عزيزي رئيس التحرير الآباء يعملون ويكدحون ويتعبون من اجل ابنائهم فمنهم من عمل في الحدادة ومنهم في الفلاحة ومنهم من يعمل طول اليوم وفي حرارة الشمس المحرقة وذلك من اجل توفير لقمة العيش وتعليمهم وتلبية كل احتياجاتهم ومن ثم يذهب الى بيته ويداعب ابناءه ويلعب معهم وذلك لاعطائهم الحب والحنان مما يؤثر ايجابا على نفسياتهم واذا مرض احدهم يذهب به الى المستشفى وان كان متعبا منهكا او في منتصف الليل وتقوم والدته بالسهر عليه لتمريضه وكل هذا من اجل ان يريا انهما رجلا صالحا يدعو لهما ويعتمدان عليه في كبرهما قال تعالى (وقضى ربك الا تعبدوا الا اياه وبالوالدين احسانا اما يبلغن عندك الكبر احدهما او كلاهما فلا تقل لهما اف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا). وعندما يكبر بعض الابناء ويشيخ أبواهم ينسون ذلك وكل ما عملاه من اجله بل ينسى ان امهاتهم حملنهم تسعة اشهر دون ملل او كلل بل وهي فرحة وهي لا تعلم انه سوف يرميهما في دار العجزة والمسنين. اهذا حملهما بكم؟ اهذا ما توقعانه؟! اهذا ردكم على جميلهم وصنيعهم لكم؟ اهذا ما وصى به سبحانه وتعالى بهما؟! ما أقسى قلوبكم ايها العاقون اذا اردتم حقا ان تعتنوا بهما فوفروا لهما كل ما يحتاجانه (من ممرضة او خادمة) وهما في بيوتكم وامام عيونكم كما وفرا لكم كل ما تحتاجون حتى الزواج اسألكم أتأمنون انتم ان ابنكم لن يعمل لكم كما عملتم في آبائكم او في احدهما؟ اذا قلتم بلى فأقول لكم ان ابويكم كانا يقولان كما تقولون آه آه من قلوب كالحجارة قال تعالى (ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة او اشد قسوة وان من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار وان منها لما يشقق فيخرج منه الماء وان منها لما يهبط من خشية الله وما الله بغافل عما تعملون). واذكر قبل 12 سنة كنت اعد تقريرا عن جمعية المنصورة الخيرية ومن ضمنها دار العجزة والمسنين وقلت لاحد النزلاء كم مرة يزورك ابناؤك؟ فطأطأ برأسه ولم يجب فقال المرافق لي لا أحد يزوره. فطرحت نفس السؤال على نزيل آخر فقال في البداية كل يوم ثم اصبحت كل اسبوع وهكذا حتى اصبحت في الاعياد ثم انقطعت ولم يعد احد يزورني فقلت له: هل أنت غاضب عليهم؟ فسكت ثم قال انا متحسر عليهم هذه الكلمة قالها قبل 12 سنة وكأنه يقولها لي الآن. @@ أحمد عبدالمحسن الوباري