدقا لا يعترض على الفكرة وإنما يعترض على الأسلوب لوجود بعض الغموض لكن الأفكار من بنات أفكاري ولكني صدقا أهتم بكل نقد وأضعه في عين الاعتبار . | هل توجد أعمال جديدة ؟ || رواية جديدة تتمثل في صراع المرأة التي وضعتها الظروف في هذا الصراع وأين هي من كل الهموم التي ساهمت في تخفيفها و بعد أن مر بها الوقت وتوالت الأعوام أين هي من كل الهموم التي حملتها من كل هذه الصراعات؟ .