نقلت لي رشا ما جاء في كلمة المشرفة الاجتماعية التي ألقتها في حفل نهاية العام الدراسي، والتي جاء فيها وصف مستفيض لحالة سكان دور المسنين خلال فترة إجازة الصيف التي يصاحبها انقطاع زيارات الأبناء والأهل والأقارب. فالشواطئ تجذب العديد من الأسر لقضاء فترة من الراحة والاستجمام مخلفين وراءهم الأب أو الأم أو العمة أو الخالة الذين قبلوا على مضض أن يتركوا لذويهم بيوتهم ويكتفوا بغرفة في دار المسنين ليعطوا فلذات أكبادهم المزيد من الاستمتاع بحياتهم من منطلق " يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة". وتضيف رشا بأن محصلة المحاضرة هي التوجيه بتكوين مجموعات من الطلبة والطالبات لزيارة دور المسنين ، وكذا منازل المسنين في القرى، لمؤانستهم والتخفيف عنهم من آلام الوحدة ، وأنها اختيرت رئيسة لفريق زيارة الدور في شمال مدريد – حيث نقيم – وأن هنالك مجموعات أخرى كلفت بزيارة الدور الأخرى في بقية أجزاء العاصمة وفي القرى المجاورة. وتقول إن عليها ، هي وفريقها ، ومنذ صباح الغد ، وعلى مدى أسبوعين ، التوجه إلى دار المسنين لمشاركة نزلائها وجبة الفطور، ومن بعد قراءة الصحف والمجلات لهم وتشجيعهم على الحوار والتعليق على الأحداث، ومن ثم مرافقتهم إلى أقرب حديقة لمساعدتهم على المشي وتحريك العضلات واستنشاق الهواء المشبع بالأوكسجين، فالعودة إلى دار السكن لأخذ قسط من الراحة، وأنها تفكر وفريقها أن يتناوبن على استضافة نزيل لوجبة الغداء في منزل كل منهن مع أسرهن ، وفي المساء اصطحابهم إلى الحدائق العامة كالروتيرو والكاسا دي كامبو ، وفي يوم آخر لمراكز التسوق التي تضم العديد من المطاعم ومجمعا لعرض الأفلام السينمائية ومن بينها أفلام قديمة تعيد للذاكرة أيام زمان وهي من الأمور المحببة والمفضلة عند المسنين. سألتها عمن يوفر نفقات هذا البرنامج فأجابتني بلدية مدريد التي لديها صندوق لهذا الغرض، وأنها تفكر في مراجعة القسم المختص بالبلدية لترتيب رحلة سياحية للمسنين إلى الشواطئ القريبة من مدريد لقضاء بضعة أيام، فمثل هذه الأنشطة تدخل ضمن أهداف ذلك الصندوق الذي يغطي كافة النفقات. وسألتني ما ذا عن أنشطة شبابكم في موسم الإجازات، وهل لديكم دور مشابهة لما لدينا لذوي الدخل المحدود؟ ومن يغطي عنهم نفقاتها؟ أجبتها بأن الأسرة في مجتمعنا السعودي لا تزال ولله الحمد متماسكة ومتمسكة بالقواعد الأخلاقية والشرعية فيما يتعلق برعاية الأبوين، فتعاليم الدين الإسلامي توصي بالوالدين لقوله تعالى {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} [الإسراء: 23، 24]. وعلى هذا تقتصر دور العجزة والمسنين على إيواء أولئك الذين لا خلف لهم أو أن خلفهم يشكون من ضيق ذات اليد، وإن كانت فكرة بناء دور للقادرين ماليا من المتقدمين بالعمر تراود فكر رجال المال والأعمال، فكثير من المتقدمين بالعمر يفضلون السكن مع من في مثل عمرهم ومثل حالتهم لقضاء ما تبقى لهم من العمر والتمتع به دون تنغيص من زوج ابنة أو زوجة ولد، وتفاديت الإجابة على الأنشطة الصيفية لشبابنا محتجا بضيق الوقت.