الشيخ عبدالمحسن العبيكان المستشار في وزارة العدل والذي بدا دوره واضحا في الساحة على مختلف المجالات توضيحا لبعض الامور التي اختلطت فيها اوراق لم تكن في الحسبان لدى كثير من العقلاء، الذين يرون الان ما يحصل في هذا الواقع المرير من تشويه لصورة الاسلام. التقيت به في منزله بالعاصمة (الرياض) وخرجت منه بانطباع اترك للسادة القراء الاعزاء ان يفسروه من خلال قراءتهم وتمعنهم في هذا اللقاء ومادار بين ثناياه هو منكم واليكم فمع هذا اللقاء اترككم: @ دعنا نبدأ بنتائج جولاتكم التي قمتم بها على مناطق ومدن المملكة مع الشيخ الدكتور صالح بن غانم السدلان.. كيف تنظرون اليها؟ منذ سنتين تقريبا كلفت انا وفضيلة الشيخ عبدالله بن منيع وفضيلة الشيخ صالح بن غانم السدلان لاجل الالتقاء بالخطباء، أي خطباء الجوامع والائمة والدعاة لاجل اجراء حوار ونقاش وتفاهم حول مهمة ووظيفة الخطيب والداعية والامام في هذا الزمن الذي كثرت فيه الفتن وتشعبت الآراء وظهرت فيه طوائف من اهل الاهواء ممن استغلوا هذه الوظيفة لاجل تحصيل مقاصد، والوصول الى اهداف يريدون الوصول اليها عن طريق الدين. وهي في الحقيقة اهداف سياسية بحتة والمعروف عن مجتمعنا انه مجتمع اسلامي متدين وهذا التدين الذي يسود المجتمع لايمكن التأثير عليه ولايمكن السيطرة على الوضع فيه الا عن طريق الدين، لذا لجأوا الى هذه الوسيلة، لأن من يأتي الى هذا المجتمع ممن ينادي بأمور تخالف الدين او امور مجانبة لعادات اهل هذا المجتمع وتقاليدهم فانه لن يجد التجاوب الكبير، وان حصل تجاوب فهو في نطاق ضيق جدا لذا.. الوسيلة المناسبة هي عن طريق الدين وافهام الناس ان ولاة الامر جانبوا الحق واخلوا بالعقيدة ومصالح المسلمين عموما في هذا الوطن وفي جميع انحاء العالم ايضا. والقدح في جميع ولاة امور المسلمين، لاجل اقناع الناس انه لابد من التغيير الذي بمفهومهم هو الخروج على الحكام والوصول الى الخلافة الراشدة المنشودة كما يزعمون. @ وهل الخلافة الراشدة هي باثارة الفتن وزعزعة الامن وجلب الفوضى والاضطراب إلى المجتمعات الاسلامية يافضيلة الشيخ؟ هذا السؤال حقيقة لايحتاج الا الى جواب واحد الا وهو انه ليست هذه الطريقة الشرعية ولا الطريقة العقلية المقبولة لاجل الوصول الى مجتمع اسلامي متدين تطبق فيه احكام الشريعة الاسلامية تطبيقا كاملا بلا أي خلل، ولا شك ان كل مسلم يريد الوصول الى ارقى درجات التطبيق الفعلي للاسلام في جميع بلاد المسلمين، ولاشك ان كل مسلم يريد ان يصل المسلمون جميعا الى ارقى درجات التدين والتمسك بتعاليم الاسلام، ولكن كيف الوصول الى هذا الهدف، فهو في الدرجة الاولى السعي الى دعوة المسلمين جميعا افرادا وجماعات وايضا حكومات دعوتهم الى الرجوع الى التمسك الصحيح بالكتاب والسنة وتطبيق ماجاء في الشرع الحنيف والدعوة اولا الى التوحيد فلاشك ان كل رسول من رسل الله اول ما دعا دعا الى التوحيد والنبي صلى الله عليه وسلم كان في اول بعثته يدعو الى التوحيد اولا واصلاح سلوك الناس بعد اصلاح عقائدهم فأولا اصلاح العقيدة والتركيز على توحيد الله عز وجل، فاذا وحد الناس ربهم عز وجل وعملوا بهذه الدعوة التي دعا اليها جميع الرسل كما يقول سبحانه وتعالى: (ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت).. فهذه هي دعوة الرسل الأولى فاذا حصلت الاستجابة وتمسك الناس بالدين والعقيدة اولا الصحيحة ثم التمسك بتعاليم الاسلام السلوكية فانه يحصل بعد ذلك التمكين.. الذي هو من الله عز وجل ولايسعى اليه البشر، فالنبي صلى الله عليه وسلم عندما كان بمكة لم يدع ابدا الى ايجاد دولة ولا الى ان ينصب حاكما على احد انما دعا فقط الى التوحيد ثم بعد ذلك مكن الله له بان أتاه الانصار فبايعوه فحصل بعد ذلك التمكين لدولة الاسلام في المدينة، اذا اولا اصلاح الناس في عقائدهم وسلوكهم ثم يحصل التمكين بعد ذلك من الله عز وجل، وما هؤلاء الذين يسعون الى اثارة الفتن والى ايجاد الجماعات التي تسمى بالجماعات الاسلامية والى التحزبات، هؤلاء للاسف الشديد يركزون على الدولة اولا ثم الدعوة الى التوحيد والى اصلاح المجتمع ثانيا وهذا خلاف ما دعا اليه الرسل تماما، فانهم عكسوا الامر بل وخالفوا السنة النبوية والسنة الكونية، فحصل من ذلك خلل كبير في المجتمعات الاسلامية بسبب هذه الدعوات المغرضة التي لاهم لها سوى الوصول الى السلطة فهمهم في دعوتهم السرية ودعوتهم العلنية هو السعي الى ايجاد تنظيمات سرية هرمية بحيث يسيطرون على الشباب في المكتبات