عزيزي رئيس التحرير تعليقا على ما كتب الدكتور خالد الحليبي حفظه الله في العدد 1148 الموافق السبت 15 شوال 1425ه تحت عنوان (بيوتكم أيها الناس) وقد أشار في مقالة الى عدة علل تعاني منها أغلبية بيوتنا وهو محق في ذلك بل أن نتائج هذه العلل هي خسائر كبيرة يعاني منها الآباء والأبناء والمجتمع على حد سواء ولست أدري لماذا لا يهتم المعنيون والمختصون بأمور التربية بوضع الحلول وتفعيلها ايضا لمعالجة هذا المستوى التربوي في اغلب البيوت. ففي الوقت الذي نجد فيه ان اصغر الوظائف واقلها شأنا يشترط لها المؤهل والخبرة ونجد وظيفة المربي والتي هي من أهم الوظائف واخطرها فهي المؤثر الأقوى في بناء الأمم والمجتمعات ووظيفة المربي يمارسها الآباء والأمهات والمعلمون والمعلمات ومديرو المدارس ووكلاؤهم وعمداء الكليات والجامعات وأساتذتها فكل منهم على ثغرة في التربية ومع ذلك نجد هذه الوظيفة ملكا مشاعا للجميع دون شروط إلا فيما ندر في بعض المؤسسات التعليمية ففي هذا الوقت الزاخر بالمتغيرات المتسارعة والانفتاح الكبير بين مختلف الأمم والحضارات لم تعد التربية أمرا سهلا يمارس بطريقة تقليدية ومن ظن أن طريقة جده ووالده في تربيته كما يعلن البعض هي افضل الطرق لتربية أولاده فهو بلا شك على خطأ كبير فظروف الحياة ومعطياتها ورؤاها في زمن والدي ووالدك ايها القارئ الكريم كانت اكثر بساطة مما هي عليه اليوم فكان لزاما علينا كمربين وخصوصا الأمهات ان نهتم بهذا الجانب ونطوره ولا أقلل من دور الأب والمعلم والمعلمة لكن الام هي صانعة الأجيال فهي الأقرب والأكثر احتكاكا بالأبناء واهم ما علينا فعله لنرتقي بأساليب التربية لدينا هو أن نتعلم أصول التربية وفنونها ومهارتها من أهلها واعني بها التربويين المختصين والمستشارين النفسيين والاجتماعيين فنحرص على قراءة مؤلفاتهم في هذا المجال وسماع إصداراتهم أو مشاهدتها وحضور محاضراتهم ودوراتهم ان أمكن فهم الأدرى بخصائص نمو الطفل مالها وما عليها الا ترون يا اخوتي وأخواتي اننا إذا أردنا أن نتعلم أي فن او علم على سبيل المثال لا الحصر فن الطهي أو التجميل أو الكمبيوتر الا ترون اننا نلجأ لأهل هذه العلوم فندرس على أيديهم ونتفق اكثر على شراء مؤلفاتهم أو مجلاتهم لكي نتعلم ما أردناه على أصوله ومن أهله ولا عيب في ذلك لكن لنولي تربية الأبناء مثل هذا الاهتمام بل أكثر من أجل انتاجية أفضل للبناء فالأبناء لا ينشأون وينبتون كالكمأة في الصحاري، وإنما هم بحاجة إلى زارع يزرعهم ويتعهدهم بالرعاية وبالتربة الخصبة القابلة للإنبات وبحاجة إلى صانع يصنعهم صناعة دقيقة لها مقاييس وفنون ومهارات موجودة في مراجع وكتب وعند خبراء بها فأعظم استثمار في حياة الإنسان هو أبناؤه فلماذا نستهين بهم؟ للأسف نرى أن الكثير من الوقت والمال ينفق على توافه الأمور وكماليات لا ضرورة لها بل لا حاجة لها أصلا بالنسبة للأبناء نجد أن كثيرا من المربين يترددون وقد يتراجعون عن دفع مبلغ بسيط في شراء كتاب تربوي أو إصدار سمعي أو مرئى أو حضور دورات تدريبية في هذا المجال بل ربما أنه شعر أنه بذلك يضيع ماله ووقته فيما ليس به حاجة فهو لا يدري أنه لا يدري بمهارات وطرق التربية وفنونها الصحيحة الحديثة وإذا كان لا يدري أنه لا يدري فتلك أم المصائب ثم نأتي كما أشار الدكتور خالد لنشتكي من الأبناء وفعلا نحن نسمع كثيراً إنه جيل صعب متمرد يصعب قيادته وتوجيهه فنحمل الأبناء الذنب وحدهم ونتناسى أو نتجاهل أننا نحمل جزءاً كبيراً من هذه الأخطاء إذا لم يؤهل الكثير من المربين نفسه عمليا للتعامل مع هذا الجيل الجديد في أفكاره في وسائل التعبير عن مشاعره وفكره في إطروحاته في الحياة أخبرتني إحدى الأخوات التي قدر لها أن تعيش سنوات في دول الغرب بأن الأم هناك ما إن تحمل بطفلها الأول بل أحيانا منذ أن تخطط للحمل إلا وتبدأ بزيارات لأطباء الأطفال وأخصائي الطب النفسي للأطفال تسأل وتستفسر عن كل ما تحتاجه لمعرفة دورها جيداً في كل مرحلة من مراحل نمو الطفل بالإضافة إلى حضورها فصولا دراسية ودورات في التربية هذا مع الفارق الكبير بين ثقافتنا وثقافتهم وتحفظها على كثير من الأخطاء التي تقع منهم وتخالف معتقداتنا وثقافتنا كشعوب مسلمة في تربيتهم لأبنائهم إلا أن هذا لا ينفي اهتمامهم الكبير بالتربية بل إن أكثر الكتب التربوية والنفسية والتي تهتم بمشاكل الطفل وإيجاد الحلول لها ودراسة سلوكياته ودوافعه وخصائص مراحل النمو عنده أغلبها من تأليف تربويين من الغرب وإن وجدت باللغة العربية فهي أقل بكثير مما هو مطلوب وإن كنا نرى في السنوات الأخيرة توجها قويا وطيبا لدى بعض التربويين عندنا في الاهتمام بنشر الفكر التربوي السليم والحديث الذي يراعى فيه أصول الدين الإسلامي في التربية فهو يجمع بين الأصالة والحداثة وذلك من خلال إصداراتهم المقروءة والمسموعة والمرئية وبرامجهم في الإذاعة والتلفزيون ودوراتهم ومحاضراتهم ولكن للأسف يبقى الأقبال على هذه الأمور ضعيفا جداً عند الكثير من المربين والمربيات الذين يعتقدون أنهم وصلوا للمثالية في فهمهم للتربية وأصولها. وحقيقة الأمر أنهم يتخبطون خبط عشواء في تربيتهم لأبنائهم فيشقونهم ويشقون بهم والله المستعان. @@ مريم مبارك المشرف الدمام