الحوار امر فطري لا غنى للإنسان عنه بل هو مبدأ شرعي مهم وفاعل يتم من خلاله مناقشة قضايا المجتمع المحلية للوصول الى رؤى وتصورات وايجاد حلول عملية تسهم في خدمة ابنائه وتحقيق تطلعاتهم مما ينتج عنه رقي في الطرح العام خاصة عندما يتم وفق منهجية مدروسة صاغها المختصون من اهل العلم والفكر وذلك ضمن اطار عقيدتنا الاسلامية ومبادئنا وقيمنا الراسخة كما هو الحال في الحوار الوطني حيث بين ذلك ولي العهد صاحب السمو الملكي الامير عبدالله بن عبدالعزيز في خطابه بمناسبة انتهاء اللقاء الثاني للحوار الوطني الذي تم بمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني بمكة المكرمة واكده بعد انعقاد اللقاء الثالث بالمدينة المنورة كما وجه حفظه الله بأن يسهم المواطن في بلدنا بالرأي الحر النزيه والمتزن ضمن المنهجية والإطار المرسوم لذلك. ونحن نعيش هذه الاجواء الحوارية فإنه قد يكون من المفيد دراسة امكانية تعميم هذا الحوار بين افراد المجتمع وبالذات الشباب, وقد اتى اللقاء الرابع للحوار الوطني بالمنطقة الشرقية بعنوان (قضايا الشباب.. الواقع والتطلعات) لمناقشة مشاكلهم وذلك من خلال الشباب انفسهم ورصد اهم القضايا الشبابية التي يمرون بها في هذا العصر ونشر ثقافة الحوار وإشاعة مفاهيمه بينهم مما يؤدي الى تحقيق تطلعاتهم المشروعة من خلال صياغة استراتيجية ملائمة لقضايا شباب هذا البلد الطيب. وقد يتم هذا التعميم من خلال تأسيس منتديات وغرف للحوار عبر الشبكة العلمية الانترنت وذلك بإشراف نخبة من العلماء والمفكرين والتقنيين على ادارتها وضبطها, فمن المعلوم ان منتديات الانترنت لها دور كبير في تشكيل حلقة اتصال غير مقيدة ومنفتحة على العالم بأسره وباعتبارها من ابرز ما يشد فضول مستخدمي الانترنت وذلك لما فيها من حرية في التعبير وشفافية في طرح الرأي في القضايا التي تمس جميع مناحي الحياة وان ما تحتويه هو تعبير منفتح وغير منتقى لعينة من الرأي العام, فهي وان كانت لا تمثل بالضرورة قياسا لتوجيه الرأي العام الا انها قد تكون منطلقا للتأثير فيه نتيجة للزيادة المطردة في عدد وارد تلك المنتديات, على ذلك فإن على مؤسسات البحث العلمي ان تسهم في دراسة وتحليل الطرق المثلى لاستغلال هذه الوسيلة الحوارية والاعلامية في توجيه شريحة من الرأي العام تلك التي تستخدم منتديات الانترنت الى الوجهة التي تخدم قضايا الأمة والوطن وتحميه من ان يكون ابناؤه فريسة سهلة للمزايدين من اصحاب الاهداف المشبوهة والهدامة, بحيث تكون مكانا معتبرا لجذب شرائح المجتمع وعلى رأسهم الشباب للمشاركة بالرأي الواعي الذي يهدف الى خدمة الوطن، خاصة ان معظم رواد المنتديات من الشباب الباحث عمن يتلقفه ويتبادل معه همومه الدينية والوطنية والاجتماعية وكشف الشبهات التي تحيط بهم, وان يفسح المجال لهم لممارسة النقد الهادف من خلال المكاشفة المنضبطة وان يكون النقد من خلال المنهج المعتبر الذي قدم من خلاله الاجتهاد لا ان ينطلق النقد من مناهج مغايرة دخيلة, وبالتالي تغنيهم عن غيرها ممن قد يكون ضررها اكثر من نفعها, ان هذه المنتديات الحوارية قد تكون احدى وسائل استطلاع الرأي العام Referendum حيال المسائل المطروحة على الساحة الوطنية, كما انه لابد ايضا ان يؤكد على ان ما يناقش فيها سوف تنظر له الدولة بعين الاعتبار وستوليه عنايتها لما فيه مصلحة البلاد والعباد, وبذلك نكسب رواد المنتديات الغيورين على مصلحة بلادهم لان يكونوا تحت مظلة واحدة تهدف الى زيادة العوامل الإيجابية والحد من العوامل السلبية التي تضر بمجتمعنا, ونكون بذلك قد قطعنا او على الأقل ضيقنا الطريق على اصحاب المنتديات وغرف المحادثة المزايدة التي قد تسهم في زعزعة استقرار لحمة ابناء هذا البلد. فهذه دعوة الى مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني للاضطلاع بدراسة امكانية ان يأخذ على عاتقه هذه المهمة بحيث ينشىء مواقع حوارية على شبكة الانترنت على ان يقوم كل موقع بطرح ومناقشة موضوع ما من المواضيع التي تمس شريحة كبيرة من المجتمع, والتعاطي معها وفق نفس المنهج الحواري المعمول به في المركز والمعايير المتبعة فيه التي على ضوئها يتم عرض الرأي والرأي المغاير مع مراعاة طبيعة الوسيلة الحوارية, وبذلك يتحقق الحوار الوطني الشامل. *جامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية