تؤكد الشواهد التاريخية أن المرأة السعودية لم تتخلف عن الرجل زمنيا في الدخول الى معترك الحياة التشكيلية, وأن الفروقات التي يسجلها التاريخ بين بداية الفنان / الرجل والنفانة/ المرأة تكاد تكون قريبة حد التلاشي وهذا ما تشير اليه تواريخ الرصد التي سجلها الدكتور محمد الرصيص الذي يعكف منذ سنوات على وضع (كتاب) حول تاريخ الفن السعودي كلف لانجازه من قبل منظمة ((اليونسكو) يقول الدكتور الرصيص: إن بداية تعرف المرأة السعودية على الفن التشكيلي بمفهومه الغربي الحديث يعود الى عام 1379 ه / 1959 م حينما تم اعتماد تدريس مادة (الرسم والاشغال) المعروفة الآن بالتربية الفنية في مدارس البنات, مع أن ذلك التعليم كان على نطاق ضيق بالمملكة آنذاك وفي عام 1380 ه حصلت الفنانة صفية بن زقر على الثانوية الفنية, من المدرسة الثانوية النسوية في (حلمية الزيتون) بالقاهرة, وفي العام الاول من هذه المرحلة تلقت صفية بن زقر دروسا مكثفة في الرسم والموسيقى وبعض المواد الاخرى المشابهة, لما يقدم في الاقتصاد المنزلي, وفي الفترة من 1960 الى 1963 درست صفية اللغة الانجليزية, واعمال (السكرتارية) في مدينة لندن, وهناك تجددت ميولها الفنية من خلال الزيارات المتتابعة لمعارض. الفنون هناك, وانتجت عددا من الاعمال الفنية الاولية, ثم عادت الى القاهرة لتأخذ دروسا مكثفة في الرسم والتصوير التشكيلي تحت اشراف الدكتور صبري عبد الغني لمدة عامين متتابعين هما عام 1965 م و 1966م. ويضيف د. الرصيص ساردا تواريخ بداية المرأة السعودية مع الفنون التشكيلية فيقول: في العام الدراسي 1387 ه 1388 ه ابتعثت وزارة المعارف السعودية عددا من الطلاب لدراسة الفنون الجميلة في ايطاليا, وكانت (ليلى حمزة شحاتة) من ضمن هؤلاء المبتعثين, وقد انهت ليلى دراستها الجامعية في الفنون الجميلة عام 1391 ه 1971 م وبذلك تكون أول سعودية تبتعث لدراسة الفنون وتحصل على المؤهل الجامعي , لكنها تفرغت فيما بعد لمتابعة وتوثيق اعمال زوجها الفنان ضياء عزيز ضياء. وحول أول نشاط نسوي في المعارض يقول د. الرصيص: في عام 1388 ه 1968 م اقيم أول معرض فني لفنانتين سعوديتين, وكان ذلك بمقر مدرسة(دار التربية الحديثة للبنات) في جدة, وكان المعرض لفنانتين مشهورتين الآن وهما: صفية بن زقر, ومنيرة الموصلي, وقد افتتحه آنذاك صاحب السمو الملكي الامير مشعل بن عبد العزيز, أمير منطقة مكةالمكرمة في ذلك الوقت اما بالنسبة للمعارض الشخصية, فقد اقامت الفنانة منيرة الموصلي معرضها الشخصي الاول عام 1392ه 1972 م في صالة(الشمس) التي كانت موجودة في مدينة جدة بذلك الوقت, وبعدها بعام واحد أي في عام 1393 ه اقامت منيرة معرضها الشخصي الثاني في بهو أمانة مدينة الرياض, وكان أول معرض لفنانة سعودية يقام في عاصمة المملكة, ومن هنا تأتي اهمية ذلك المعرض, وقد كانت الفنانة منيرة الموصولي في ذلك الوقت تدرس الفنون الجميلة في القاهرة على حسابها الخاص, حيث تخرجت فيها عام 1394 ه, 1974 م , أما الفنانة صفية بن زقر, فقد اقامت اول معرض شخصي لها في عام 1393 ه 1973 م بمدينة لندن, ثم عادت في عام 1400 لتقيم معارض شخصية أخرى. اتساع الدائرة وحول بدايات توسع نشاط المراة السعودية في مجال الفنون التشكيلية, يقول الدكتور الرصيص: بعد تأسيس الجمعية السعودية للثقافة والفنون عام 1393 ه 1973 م , وتحويل المديرية العامة لرعاية الشباب الى مؤسسة حكومية باسم (الرئاسة العامة لرعاية الشباب) عام 1393 ه 1974 م بدأت المراة السعودية الفنانة المشاركة في النشاطات التي تقدم من خلال هذين المرفقين المهمين, وخاصة المعارض الفنية داخليا وخارجيا, وبعد أن كانت مشاركة المرأة الفنانة في معرض الفن السعودي المعاصر الاول, مقصورة على ثلاث فنانات فقط, الى جانب ثلاثة وخمسين فنانا من الرجال, توسعت دائرة مشاركة المرأة واسهاماتها, حيث وصل عدد الفنانات السعوديات المشاركات في المعرض الخامس عشر الذي اقيم عام 1420 ه 1999م الى خمس عشرة فنانة, وحصلت واحدة منهن على الجائزة (السادسة) وهي الفنانة سلوى الحقيل, كما حصل سبع منهن على سبع جوائز اقتناء وهن: هدى العمر, بدرية الناصر, مها السويلم, زهراء رضي, وسمية العيشوي, منى المروحن, ومسعودة قربان, وهكذا توسعت مساحة حضور الفنانات السعوديات, وازدادت الاسماء المشاركة في المعارض.