وحلقات تحفيظ القرآن (الجماعات) ويستغلون التجمعات الشبابية الدينية والعلمية لاجل تنظيم هذه التجمعات بحيث تكون لها بيعة ولها انتماء فينتمي هؤلاء الى من يقودهم ومن يقودهم ينتمي الى من يقودهم وهكذا في شكل هرمي، وقد لايفقه كثير من الشباب مايساقون اليه، وانما يوضح لهم ان هذا عمل اسلامي لاجل نصرة الاسلام والمسلمين وتحقيق اهداف اسلامية ونحو ذلك، ولكنهم لايشعرون بما يخطط له ولايعرفون الهدف الحقيقي والاساس وراء هذا الاستغلال وانما هذا يكون واضحا لقادة معينين فهذا الذي حصل في هذه العصور المتأخرة هو في الحقيقة نوع من الخروج على ولاة الامر الذي قام به اسلافهم من خوارج عثمان رضي الله عنه وخوارج علي رضي الله عنه ايضا، فهم اخذوا من خوارج عثمان التركيز على اخطاء الحكام في الامور المالية والادارية والقضائية ونحو ذلك، واخذوا من خوارج علي رضي الله عنه مسألة الحاكمية وهو انه لايجوز التحاكم الا الى شرع الله عز وجل وهي كما قال علي بن ابي طالب رضي الله عنه (كلمة حق اريد بها باطل) فعلي رضي الله عنه وهو في الحقيقة يحكم الشرع الحنيف ولكن بجهلهم وفهمهم السقيم للاسلام جعلوا من تحكيم علي ومعاوية رضي الله تعالى عنهم اجمعين جعلوا من قضية التحكيم قضية تكفير وانهم تحاكموا الى غير الكتاب والسنة، وهذا طبعا باطل لانه لايتعارض مع الكتاب والسنة، وقالوا حكمت في دينك الرجال وهذا لايتعارض في الحقيقة مع الكتاب والسنة واحكام الشرع. وهؤلاء ايضا يركزون على تحكيم بعض الدول في القوانين الوضعية ويجعلون من تحكيم القوانين الوضعية كفرا مخرجا عن ملة الاسلام يسوغ للناس ان يخرجوا على الحاكم، وان يثيروا الفتنة والقتال ثم يحصل لهم التمكين والخلافة كما يزعمون، وطبعا مسألة تحكيم القوانين الوضعية هي مسألة فيها تفصيل كما قرر ذلك اهل العلم، بل نقل بعضهم كابن عبدالبر الاجماع على ان قول الله عز وجل (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) انه الكفر الأصغر وليس الكفر الاكبر أي انه من كبائر الذنوب، بل قال الشيخ محمد رشيد رضا رحمه الله انه لم يقل بهذا احد من اهل العلم، كأنه يعني انه لم يقل به احد ممن يعتد بقوله ونص على ذلك شيخ الاسلام ابن تيمية، وكذلك الشيخ العلامة عبداللطيف بن عبدالرحمن بن حسن ال الشيخ يرحمه الله وكذلك الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله كلهم نصوا على ان مثل هذا ليس بكفر مخرج عن ملة الاسلام الا اذا اعتقد المحكم للقوانين الوضعية انه يجوز له ان يحكمها مع وجود الشرع، او انها افضل من الشرع او انها مماثلة، اما اذا حكمها وهو يعتقد ان حكم الله احسن ولكن لشهوة ما او امور اقتضت انه لايستطيع ان يحكم الشريعة مع الاعتقاد بانها احسن وافضل هذا لايكفر وانما يؤثم، لذلك فان النبي صلى الله عليه وسلم اقر النجاشي على انه عندما اسلم لم يستطع ان يحكم شريعة محمد صلى الله عليه وسلم في قومه لانه لظروف ما لم يستطع فاقره النبي صلى الله عليه وسلم ولما مات صلى عليه ولهذا حينما قال الله عز وجل (ومن لم يحكم بما انزل الله فأولئك هم الكافرون) قال بعد ذلك (فاولئك هم الظالمون) ثم قال (فأولئك هم الفاسقون) فلم يجعل كل محكم لغير حكم الله، لم يجعله على الاطلاق كافرا، بل جعله فاسقا وظالما بحسب الاختلاف في النية نية هذا المحكم للقوانين ولاشك ان هذا القول واضح جلي ولله الحمد، ثم هناك دول لم تحكم القوانين الوضعية مثل هذه الدولة المباركة التي قامت على تحكيم الشريعة الاسلامية، ولكن هؤلاء لم يستثنوا هذه الدولة، بل انهم لما كفروا الدول التي تحكم القوانين جاءوا بشبه اخرى لتكفير هذه الدولة حتى يسوغوا للناس الخروج على الولاة لان الولاة كما يزعمون اتوا ببعض الامريكان وبعض الأوروبيين لجزيرة العرب ولابد من اخراجهم وهذا ما تكلمت عنه كثيرا وبينت ودحضت هذه الشبه بالادلة وليس هناك مجال لاعادة الحديث عنها مرة اخرى، فمسألة التكفير ومسألة اخراج المشركين من جزيرة العرب ومسألة اعانة الامريكان بزعمهم على قتال المسلمين في العراق فهذه كلها شبه باطلة، ودحضناها ولله الحمد وكلها مبنية على اسس غير صحيحة لا من حيث النقل ولامن حيث العقل ولامن حيث الدليل ولامن حيث كيفية التعامل مع هذه الامور التي يعتمدون عليها في التكفير والخروج وقتل المسلمين والمعصومين من غيرهم في الحقيقة انه في الجولات التي قمت بها وسوف اتكلم عن نفسي، لأني ما اعلم عن الجولات التي قام بها صاحبا الفضيلة وما هي النتائج ولكن بالنسبة لما قمت به اعرف