في عالم «كرة القدم» ليس عيباً أن تخسر، فاللعبة تتأرجح بين المكسب والخسارة، ولكن من العيب أن تخسر دائماً من دون أن تعرف طريقاً للفوز، ومن دون أن تصلح الأخطاء التي أدت إلى الخسارة، ومن العيب أن تستقبل «الهزيمة» بروح غير رياضية فتركل وترفس وتضرب الخصم أثناء أو بعد المباراة، مهما كانت الأسباب أو المبررات، كما أنه من العيب في رأيي الشخصي أن تتمنى الهزيمة ل«سفير وطنك»، وتشجع بحماسة فريقاً «كورياً»، وتقفز مع كل هدف يسجله في أبناء بلدك، بل وتتمنى تسجيل المزيد من الأهداف في نادٍ ينتمي لوطنك! اختلفت مع مجموعة من الأصدقاء حول مفهوم «الوطنية» في عالم تشجيع «كرة القدم» على مستوى الأندية، فهناك من قال إن «الوطنية» غير مُلزمة في عالم «الأندية»، وهي مُلزمة فقط في عالم «المنتخبات»، ومنهم من قال إن «كرة القدم» لعبة للتسلية، ولا مجال لإدخال مفهوم كبير مثل «الوطنية» بها، وآخرون أكدوا أنهم «برشلونيون» ويعشقون أغنية «حبيبي برشلوني» التي غناها الإماراتي الشهير حسين الجسمي، ومع ذلك فإنهم لا يشعرون لانتمائهم لاسبانيا لمجرد حبهم للنادي «الكاتالوني». وقد تكون آراء الأصدقاء صحيحة، ولكن شخصياً كنت أرى بأن «الانتماء الوطني» يحتم علينا تشجيع وتأييد أي «سفير»، لهذا الوطن في أي مجال مهما علا شأنه أو صغر، أما مسألة تشجيع فريق من «كوريا» ضد فريق ينتمي لبلدي لأنه تأهل بدلاً من فريقي المفضل، فهي مسألة يندر أن نجدها في العالم، الذي يعتبر أن أي انتصار يحققه أي إنسان في أي مجال هو «قيمة مضافة» للوطن، وخطوة في طريق تقدمه ورفعته. شخصياً، لم تحزني هزيمة «ريال جدة» من «أولسان هيونداي»، لأن الفريق الكوري هو ببساطة أفضل فريق آسيوي ويستحق اللقب القاري عن جدارة، وهو فريق مدعوم من شركة سيارات عملاقة ولديه مدرب خبير استطاع قراءة الخصوم وتفكيكهم، ولديه لاعبون محليون وأجانب على مستوى مميز، ولكن ما أحزنني بحق، هو أن أجد من يفرح لهزيمة النادي الأهلي، ويتمنى ولوج المزيد من الأهداف في مرماه حتى تصبح «فضيحة» للنادي «الأخضر» في مباراته النهائية على الكأس الآسيوية، ومصدر حزني أن هؤلاء المشجعين «الصغار» لم يدركوا معنى أن يلعب نادٍ محلي باسم «الوطن»، وهم حتماً لم يدركوا ما الذي يعنيه أن يُرفع علم بلادك في المحافل الرياضية الدولية. وقد أدركت وغيري منذ زمن أن آفة الرياضة في المملكة هي «التعصب»، ولكن لم نكن ندرك أبداً أن هذه الآفة ممكن أن تصل إلى هذه الدرجة، والمشكلات أن البعض أصبح ينتمي لناديه المحلي أكثر من انتمائه لمنتخب بلاده، فيشجع المنتخب إذا ضم نجمه المفضل من فريقه المحبوب، ولا يهتم بالمنتخب إذا لم يضم هذا النجم، وهكذا يصبح التشجيع مرتبطاً بلون النادي حتى في المنتخب، أما مسألة «سفير الوطن» فهي غير معترف بها عند البعض نهائياً! وقد كانوا يقولون قديماً: «أنا وأخي على ابن عمي، وأنا وابن عمي على الغريب»! وللأسف أننا أصبحنا في هذا الزمن نردد: أنا والغريب على أخي! ويا زمان العجائب. [email protected]