كل المؤشرات تقودنا إلى نتيجة واحدة تقول: إن دول وسط أوروبا المنضمة حديثا إلى الاتحاد الاوروبي ستكون ساحة ل (حرب عالمية) بين شركات السيارات الكبرى سواء تلك التي تبحث عن سوق لمنتجاتها أو عن مراكز منخفضة التكلفة للانتاج. وستكون المواجهة الكبرى بين الشركات الآسيوية والشركات الاوروبية التي تتجه جميعا شرقا صوب أوروبا الشرقية والوسطى. وقد بدأت شركات صناعة السيارات الآسيوية اندفاعة كبرى ناحية أوروبا الوسطى في إشارة جديدة على الدور المتنامي الذي تلعبه الدول الاوروبية حديثة العضوية في الاتحاد الاوروبي في صناعة السيارات العالمية. وبالطبع فإن الصفقة المنتظرة بين شركة إم.جي روفر جروب البريطانية وشنغهاي أوتوموتيف إنداستري جروب أكبر شركة سيارات في الصين إشارة جديدة لاهتمام شركات السيارات الآسيوية بمنطقة أوروبا الوسطى باعتبارها جسرا إلى سوق السيارات الضخم في الاتحاد الاوروبي. تسعى الشركة الصينية المملوكة للدولة إلى شراء المصانع البولندية لشركة دايو الكورية الجنوبية التي أعلنت إفلاسها بالتعاون مع إم.جي.روفر البريطانية. وترتبط شنغهاي أوتوموتيف حاليا بعلاقة شراكة مع جنرال موتورز الامريكية وفولكس فاجن الالمانية في الصين. وكما ذكرنا فإن صفقة ام.جي روفر تشير إلى تكثيف شركات السيارات الصينية على وجه الخصوص لجهودها من أجل الحصول على موطئ قدم لاقامة مصانع لها في دول أوروبا الشرقية التي تتميز بوجود الايدي العاملة المدربة والماهرة والرخيصة في الوقت نفسه. كما أن شركة شيري أوتومبيل الصينية بدأت البحث عن شركاء لاقامة قواعد انتاج لها في هذه المناطق. في الوقت نفسه فإن اشتداد المنافسة العالمية وتوسيع الاتحاد الاوروبي بضم ثماني دول في شرق ووسط أوروبا بالاضافة إلى مالطا وقبرص إليه أول مايو الماضي دفع شركات السيار ات الاوروبية الغربية إلى الاتجاه شرقا أيضا في محاولة من جانبها لخفض نفقات انتاجها وتجاوز منافسيها الاسيويين مثل تويوتا اليابانية وهيونداي الكورية الجنوبية. فخلال الفترة الماضية أقام أكثر من 100 شركة ألمانية لانتاج مكونات السيارات مصانع لها في دول أوروبا الوسطى في الوقت الذي يتوقع فيه المحللون أن يصبح قطاع تصنيع مكونات السيارات في شرق ووسط أوروبا مجال جذب كبير للاستثمارات الاجنبية. وقد أعلنت شركة شيري الصينية التي كشفت مؤخرا عن استراتيجية التوسع خارج الصين أن محادثاتها مع العديد من دول وسط أوروبا تحقق تقدما. ويقول محللون: إن الشركات الصينية تسعى إلى الارتباط بشركات أجنبية أو غربية من أجل الحصول على التكنولوجيا والمهارات الادارية منها. والمفارقة انه في الوقت الذي تتجه فيه شركات السيارات الغربية إلى الصين للاستفادة من السوق المتنامي هناك تتخذ الشركات الصينية اتجاها مخالفا نحو أوروبا. ولا يقتصر هذا التوجه على الشركات الصينية ولكن الامر يشمل شركات آسيوية أخرى. وعلى سبيل المثال بدأت شركة كيا موتورز التابعة لشركة هيونداي موتورز الكورية الجنوبية بناء مصنعا جديدا بتكلفة 1.1 مليار دولار في زيلينا بسلوفاكيا للاستفادة من انخفاض الاجور وأسعار الاراضي والتسهيلات الحكومية هناك. وفي الوقت نفسه فإن وجود هذه الدولة ضمن الاتحاد الاوروبي يجعل منها نقطة انطلاق جيدة للسوق في غرب أوروبا. ومن المنتظر أن يبدأ مصنع كيا في سلوفاكيا العمل في ديسمبر - ويوفر 2800 وظيفة وينتج 200 ألف سيارة بحلول عام 2008. في الوقت نفسه أعلن كونسرتيوم ياباني فرنسي يضم بيجو ستروين الفرنسية وتو يوتا موتور اليابانية اعتزامه استثمار5ر1 مليار يورو (ملياري دولار) لبناء مصنع سيارات في جمهورية التشيك. ويرى محللون أن فرصة السيارات الآسيوية رخيصة الثمن في الحصول على حصة من السوق في أوروبا الغربية قائمة بشدة. ففي حين سجل معدل تسجيل السيارات الجديدة في أوروبا الغربية خلال أكتوبر الماضي تراجعا بنسبة 5ر3 في المائة عن الشهر نفسه من العام الماضي سجلت مبيعات سيارات كورية ويابانية نموا كبيرا في هذه السوق. ورغم أن الاوضاع الاقتصادية في شرق ووسط اوروبا لا تجعل من المنطقة سوقا رائجة للسيارات في الوقت الراهن فإن المحللين يؤكدون أن هذه الاوضاع ستشهد تحسنا كبيرا خلال الفترة المقبلة مع استمرار تدفق الاستثمارات الاجنبية من كل اتجاه الامر الذي سيجعل من دول شرق ووسط أوروبا سوق سيارات مهمة على الصعيد الدولي. وهذه الحقائق واضحة للدرجة التي لا تحتاج فيها الشركات العالمية إلى جهد كبير حتى تدرك أن المستقبل لصناعة السيارات في أوروبا يتجه شرقا. ولكن هذه الحقيقة تؤكد حقيقة أخرى وهي أن المنافسة في هذه المنطقة من العالم لن تكون بسيطة بين شركات السيارات العالمية لتصبح وسط أوروبا ساحة "حرب عالمية" بين شركات السيارات.