يعيش السكان السابقون لدييجو غارسيا منذ أن طردوا من جزيرتهم التي تحولت إلى قاعدة عسكرية أمريكية، أوضاعا صعبة في جزر موريشيوس بعدما تركوا ممتلكاتهم فيها.. ويتقاسم رجل مسن يبدو عليه الإنهاك والنحول مع 26 آخرين مسكنا صغيرا من ثلاث غرف في جزيرة موريشيوس التي استقبلته منذ طرده من دييجو غارسيا. ويذكر لويس اونيسيمي (77 عاما) الذي كان يجلس في مقعد غطاه بأقمشة بالية ووسائد قديمة (كنا سعداء هناك.. كنا نأكل السمك ونتغذى بشكل جيد). ويضيف (لا احب أن أعيش هنا لأن الأسمدة تستخدم في زراعة الخضار والفاكهة لا فيتامينات فيها.. هناك كنا في الجنة)، ويعني هذا الرجل العجوز بكلمة هناك دييجو غارسيا الجزيرة الواقعة في وسط المحيط الهندي في منتصف الطريق بين أفريقيا وإندونيسيا، في موقع غير بعيد عن آسيا الوسطى والخليج. ففي 1965، عند استقلال موريشيوس التي كانت مستعمرة بريطانية، قررت لندن الاحتفاظ بارخبيل شاغوس الاستراتيجي جدا الذي يتألف من ستين جزيرة بينها دييجو غارسيا مع أنها كانت خاضعة لادارة موريشيوس.. ودانت الأممالمتحدة من دون جدوى هذا الإجراء الذي (يفتت) موريشيوس. وفي اوج هذه القضية، قامت بريطانيا بتأجير دييجو غارسيا التي تبلغ مساحتها 44 كيلومترا مربعا خمسين سنة للولايات المتحدة التي حولتها إلى قاعدة عسكرية. ومنذ ذلك الحين تم إفراغ الجزيرة التي كان يقيم فيها نحو ألفين من السكان الأصليين ومعظمهم من أحفاد العبيد، ونقلهم إلى موريشيوس. وقال اونيسيمي (في 1966 ذهبت للتسوق في موريشيوس) التي تبعد خمسة أيام بالبحر.. وأضاف (لم يسمح لي بالعودة.. قالوا لي إن الوضع تغير.. ومنذ ذلك الحين أصبحت حياتي معاناة.. لقد تركت كل حيواناتي والاثاث الذي املكه هناك). ولا يملك هذا الرجل اليوم اكثر من كنبة وثلاثة كراس وخزانة قديمة وأربع فرشات... وهذه القطع لاسرة تضم 27 شخصا لا يعمل أحد منهم. وقال اوليفييه بانكو رئيس مجموعة لاجئي شاغوس أن (معظم سكان تلك الجزر (شاغوس) ويبلغ عددهم ثمانية آلاف يعيشون في ظروف صعبة جدا). ويقيم هؤلاء في احياء فقيرة بدون أي مورد غير قادرين على الاندماج في المجتمع. وقال بانكو ان الحكومة البريطانية قدمت في السبعينات تعويضات تبلغ حوالي 57 ألف روبية أي حوالي 7500 دولار بالقيمة الحالية، لكل واحد منهم، موضحا أن (هذا المبلغ يكفي بالكاد لشراء قطعة ارض مع منازل متداعية). ويطالب سكان الجزيرة المطرودون حاليا (بتعويضات بحجم اقتلاعهم من جذورهم).. وقال بانكو انهم كسبوا دعاوى قضائية إحداها أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. واعترفت جيني سيلفا السكرتير الثاني في السفارة البريطانية في موريشيوس ان (أهل الجزيرة يعيشون في ظروف صعبة) لكن هذا (ليس ناجما عن وضعهم). ويرى كثيرون من هؤلاء المهجرين ان الحل يكمن في العودة إلى جزيرتهم لكن بريطانيا تمنعهم من الانتقال اليها.. وقال بانكو إن (الأمريكيين لا يريدون أي شخص آخر غير العسكريين في الجزيرة خوفا من تسلل جواسيس أو إرهابيين). من جهته، قال ايرفي لاسميانت رئيس اللجنة الاجتماعية لسكان شاغوس (لا شك إن هناك إسلاميين أيضا يريدون ضرب الأمريكيين في شاغوس). يذكر أن قاعدة دييجو غارسيا التي يعيش فيها نحو ثلاثة آلاف عسكري و12 ألف شخص يعملون لدى الجيش الأمريكي كانت قاعدة لقاذفات (بي-52) في حرب الخليج في 1991 وافغانستان في 2001.. وكانت قاعدة أساسية خلال الغزو الأمريكي للعراق.. لذلك تبدو عودة السكان الأصليين الى أرضهم هدفا بعيد المنال. وقال اونيسيمي (كنت أتمنى أن أرى جزيرتي قبل أن أموت لكن الأمل يتضاءل).