مسئولون في دول ووسائل اعلام و كتاب ومراقبون جميعهم اشاروا الى ضعف تفاعل الدول العربية عموما والخليجية خصوصا مع كارثة زلزال آسيا, حتى حق لنا ان نطأطئ رأسنا خجلا! اخذ الجميع يقارن بين حجم رؤوس اموال الافراد العرب و مداخيل مشاهيرها ويقارنونها بحجم تبرعاتهم, مقابل تبرعات مشاهير فنانين و رياضيين غربيين. وتحت ضغط الاستياء و النظرة السلبية اضطررنا إلى ان ندعي الانسانية الى حين ونبدأ حملاتنا المتواضعة المخجلة. اننا امام كارثة ذهنية تحتاج لزلزال يفيقنا من ثقافة الركود الانساني, فلقد ساد مفهوم تميزنا و طهرتنا و اننا شعب الله المختار. و روجنا منذ بداية الكارثة في العديد من المحطات الفضائية و الصحف وحتى من خلال رسائل الهاتف وحتى عند اطفالنا في المدارس بان ذلك كان غضبا من الله على تلك الامم رغم ان ثلث الضحايا هم من الاطفال (كان الله في عون نفسية اطفالنا) وما ذلك الا لان هناك تجارة مخدرات ودعارة و كل انواع الفسق, وما يفهم من هذا الطرح باننا سلمنا من هذه الكارثة لاننا الامة المختارة و الشعب الطاهر الذي لا يرتكب افراده المعاصي و لا يدخلون بيوت الدعارة و لا يتناولون المخدرات ولا ترتكب نساؤه الفواحش, فلم ندنس ايادينا حتى بالدعاء لهؤلاء الذين غضب الله عليهم, فكيف يتوقع العالم منا ان نتعاطف معهم و نتبرع لهم؟! لتهتز اذا مشاعر العالم كله, ما شأننا نحن بالعالم؟ ومنذ متى ننظر لانفسنا على اننا جزء من هذا العالم, لقد انقطعت صلتنا بباقي المخلوقات وبقية الحضارات عدا ما نستهلكه من انتاجهم واغلقنا على انفسنا قوقعتنا, ولم نعد ندري ما الذي يحدث خارج اطار شرنقتنا, وكان كل تلك المخلوقات لا تظللها السماء نفسها و لا تستنشق ذات الهواء معنا. ولا ادري ان اراد الله ابراز آية من آياته فينا وهو القادر على ذلك سبحانه وفينا ما فينا من ادناس و قبح البشر, كيف سينظر لنا العالم الذي تجاهلناه؟ وكيف سيتجاوب معنا؟ ان العالم الخارجي تحول لخلية نحل متوحدة تتحدث على ترددات موجة اثيرية واحدة, وسائل اعلامه تنقل من خلال مراسلين متواجدين في موقع الحدث رسائل متتالية في اليوم الواحد حول آخر التطورات, كتابه وفنانوه ومشاهيره ورياضيوه يشاركون بحملات التبرعات, شوماخر وحده تبرع بعشرة ملايين دولار, ساندرا بولوك تبرعت بمليون دولار (هؤلاء الفسقة), رجال دينه يصلون من اجل الضحايا, الاممالمتحدة ينسى رئيسها وفاة ابنه و ينغمس بمهام الاغاثة, رؤساء دول ومسؤولوها يتحركون بشكل شخصي ليجمعوا التبرعات, دول اجلت استحقاقات ديونها المطلوبة من الدول المنكوبة, و نقلا عن (البي بي سي) وصل معدل التبرعات في بريطانيا على سبيل المثال إلى 15 ألف استرليني في الدقيقة. وساعد بعض المشاهير في إجراء مكالمات هاتفية لجمع التبرعات. وتوفر لجنة الطوارئ والكوارث الآلاف من الخطوط الهاتفية لصالح جمع التبرعات. وتسابق منظمات الإغاثة الزمن من أجل ضمان عدم وقوع المزيد من القتلى بسبب الدمار الذي خلفته الأمواج العاتية التي اجتاحت سواحل دول جنوب آسيا وما تبعه من نقص في مياه الشرب. ووصف المدير التنفيذي للجنة الطوارئ والكوارث، بريندان جورملي، رد فعل الشارع البريطاني تجاه تلك الكارثة بأنه "غير مسبوق. وقال جورملي: تعد تلك أكبر استجابة لحالة طوارئ. اما نحن في عالمنا العربي (الراقي انسانيا) اصحاب الحضارة والاشعاع الثقافي والفكري فبعد اللتي واللتيا, وبعد ان شحنا اقصى طاقتنا و بعد ان عيرنا بتقصيرنا وبعد لفتنا انظار العالم لعزلتنا عنه, و بعد ان تذكرنا ان عمال منشآتنا وخدم منازلنا ومربيات اطفالنا ومحاسبينا وفنيينا و.. و.. من هناك, وبعد ان نبهنا البعض ان هناك بعضا من الثغور الاسلامية .. هه.. جمعنا ما حصيلته اقل من حصيلة دولة واحدة من دول العالم (الفاسق). المخجل اكثر, أن حملات الاغاثة العالمية لا توقف الناس في طوابير وتسأل كل واحد عن ديانته حتى تقرر ما اذا كان يستحق الاغاثة ام لا, في حين اننا نعلنها على الملأ أن تبرعاتنا للمسلمين! و الادهى بعد ذلك اننا من نتهم العالم بالعنصرية. ..اللهم لا تؤاخذنا بما فعل ... منا!