انه ولله الحمد حصلت استجابة كبيرة جدا لاننا لم نقتصر على اجتماع الخطباء والائمة والدعاة فقط، بل في كل جولة نستغل الوقت، ونقوم بزيارة لبعض دور التعليم التي تجمع بعض التربويين والمدرسين في مجال التعليم وايضا المحاضرات في المساجد ليبدأ التوجيه وتستغل هذه الجولات في التوجيه الخاص والتوجيه العام، فحصل ولله الحمد استجابة كبيرة جدا وحصل حوار ونقاش صريح وهذا من عادتي انني اطلب من كل من القي عنده محاضرة او كلمة ان يكون اللقاء صريحا جدا بحيث نصل الى نتائج المتجرد عن الهوى والعاطفة والذي يريد الحق بدليله سوف يدخل في نقاش واما انه اتى بدليل مقنع او انه وجد الدليل المقنع فاقتنع ووجب عليه ان يقتنع، هذا اذا كان يريد الحق، فحصل ولله الحمد التجاوب الكبير وانصرف الكثير منهم في مناطق عديدة في المملكة الى الاعتدال وتفهموا الامور ووجدت ولله الحمد الشكر من كثير من العامة من كبار سن، وايضا من شباب يشكرون على التوضيح الذي كانوا ينشدونه ويريدونه ولكن لم يستطيعوا ان يجدوا من يوضح الامور لهم بهذا التوضيح الذي يصلون فيه الى القناعة. @ فضيلة الشيخ تحدثتم عن الجماعات الاسلامية هل ترون ان لهذه الجماعات والتي تطلق على نفسها (بالاسلامية) تأثيرا في مجتمعنا ان وجدت؟ في الحقيقة ان الجماعات هذه موجودة بشكل سري لان الدولة لاتوافق على ان يكون في هذا البلد جماعات وتحزبات، لان هذا مما يدعو الى ضعف المسلمين وتناحرهم واثارة الفتن بينهم فالواجب ان نكون كمسلمين امة واحدة، ولهذا اذكر انه لما جاء مؤسس حركة الاخوان المسلمين الى الملك عبدالعزيز رحمه الله وطلب منه ان يكون للمملكة ممثل، وان يكون هناك مجال في المملكة لقيام فرع لهذه الجماعة، قال لهم الملك عبدالعزيز رحمه الله كلنا اخوان مسلمون، أي كل شعب المملكة اخوان مسلمين بمعنى اننا كلنا مسلمون واخوة وكما يقول الله عز وجل (إنما المؤمنون اخوة) اذا فلماذا نفرق بين الاخوة، هذا هو التفريق وهذا الذي يسعى الى ايجاد الجماعات والتحزبات هذا يريد تفريق كلمة المسلمين، ويريد كل جماعة ان تناهض الجماعة الاخرى ويحصل بينهم النزاع والفتن، وقد يصل الى الاقتتال، كما حصل في مواطن اخرى او في بلاد اخرى فيخشى من هذا وايضا النبي صلى الله عليه وسلم دعانا الى ان نكون امة واحدة وان تكون الكلمة واحدة وان لاتكون البيعة الا لولي الامر وحده، ولهذا قال: (اذا بويع لرجل فأتاه اخر ينازعه فاقتلوا الاخر) وجاءت احاديث كثيرة بهذا المعنى، (واذا بويع لخليفتين فاقتلوا الاخر منهم) لماذا لحسم مادة النزاع لانه لايمكن ان يكون هناك من يقود الناس وهم اكثر من شخص. فما المقصود بهذه الجماعات؟ هل المقصود هو الدعوة الى الله عز وجل، فالحمدلله الدعوة مفتوحة لكل احد، لماذا لايكون الا من خلال جماعات لها اسس وقواعد ولها تنظيمات معينة فلماذا هذا العمل، فهو في الحقيقة كل عاقل يفهم ان هذا العمل وراءه ما وراءه من الاهداف المشبوهة. @ وهل قام فضيلة الشيخ بهذه الجولات غيركم واقصد فضيلتكم ومن ذكرتهم لي من اصحاب الفضيلة سابقا؟ لم يقم احد بهذه المهمة سوانا نحن الثلاثة فقط. @ وهل هناك تنسيق بينكم وبين وزارة الشؤون الاسلامية لعمل مثل هذه الجولات؟ نعم فمعالي وزير الشؤون الاسلامية جزاه الله خيرا هو الذي دعا الى هذه الجولات وكلفنا فيها وكل جولة ولله الحمد يرفع فيها تقرير كامل عنها من قبل فضيلة مدير عام فرع الوزارة لانه يشارك في الحضور بهذه الجولات وينقل النتائج والثمار الى معالي الوزير. @ هناك من يقول انكم سعيتم الى تحديد مهام الائمة والخطباء والمؤذنين وجعلها اشبه بالوظائف الرسمية يقتصر التوظيف فيها على من لاوظيفة له في قطاع اخر؟ كيف يرد فضيلتكم على هذه الاقاويل؟ اولا ان هذا الكلام لم اسمعه الا الان ولا حقيقة له البتة، لن مهمتنا ليست ادارية وليست تنظيمية، فهي مهمة للالتقاء بالخطباء والدعاة والائمة لاجل التشاور والنقاش فيما يقوم به هؤلاء من وظائف، كيف تكون مخاطبة الناس في الخطب، وكيف يكون توجيه الناس من الائمة والدعاة في المحاضرات في الكلمات في الندوات وهذا هو المطلوب منا، اما موضوع السعي لان يكون الامام يقوم بوظيفة رسمية فهذا ليس من مهمتنا ولم نتعرض له من قريب ولا من بعيد وهذا امر كما اعلم انه قد بحث منذ عهد الملك فيصل رحمه الله ولكن لم يحصل توجه الى اعتماده لاسباب كثيرة فليس من المصلحة ان يكون هذا مفيدا. @ الشباب.. الى أي مدى تفاعل الدعاة والعلماء مع قضاياهم خاصة ممن يتبنون الفكر الارهابي او يتعاطفون مع مجموعات الارهابيين وافكارهم وهل ترى ان هناك منهجية كفيلة بالحد من تغلغل هذا الفكر؟ وهل ترى ان المؤسسات التربوية قامت بالدور المطلوب منها فيما يتعلق بهذا الأمر؟ للأسف الشديد الجهات التربوية لم تقم بواجبها المنوط بها على الوجه الأكمل، هناك تقصير كبير جدا لافي الجامعات ولافي المدارس عموما، فنسمع للاسف ان هناك من يقوم بالتدريس في المدارس او القاء المحاضرات في الجامعات وهو يغذي الفكر التكفيري ويستغل خلو هذا المدرس او هذا الاستاذ الجامعي او المحاضر بالطلبة في هذه الخلوة التي هي في الحقيقة خلوة رسمية وتحت مظلة الدولة فاؤتي له شباب وجمعوا له رغم انوفهم في الجامعة او المدرسة لاجل ان يلقي عليهم المنهج، ولكن استغلوا هذا لنشر الفكر التكفيري والفكر المنحرف قام بعضهم بذلك ولايزال يقوم بعضهم بهذا العمل وللاسف الشديد الرقابة ضعيفة جدا وهذا ما نخشاه في المستقبل. @ وماذا تقول لهؤلاء الذين ينشرون هذا الفكر من المؤسسات التربوية؟ وماذا تقول ايضا للشباب بحكم انهم هم (المتلقون) في النهاية والمستقبلون لهذا الفكر؟ اقول للاساتذة والمدرسين ولكل العاملين في مجال التربية اتقوا الله في المسلمين عموما واتقوا الله في هؤلاء الشباب خصوصا، لان هؤلاء الشباب سوف يخرجون للمجتمع، فاذا خرجوا بهذه الافكار ترعرع فكر الخوارج وفكر التكفير وفكر الانحراف وحصلت الفتن واصبح الناس جميعا في فوضى لايعلم مداها احد. فيتقون الله عز وجل، والواجب ان يتحملوا المسؤولية التي قال عنها النبي صلى الله عليه وسلم (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته) ولاشك ان هؤلاء رعية فعلى المدرس وعلى الاستاذ الجامعي ان يتقي الله عز وجل ويحرص على توجيه هؤلاء الشباب بما ينفعهم في دينهم ودنياهم وان يخرجوا الى المجتمع شبابا صالحين يهتمون باصلاح وبناء هذا المجتمع الاسلامي والتعاون والتعاضد فيما بينهم ونقول للشباب انهم لا ينبغي ان يسمعوا من كل استاذ او كل مدرس، بل عليهم ان يرجعوا الى كبار العلماء الراسخين في العلم، العلماء الربانيين فيأخذون عنهم هذه الامور العامة والامور الدقيقة والحساسة. @ ولكن هناك من يقول ان صعوبة ما تكمن في الوصول الى هؤلاء واقصد كبار العلماء؟ في الحقيقة انه ليس كل عالم من العلماء الكبار من يكون بعيدا عن الشباب فهناك الكثير ولله الحمد من العلماء الكبار لايشترط ان يكون من هيئة كبار العلماء، بل من كبار العلماء ولو لم يكن من الهيئة، فهناك من يفتح باب منزله وقلبه ومكتبه ومسجده لسماع ما يلقى اليه، ولكن الملاحظ ان هناك انصرافا من هؤلاء الشباب عن سماع ما لدى العلماء، والا على الاقل يرفع سماعة الهاتف ويسأل، ثم هناك برامج افتائية في المذياع والتلفاز ولكن ما نجد الا من يتصل ليسأل عن امور تهمه وحده ولكن عن الامور العامة فقليل من يسأل عنها، وبعضهم يسأل لقصد الاحراج بقصد احراج الشيخ او العالم واظهاره امام الناس بصفة العاجز بالرد عن الشبه ونحو ذلك مافيه تجرد، اما الانسان الذي يريد الحق فيجد الابواب مفتوحة ولهذا انا اعرف البعض اتصل بي والبعض جاءني في المسجد وفي البيت وحصل النقاش وهداهم الله عز وجل وبعض من في السجون ايضا هداهم الله وخرجوا فهناك شريحة يقبلون وهناك شريحة قد تسممت افكارهم وفهموا بان لا يسمعوا وان لا يقبلوا من العلماء الكبار لانهم علماء سلطة. @ اعود لسؤالي يا شيخ عبدالمحسن والذي يدور حول مدى تفاعل الدعاة والعلماء مع قضايا الشباب خاصة ممن يتبنون الفكر الارهابي؟ للاسف الشديد ليس كل الدعاة تفاعلوا التفاعل المناسب خلال هذه الفترة الحرجة حول هذه القضايا المطروحة وهذه الاعمال الاجرامية التي حدثت في بلادنا فنجد هناك فتورا من البعض وايضا نرى ان البعض يحاول ان ينتقد بعض الاعمال الاجرامية لكنه لاينتقد الاسباب التي ادت الى قيام مثل هذه الاعمال وكما يقول الشاعر (رمتني بدائها وانسلت) فقد يكون البعض هم الذين اوجدوا هذا الفكر واوجدوا هذا الانحراف واوجدوا هذا الخروج عن الولاة والمجتمع ثم اصبحوا يتباكون على الاموات الذين ماتوا نتيجة الافكار التي هم زرعوها في هؤلاء الشباب ولكن من تاب وبعضهم سمعنا انه رجع وتاب الى الله عز وجل من هذا الفكر، وهذا شيء طيب، واعلن التوبة واصبح قوله صريحا وواضحا وجليا بانه قد رجع عن جميع المبادئ الخاطئة التي كانوا عليها ولذلك بعضهم يصرح ويقول في بعض مجالسه ان ما اقوم به الآن هو استراحة محارب وبعضهم يقول جربنا ان الاسلوب السابق لم ينجح ولذا لجأنا الى الاسلوب