لاشك في ان الافراط في الدلال يعيق الجيل عن تحمل المسئولية سواء كان ذلك الدلال ماديا او معنويا. ولهذا نناشد الأسر بالاعتدال مع الأبناء والبنات على حد سواء في المعاملة والتربية والعطاء المادي والمعنوي وتنشئتهم على تحمل المسئولية واستشعارها في شتى امور حياتهم العملية والعلمية. والحقيقة ان لكل مرحلة في الحياة جيلا. والجيل يقصد به عمر زمني يقدر بحوالي ثلاثين سنة (30). ولهذا لاننسى ان الجيل الحالي ممن هم بين (25-35) سنة هم من ارهاصات وافرازات ما اصطلح بمسمى (الطفرة) فمجتمعنا تحول سريعا من مجتمع زراعي الى مجتمع صناعي في فترة زمنية تقاس بمقاييس الامم وجيزة جدا. وبالتالي ورود الثقافات والانفتاح الاعلامي والاقتصادي والحضاري على الآخرين لم يسعف الآباء والامهات من اجيال المجتمع الزراعي بالتقاط الانفاس واستيعاب المرحلة القادمة والتطور المذهل والمربك لاسلوب الحياة والتحول الى المجتمع الصناعي والمنفتح. وبالتالي لم يكن بمقدور آباء وامهات المجتمع الزراعي منح الثقة مباشرة الى الابناء مما ولد لدينا جيلا كثرت فيه الامراض والعقد النفسية والاجتماعية وحاكى وقلد الآخرين. ولم يلتزم بالهوية والقيم والعادات الاجتماعية والاعراف المتوارثة. ولهذا اصبح هناك اصطدام فكري وثقافي وحضاري واصبح هناك نوع من التفكك والانحلال الاسري وابتعدت الاسرة من كونها نواة تجتمع على رجل واحد هو كبير الاسرة الى خلايا متفرقة. وبالتالي ما يوجه للجيل الحالي من عدم تحمل المسئولية ما هو الا نتاج طبيعي ومخاض لمرحلة التحول السريع دون ادراك الهواجس والابعاد والمخاطر الاسرية والاجتماعية والثقافية ولقلة الوعي. ولهذا الجميع يشترك في تحمل المسئولية ومسئولية الاخفاق من المجتمع والاسرة من آباء وامهات ومدارس وجامعات وبرامج حكومية مما اصاب الجيل الحالي. وبلاشك اذا تخلى الآباء والامهات عن الاسرة من ابناء وبنات سواء بانفصال او انشغال او عدم وجود حوار. فان حال الاسرة سيكون فيه انحلال وانحراف وسلوكيات غير لائقة. اضافة الى فقدان الشعور بالمسئولية واهمية الحياة وقيمة الاسرة والوقت. وينتج بالتالي جيل غير مقدر ومستشعر للمسئولية والواقع وغير مستشرف للمستقبل وآبه بالحياة ومسئولياتها. واذا اسندت المسئولية لغير اهلها سواء كانت حكومية او خاصة او اسرية او اجتماعية فانها تكون بمثابة القاء النفس والاسرة والمجتمع في التهلكة والهاوية. وبمثابة الانتحار سواء الفردي او الجماعي لان من لا يقدر المسئولية ويعظمها ويؤدي ما أؤتمن عليه فان كل شيء في الحياة من قيم ومعان سامية ومصالح تنهار. والبعض يفهم المسئولية خطأ لان تربيته ونشأته وثقافته لم تنم فيه معاني المسئولية واستشعارها وانها صلب الحياة وقيمتها ومعناها. فالحياة بلا مسئولية تكون بلا طعم ولا رائحة ولا لون. والمسئولية على انواع عدة ولكنها في الغالب تشريف وتكليف وتكريم وخدمة وعطاء وبذل وايثار للآخرين ايا كانت تلك المسئولية. كما انها تحدد قيمة الانسان واحترامه لذاته ولاسلوب حياته وللآخرين وحياتهم. فالمسئولية عامل ينظم الحياة وحياة الانسان ككل.