عيد الأضحى المبارك مناسبة عظيمة لتتصافى النفوس, وتتصالح القلوب, والشعور بفرحة غفران الذنوب في وقفة عرفات, حيث يعود الناس كما ولدتهم امهاتهم بلا ذنوب او اثام. لقد سن ابو الطيب المنتنبي للناس سنة غير حميدة حين سود صفحة العيد بداليته المتشائمة فقال: عيد بأية حال عدت يا عيد لما مضى.. ام لأمر فيه تجديد أما الأحبة فالبيداء دونهم فليت دونك بيدا.. دونها بيد ولكني لست مع تشاؤم المتنبي فالرسول عليه افضل الصلاة والتسليم عندما قدم الى المدينةالمنورة وجدهم يحتفلون بعيدين فقال: كان لكم يومان تلعبون فيهما فأن لكما الله خيرا منهما, يوم الفطر ويوم الاضحى. وبرغم الاحداث الدامية التي تمر على عالمنا العربي والاسلامي الا ان تعديل المزاج بجرعة من الفرحة الغامرة, والضحكة الصادقة واستعادة البراءة الطفولية قد يعيد تشكيل النفس ويجدد عزيمتها ويرفع همتها. ان العيد جزء من نظام الامة الرباني, يصل ماضيها بحاضرها, وقريبها ببعيدها, ويربي ناشئتها على الانتماء الحق لها, ويربط افراحها بشرائع دينها التي هي معراجها الى الكمال والقوة والانتصار. وفرحة العيد كبيرة في النفس للكبار قبل الصغار, فهي لاتكتمل الا برؤية ابنائنا الصغار وقد ازدانوا باجمل الثياب واحلاها, لايحلو ذلك اليوم الا بلمة الاهل والاحباب والاقارب, فكل منا انشغل في دوامة الحياة التي ابعدته عن التواصل مع اهله واصدقائه ولكنه يعود ليحتضنهم ويبارك لهم بالعيد ويجتمع معهم على مائدة واحدة, فالفرحة التي تعم البيوت في هذا اليوم واضحة وجلية وصادرة من القلب الذي تغادره الاحقاد والضغائن, لاسيما ان عيد الاضحى ياتي عقب وقفة عرفات الكبرى حيث تغفر الذنوب والاثام. ما اجمل ان نسمع في هذا اليوم دعاء الحجيج بزي الاحرام الابيض الطاهر على صعيد عرفات لبيك اللهم لبيك.. لبيك لا شريك لك لبيك, ما اجمل ان نرى في هذا اليوم المهنئين من الرجال يدخلون من بيت لبيت ومن مجلس لمجلس والاطفال الذين هم روعة العيد ورونقه نجدهم في كل حي وفي كل قرية يطوفون البيوت مرددين اجمل العبارات التي تناقلتها الاجيال من جيل لآخر, ما اجمل ان نرى الفقراء يأكلون من طعام الاغنياء من اضحيتهم في شكل رائع من التكافل الاجتماعي, ما اجمل ان نرى النساء كخلية نحل يعددن افضل واعرق الاطباق, ما اجمل ان نتذكر في هذا اليوم قصة الفداء والتضحية لابي الانبياء وابنه, ومع اقتراب ساعات العصر تجد الشوارع اكتظت, والاسواق التجارية بدأت في استقطاب روادها, والمنتزهات والسواحل تتزين بزوارها الذين يتوافدون عليها من كل حدب وصوب. في هذا اليوم ايضا لايجب ان ننسى ان نعيد ونقدم التهنئة لولاة امورنا الذين يسهرون على راحتنا ويوفرون لنا الامن والامان, في هذا اليوم ايضا لاننسى كفاح الاباء والاجداد لينعم الوطن بما فيه, لاننسى شهداء الواجب الذين سقطوا دفاعا عنا ضد قوى الشر والطغيان, ولاننسى اسرهم ولا اولادهم الذين هم اولادنا جميعا لنرغم انف الشعراء ولنفرح بالعيد كما هي سنة الانبياء. وعيدكم مبارك, وتقبل الله منا ومنكم وغفر لنا ولكم, وفالكم طيب. * نائب شيخ قبيلة الدواسر بالدمام ومملكة البحرين