الآخر، وهذا ما نخشاه مادام ان هناك مبادئ مازال يؤمن بها البعض، ونحن نريد اناسا تحمسوا تحمسا صحيحا لمحاربة هذا الفكر واعادة الناس الى المنهج الصحيح، منهج الكتاب والسنة، والتعلم، والتأدب مع العلماء، ومنهج الحوار الهادئ والنقاش المثمر والمفيد والأبواب مفتوحة ولله الحمد، ولكن للاسف لطالما ان الشخص فيه ظاهر وباطن فهذه هي المصيبة، والذي يتجرد التجرد الصحيح هو الذي يعلن براءته من كل عمل يناقض المبادئ الصحيحة في رسالة الامة وما قرأوه في كتبهم وفي توجيهاتهم وهو ايضا المنهج الرباني والمنهج النبوي. @ هناك بعض الدعاة ممن لا تبدو رؤاهم واضحة تجاه بعض القضايا الملحة، مما يسبب خلطا لدى مجموعات تتأثر بهم، فكيف تقرأ هذه المواقف ثم كيف لنا ان نجعل الرؤية والمواقف اكثر وضوحا؟ حقيقة التأثير ليس من الدعاة على الدعاة وانما التأثير من الدعاة على الشباب، وللاسف الشديد انه لايزال هناك من يتصدر حلق العلم والقاء المحاضرات والدروس في الجوامع او في الاستراحات او في البيوت او نحو ذلك، وللاسف يرفض ان يتكلم في أي مسألة من مسائل هؤلاء التكفيريين، انما يتكلم اما في امور عامة، او امور بعيدة كل البعد عن هذه المواضيع بل وان سئل فان اجابته تكون فيها التخفيف من النقد لهؤلاء الفئة الضالة فهل من المعقول ان نستمع لمثل هذا، وان يترك المجال لمثل هذا بحيث يغذي الفكر التكفيري الارهابي ثم نستمر طوال حياتنا محاربين للفكر. انه من الواجب ومن المفروض ان يكون العلاج جذريا بحيث نقطع دابر هذا الفكر ونجفف منابعه. @ كيف يمكن للعالم ان ينأى برأيه الشرعي عن تأثيرات المجتمع وما تمارسه الرؤية الاجتماعية من تأثير تجاه قضية معينة؟ ان لنا في شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله قدوة حسنة فانه تجرد من اي تأثير يصدر بسبب اطروحاته او فتاواه الجريئة التي استند فيها الى الكتاب والسنة وهما الدليل الصحيح، ولم يراع الحملة الشرسة التي نظمها بعض الفقهاء والقضاة في عصره ووشوا به الى ولاة الامر حتى حاربوه وعارضوه واوصلوه الى السجن فسجن بسبب فتاوى اصدرها وهي الآن تدرس وتقدس هذه الآراء وهي في الحقيقة حرية بان يرفع بها الرأس مثل هذه الآراء الجريئة الجيدة التي اعلنها شيخ الاسلام ابن تيمية - رحمه الله صريحة مدوية فخالف علماء عصره. طبعا ليس كل العلماء ولكن غالبية علماء وقضاة عصره وخالف ما عليه عامة الناس في عصره من بعدهم عن الدين الصحيح لانه دخل على الدين الاسلامي بعض البدع والخرافات والخزعبلات التي اثرت تأثيرا كبيرا على منهج المسلمين فهو اتى ليجدد للناس هذا الدين ويعيدهم الى الاصول والى التمسك بالعقيدة الصحيحة. وفي بادئ الامر حصل له من الاذى الشيء الكثير الا انه بعد ذلك عرف الناس قدره وعرفوا الحق الذي جاء به واصبحت اراؤه الآن هي السائدة ثم ايضا قام الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله بالدعوة الصحيحة وجدد دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم وواجه الاذى ايضا ولكن ولله الحمد الان دعوته منتشرة في العالم، وليس في هذا البلد وحده. فلكي ينأى العالم برأيه الشرعي عن تلك التأثيرات ينبغي له ان يقول الحق ولايخشى في الله لومة لائم ولاينظر الى كثرة الجمهور، فبعض الناس يقول انني لو قلت بهذا القول فسأواجه الاذى وانصراف الناس عني، فهذا طالب رئاسة وليس بطالب اجر وثواب والذي يخلص النية الى الله عز وجل لاينظر الى كثرة الناس وتعظيمهم له انما يقول الحق رضي من رضي وابى من ابى. @ بدأت المرأة في السنوات الاخيرة اكثر مشاركة في مجتمعها بالانخراط في مشاريع التنمية.. ما رؤيتكم للدور الذي ينبغي ان يتاح للمرأة. وكيف يمكن تعزيز حضورها كقوى بشرية فاعلة؟ المرأة ولله الحمد في الشريعة الاسلامية مكانتها معروفة وعملها معروف وولاة الامر اثابهم الله يركزون على هذا الجانب بحيث يقولون انه يمكن ان تعمل المرأة في الحدود التي رسمها الشرع الحنيف وحسب الضوابط الشرعية، وهذه الضوابط والحدود معروفة فالمجال ولله الحمد مفتوح للمرأة مادام في هذا النطاق وفي هذه الثوابت. @ في الحوار الوطني الذي عقد مؤخرا في المنطقة الشرقية تم تبادل بعض الرؤى والافكار المتعلقة بقيادة المرأة للسيارة.. ما الضوابط الشرعية التي تمكن المرأة من قيادة السيارة دون اخلال بالاطر الدينية؟ قلنا اكثر من مرة ان قيادة المرأة للسيارة ليس محرما في حد ذاته، فالمرأة الان ومنذ زمن وهي تقود السيارة في الصحراء والبادية من دون نكير من اهل البادية فهم اكثر تمسكا من اهل المدن في العادات والتقاليد والتدين، ومع هذا لاينكرون هذه الظاهرة ابدا لانه ليست المشكلة في نفس القيادة ففي الصحراء تقود السيارة وهي بحجابها بحشمتها بعيدا عن الانظار بعيدا عن الاذى بعيدا عن المخاطر وعن الفتن وعن التعرض للمساءلة، فالأمر واضح وجلي هناك لكن بالنسبة للمدن ليس الحكم في القيادة نفسها كما قلنا فالتحريم ليس لذات القيادة ولكن التحريم لها ينتج عن هذه القيادة من مشاكل للمرأة فالآن المجتمع فيه شباب للاسف الشديد يطاردون النساء اللاتي معهن سائق رجل، ولايسلمون من المطاردة والمضايقة، فكيف المرأة اذا كانت هي التي سوف تقود السيارة وحدها. @ ولكن فضيلة الشيخ.. النظام والامن هما المسؤولان عن هذه الظواهر التي قد تنشأ مع قيادة المرأة للسيارة وتحجيمها والحد منها؟ يا اخي الكريم ليس الامر سهلا ابدا، فالنظام مهما كان لايمكن ان يصل الى الدرجة التي تحقق الامن التام للناس، الآن ونحن رجال ان قدنا السيارة نكون في حرج شديد من سرعة البعض وتجاوزه وقطع الاشارة، فما بالك بالمرأة الضعيفة التي طبيعتها طبيعة الانوثة كيف ستقاوم هذه المشاكل. فيا اخي الكريم نحن نطلب من الذين ينادون بان تخرج المرأة لتقود السيارة نحن نطلب منهم ان يدرسوا متجردين هذه المسألة دراسة دقيقة مع مراعاة المصالح والمفاسد فنحن لانقول التحريم لما لم يكن حرام شرعا بنص شرعي ونحن لانقول القيادة للمرأة حرام بحد ذاتها ولكن نقول انظروا الى المصالح والمفاسد، وهل المجتمع عنده الوعي التام لان يتعامل مع هذه الظاهرة التي سوف تحصل. @ هل هناك رأي شرعي يمنع المرأة السعودية من المشاركة في الانتخابات البلدية؟ وما تفسيرك لولاية المرأة؟ انا قلت سابقا لامانع، ولكن الدولة بدأت التجربة بالرجال اولا وهي تجربة في ادائها وكون المرأة تنتخب في حدود وضوابط هذا لايمنعه الشرع بان تدلي بصوتها. اما ولاية المرأة ولاية محددة لانها في طبيعتها وطبيعة انوثتها هي تلد والرجل لايلد فهي التي تربي الاولاد وهي التي ترضع فهل الرجل يقوم بهذه الاعمال: لا يقوم: اذن فلماذا يطلب من المرأة ان تكون مساوية للرجل والله عز وجل خلقها بهيئة وصفة تختلف عن الرجل؟ اذن لها عمل معين ولها ولاية معينة فلهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم في عصره وعصر من بعده لايولون النساء الامور الكبيرة والعظيمة التي تتعب الرجال فما بالك بالنساء؟ فهل هناك قضاة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم من النساء او في عهد الخلفاء الراشدين او في الدولة الاموية او العباسية، لم يحصل هذا ابدا فلا يقال ان المرأة يجب ان تمكن من العمل كما يتمكن الرجل في كل عمل لان هذا لو نظر اليه من حيث الدليل فقط النقلي من النص فانه لايكفي فلننظر الى سيرة النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء ومن بعدهم فان النساء لايتولين مثل هذه الامور، وهذا كالمجمع عليه لان المرأة بطبيعتها لا تتمكن بان تقوم بمثل هذه الاعمال الشاقة المتعبة، فالرجال يتمنون ان يخلصوا من هذه المهام المزعجة لما يواجهونه من المشاق فما بالك بالمرأة. القضاء من اصعب الاعمال وكثير من القضاة يتمنون ان يخلصوا من هذا العمل فالمرأة في الحقيقة ما يكرمها هو عدم توليها مثل هذه الاعمال. @ اثارت مقالاتكم حول (الجهاد) التي نشرت بين شهري رمضان وشوال جدلا واسعا في المملكة باعتبارها تقدم رأيا شجاعا مخالفا للسائد المطروح في الواقع العربي.. هل باعتقادك ان هذا الرأي ينطبق على الجهاد بصفة عامة.. أم ان المسألة مرتبطة بالواقع وظروفه؟ الجهاد له مواقف وشروط واحكام في الشريعة الاسلامية يجب ان لاتصدر اي فتوى في الجهاد الا حسب الضوابط الشرعية فوجود شروط الجهاد وانتفاء موانعه وايضا في النطاق الذي جعله الشارع جعله فيه او تحت مظلة ولي الامر الذي جعل الجهاد موكولا اليه ومناطا به. فلا ينبغي لكل احد ان يتكلم بهذا الامر العام الذي تعود مضاره على جميع المسلمين لو حصل ضرر لان الجهاد لايختص بفرد دون الآخر بخلاف الفتاوى الفردية التي تتعلق بالشخص نفسه فهذه ممكن ان يدخل فيها اي شخص، فلابد ان يراعى الظرف في حال العجز وعدم القدرة على الجهاد حتى وفي جهاد الدفع فانه لايجوز للانسان ان يلقي بنفسه بالتهلكة كما قال الله عز وجل: (ولاتلقوا بأيديكم الى التهلكة) وقد نص العلماء ان من شرط الجهاد القدرة فالقدرة شرط في القيام بجهاد الدفع ولهذا نجد الآن ان الذين تورطوا في القيام بجهاد الدفع بدون قدرة، كيف