كبار السن من الآباء والأمهات نعمة من الله عز وجل منحنا اياها.. ولن نعرف قدر هذه النعمة حتى يرحلوا عن دنيانا.. عندها لن يفيد الندم.. ولا اجترار الذكريات.. ولا الحزن على ما فات فالاباء والأمهات شموع مضيئة في منازلنا وبركة من العزيز الحكيم.. وقد حدد الله عز وجل طريقة التعامل معهم وقرنها بعبادته. قال تعالى (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا اياه وبالوالدين احسانا اما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا). كبار السن يحتاجون الى الرعاية والحب والعطف والحنان من ابنائهم وذويهم في مرحلة من العمر ينتظرون فيها جزاء ما قدموه طيلة حياتهم.. لا ان يقابلوا بالعقوق والجحود والنكران.. والمعاملة السيئة من الابناء والأحفاد.. او الوصول معهم لمرحلة لا انسانية بتسليمهم لدور المسنين تحت أي ذريعة وتحت أي سبب كان. دور المسنين والتي بدأت في الانتشار لم تكن منتشرة في الماضي كما نراها اليوم، ويعاني الكثير من المسجلين في الدور الايوائية من الشيخوخة والعجز الكلي ومن نزلاء تلك الدور لديهم أقارب سواء ابناء وبنات او اخوة وأخوات أو خلافهم.. ويعاني معظمهم من الجحود وقلة الزيارات بل وانقطاعها منذ زمن بعيد. والا كيف نفسر سوء تعامل بعض الابناء مع آبائهم وأمهاتهم المسنين والتي كشفت عنها وسائل الاعلام في أكثر من مناسبة.. وخروج بعض المسنين من المنازل هائمين على وجوههم مما يجعلهم عرضة للضياع والفقد.. او الموت لا قدر الله نتيجة لغياب دور الاسرة التام عنهم.. وتركهم وحيدين يعانون الأمرين مما يؤدي بهم الى الملل والكآبة والسأم. اباء وامهات ربوا وتعبوا وبنوا واسسوا فهل تأتي مكافآتهم على هذا النحو؟.. والأسوأ من ذلك تفكير بعض الابناء بايداع هؤلاء الكبار (بركة البيوت.. وشموعها) في دور المسنين بحجة ان ما يقدم في تلك الدور افضل واشمل من الرعاية التي تقدم في المنزل متناسين حاجة هؤلاء الكبار للحب والعطف والحنان وبما يخفف عنهم ما يعانونه من عجز أو مرض.. وكم حزنت وذرفت دموعي على ذاك الذي ترك والدته في دار المسنين ولم يعد لتلك الدار إلا لاستلام جثمانها رغم توسلاتها والى الرمق الأخير من أجل رؤية ابنها او احد احفادها.. ولكن هيهات!. واني اخشى أن يأتي اليوم الذي يتزايد فيه عدد نزلاء الدور الى أرقام كبيرة ومخيفة!! اللهم أنر بصائرنا.. وافتح على قلوبنا.. وارزقنا برهم والوفاء لهم.. إنك نعم المجيب.