كانت النتائج، طبعا.. وخيمة جدا وهذا الذي نادينا وليس كما قلت انني تكلمت بهذا الموضوع منذ شهرين بل منذ اشهر، وانه منذ بدء الحوار الغائب في قناة ال mbc منذ عدة شهور قبل رمضان وانا اكرر هذه الفتوى وادعو الناس الى العودة الى الاسس والثوابت والقواعد الشرعية في هذا الجانب، واقول ومازلت اقول انه لايجوز اصدار الفتوى من العلماء الا في مظلة ولي الامر لانهم هم المسؤولون عما يتعلق بالجهاد، لأن الامور العامة مثل الجهاد مناطة بولاة الامر فنص الفقهاء على ذلك. @ لطالما اننا في موضوع الجهاد.. الا ترى ان المصالح بين دول العالم تدخل ايضا في هذه المسألة والتي لايعي ابعادها الا ولي الامر من منظور سياسي يبرره الشرع ويقف معه فيه؟ قد يحرج ولي الامر في قيام البعض بمثل هذه الاعمال وقد يتسبب في مضار كبيرة جدا على المجتمع الذي قام بعض افراده بالدعوة الى الجهاد يتضررون من حيث لايشعرون، فولي الامر هو الذي يعرف اشياء لايعرفها عامة الناس، فهو يعرف ما يتسبب عنه مثل هذه الدعوة للجهاد، وما ايضا يتسبب عنه قيام البعض بمثل هذا العمل. @ وفتوى الجهاد في العراق التي أصدرتها هل تعبر عن رأي سياسي وشرعي خصوصا انها جاءت مقاربة في الزمن لبيان ال (26) من السعوديين. مما أثار حفيظة هؤلاء واعتبر البعض العبيكان يعبر عن رأي السلطة؟ أولا لم اسمع من الحكومة السعودية اي كلام حول موضوع الجهاد في العراق، وتكلمت فيه ابتداء عندما سئلت وانا ايضا لم اصدر الفتوى ايضا ابتداء ولكن لما سئلت في برنامج الحوار الغائب عن الجهاد في العراق ناصحا للمسلمين ولان المسلمين اخوة والدين النصيحة لله ولكتابه ولرسوله ولائمة المسلمين وعامتهم، فنصحي لاخواني المسلمين في العراق وهذا لايتعلق بالحكومة السعودية في المقام الاول بل ويتعلق بالاخوة في العراق، ولم اكن اعرف رأي الحكومة السعودية في ذلك الوقت حول قيام البعض بالجهاد، أو الرأي في قيام اهل العراق في الجهاد، ولم يحدد بيان حتى يقال انه يتكلم على لسان الحكومة فالذي يتكلم عن الحكومة هو وزير الخارجية، اما انا فاتكلم بلسان الشرع الذي افهمه. @ وماذا تقول عمن يقول انك تعبر عن رأي السلطة؟ انا اعبر عن الرأي الشرعي، الذي استند فيه بالادلة من الكتاب والسنة واقوال الائمة المقتدى بهم. وخوفا على اخواني في العراق ان يتعرضوا لما تعرضوا اليه ولهذا قال بعضهم في الانترنت (كأن العبيكان في وسط الفلوجة ينظر ماذا حصل؟) لانني تكلمت بهذا، وكان الكثير يظن انهم سوف ينتصرون وسوف.. وسوف.. لانهم لم يعرفوا الواقع في الحقيقة، وانا احس بالواقع المؤلم وعرفت واعرف النتائج لمعرفتي بقدرة الطرفين فعرفت ان النتيجة هي هذه التي حصلت فكنت اخوف الناس من هذه النتيجة وكنت احذرهم من هذه النتيجة، وضربت لهم ايضا مثالا، وكلامي قبل ان يحصل ما حصل في النجف. فلما حصل ما حصل في النجف قلت لهم لايتكرر ما حصل في النجف فابتعدوا.. الآن بلغني من علماء ثقة في العراق يقولون ان اهل الفلوجة الآن يلعنون الذين تسببوا في حصول الدمار عليهم، لانهم ظنوا ان الامر لن ينتج عنه ما نتج، والآن النتيجة اذهلت الكثير وجعلت الذين يتحمسون او الذين تحمسوا للمقاومة والذين دعوا اليها في ظني اذا كان لهم ضمائر يتألمون ويندمون على تحريضهم، لانهم في الحقيقة هم الذين تسببوا في دمارهم وهلاكهم واستباحة الاعراض وتدنيس المساجد وهدم البيوت وهذه هي النتيجة. @ كلنا نعرف ان الشيخ عبدالمحسن العبيكان احد علماء الصحوة في المملكة ولعبت دورا صاخبا في زيادة جرعة التدخل الديني في السياسة.. ماذا تقول عن فترة التسعينات.. ولماذا تحولت الى الاعتدال دون سواك من علماء الصحوة؟ انا اقول ان مرجع هذا الى النوايا، فهناك من يقوم بعمل وله نية تختلف عن نية الآخرين، فالذي نيته الاصلاح والاخلاص لعموم المسلمين، وليس هناك نوايا في الباطن تجعله يقوم بعمل ما والهدف هدف سياسي بحت او مصالح دنيوية كما ذكرت لك في اول اللقاء، نقول ان الدين والسياسة الشرعيةلاتختلف فالسياسة الشرعية لاتختلف عن الدين.. فالسياسة الشرعية من الدين، فالدين والسياسة شيء واحد، فلا ينبغي ان نفصل بين السياسة والدين، والذي يفصل بين السياسة والدين يتجنى على الاسلام. ولذلك سياسة حكومتنا الرشيدة هي تخضع الى الدين الاسلامي ولهذا رفضت المملكة العربية السعودية عدة قرارات صدرت من الاممالمتحدة وفيها بنود مخالفة للشريعة، رفضت التوقيع والموافقة عليها ولازالت ترفض اي مبدأ يخالف الشريعة الاسلامية اذا فسياستنا ولله الحمد توافق الشرع. @ وماذا عن بعض من يقول ان المملكة ترفض بسبب الضغط الذي تواجهه الحكومة من بعض (المطاوعة) كما يصفهم العامة؟ هذا الكلام غير صحيح فالدولة لايمكن ان تخضع لاحد ولو قيل ان الدولة تخضع لخضعت لاناس آخرين لان هناك اناسا يريدون من الدولة ان تفعل ولم تفعل، فلماذا لم تخضع الدولة للشرائح الاخرى والتي تنادي بخلاف ما ينادي به كما قلت (المطاوعة). @ وماذا عن تحولك الى الاعتدال دون سواك من علماء الصحوة؟ اولا: اذا نظرتم وتفحصتم العمل الذي قمت به، وصف بانه تدخل في السياسة، وهذا ليس بصحيح اطلاقا، لان العمل الذي قمت به هو مناداة للاصلاح، ومطالبة في ازالة بعض المنكرات، وهذا كل مسلم ينبغي ان يطالب به وكل مسلم يريد الاصلاح ينبغي ان يطالب بازالة المنكرات الظاهرة، وانا لازلت على هذا المبدأ لكن الذي اختلف هوالاسلوب فالاسلوب في السابق كان علينا وكانت المطالبة في الاصلاح علنية.. في الخطب.. في الكتابات التي تنتشر. @ ولكن ياشيخ قد يؤول ويظن البعض بان ذلك ضد الدولة؟ * هذا ما حصل وظن البعض انني ضد الدولة وظن البعض انني احارب الدولة، وهذا في الحقيقة ظلم كبير وتأويل فاسد لعملي لان الذي ينادي بالاصلاح وهو صادق ونيته صادقة في المناداة بالاصلاح وازالة المنكرات هو في الحقيقة مع الدولة. @ يشهد الواقع السعودي جدلا حول تعديل وتطوير المناهج مابين معارض ومؤيد وبالاخص المناهج الدينية والتاريخية والعلمية.. لماذا هذا الوقوف ضد التطوير؟ وهل تجد من الضرورة تنقيح مناهجنا مما فيها من غلو وتشدد للمحافظة على نسيجنا الوطني والاجتماعي؟ انا لا اعرف ان احدا تعارض مع هذا، فالاسلام دين تطور، والمسلمون هم الذين اسسوا الحضارة الحديثة والحضارة الحديثة قامت على علوم وعلى بحوث المسلمين فيقف امام التعديل والتطوير بعض او انصاف المتعلمين او بعض الجهال، لكن كعلماء كبار يقفون انا لااعلم ان احد العلماء يقف ضد تطوير المناهج. فلابد من دراسة المناهج، فالمناهج عمل بشري والعمل البشري دائما معرض للخطأ فلابد ان يغير من الاسلوب حسب تغير الزمن. وفي الحقيقةلابد من دراسة المناهج من قبل متخصصين وعلماء ثقات بحيث ينظرون الى هذه المناهج نظرة تتوافق مع متطلبات العصر، ومع فهم الناس بهذا الزمن. @ الاقتراحات التي اقترحتها بشأن ضرورة تحديث جهاز هيئة كبار العلماء، وانشاء مراكز للفتوى في مناطق المملكة، والاستعانة بالباحثين في العلوم الشرعية وما يتصل بعلاقات الناس بعضها ببعض هل لقت استجابة من اصحاب القرار؟ وهل استحسنت هيئة كبار العلماء تلك الافكار؟ * نعم ولله الحمد علمت مؤخرا انه صدر امر من المقام السامي الكريم بايجاد مراكز للافتاء في مناطق المملكة ويبدأ بمركزين وهذا ما وصلني من احد كبار المسؤولين وهناك امور مقبلة ان شاء الله في صالح المواطنين ستصدر بعد عدة اقتراحات وجدت التجاوب لها وشكلت لجان لدراستها. @ بماذا ترد على الاتهامات التي تثار حولك والتي تشكك في نواياكم والتي لايعلم عنها الا الله؟ انني احمد الله عز وجل على انني قمت بعمل اطلب من الله عز وجل ان يكون فيه الثواب والاجر، ويا لهفي انني اؤدي رسالة واقوم بواجبي ولكن هناك ولله الحمد الكثير من العلماء والمثقفين والعامة الذين يؤيدون ويشكرون ولابد بطبيعة الحال ان يكون هناك معادون خاصة اهل الاغراء والاهواء وخاصة الذين لاتتفق مصالحهم مع الامور التي اطرحها واذا كان النبي صلى الله عليه وسلم تعرض للسب والشتم والاستهزاء والاذى وهو خير البشر صلى الله عليه وسلم واتقاهم ورسول من رب العالمين وكذلك الائمة والدعاة الكبار في جميع العصور الماضية فالامر طبيعي جدا ان يكون هناك من يعادي. @ كيف تفسر استهداف الفئة الضالة للمنشآت الامنية في بلادنا من خلال اجرامهم الذي ترفضه كل الديانات؟ هذا يؤكد ان هؤلاء اصحاب اهواء واغراض مشبوهة وليست كما ينادون به علنا ففي السابق كانوا يتحججون باخراج المشركين من جزيرة العرب، ثم بعد ذلك توسعوا في هذا الامر الى ان بدأوا يستهدفون المسلمين بحجة انهم يتعاملون ويتعاونون مع الحكومة وان من تعاون مع الحكومة كافر، حتى سمعنا بعض الذين يؤيدونهم في بعض القنوات يقول انهم لايستهدفون الدولة وانما يريدون اخراج المشركين فاذا تعرض رجال الامن لهم فيضطرون الى دفعهم، واتضح الامر واصبحوا يقصدون رجال الامن في اماكنهم وليس لهم اهداف شرعية اطلاقا وانما افساد ودمار وخراب. الشيخ عبدالمحسن العبيكان يتحدث للزميل المسند الشيخ العبيكان مرحبا ب(اليوم) في مقر منزله في العاصمة الرياض