ظلت نظرة المجتمع لفكرة التحاق المرأة السعودية لمهنة التمريض (غير مقبولة لدرجة عدم تداول الفكرة ).. غير ان هذه النظرة تبدلت في السنوات الأخيرة فاسحة المجال للكثير من السعوديات للالتحاق بها دون خوف بل أصبح كثير من فئات وشرائح المجتمع يشجع على الالتحاق بهذه بالمهنة الإنسانية التي مارستها المرأة في صدر الإسلام الأول .. وعبر ( ملحق الاحساء الاسبوعي) نقدم نماذج متميزة لممرضات سعوديات وجدن أنفسهن يستبقن لتحقيق النجاح والتفوق في مهنة التمريض. شاهد من اهلها بداية التقينا بالدكتورة سالي المديرة التنفيذية المشارك للتمريض بالمنطقة الشرقية التي تعمل في مستشفى الملك عبد العزيز بالحرس الوطني بالأحساء والمسئولة عن تأسيس العناية الفائقة في التمريض وتطبيق العناية الكاملة للمرضى والتوظيف وتعريف الممرضات الجديدات بالأقسام المختلفة في التمريض والإدارة عن مستوى الممرضات السعوديات فقالت: لم أتوقع هذا التميز فقد أدهشني حماسهن وتميزهن في عملهن والحرص على التفوق في هذا المجال النادر لمثيلاتهن من السعوديات فهن مؤهلات فعلاً لممارسة هذه المهنة بكل جدارة.. واستطردت قائلة: كل من حولهن من مديري الأقسام والموظفين في غاية الرضا والسعادة مما جعل هذا التفوق والتميز يؤثر عليّ شخصيا. وأضافت في بداية تدريبنا العملي لهن نعمل على تعريف الممرضات على كل الأقسام الموجودة في المستشفى حتى يحصلن على الخبرة الكافية في كل المجالات ثم بعدها يتم تخصصهن. وترى الدكتورة سالي أن المرأة السعودية استطاعت أن تثبت للجميع جدارتها في جميع المجالات لاسيما مجال الطب بأنواعه المختلفة. علامة تقييم وعن كيفية التقييم في فترة التدريب قالت الدكتورة سالي" توضع لكل الممرضات علامة تُققيم شهرية توضح أدائهن في العمل ودائما تأتي درجاتهن عالية جدا. فالممرضة في فترة التطبيق تمارس ما تمارسه الممرضة الأساسية لكن بإشراف من الدكتور المختص ومن هنا يختار المدير الممرضة التي تثبت جدارتها في القسم. وفي نهاية السنة يتوظفن كممرضات أساسيات.. وتمنت أن تلتحق أعداد كثيرة من الفتيات السعوديات بكليات التمريض بالحرس الوطني حتى يصبحن ممرضات يخدمن وطنهن. أول دفعة "اليوم" رأت استكمالا للموضوع الحديث عن الممرضات السعوديات ( في مستشفى الملك عبد العزيز بالحرس الوطني) بالأحساء و( اللاتي يعتبرن أول دفعة تم تخريجها في كلية الحرس الوطني) لمسنا فيهن رغم الابتعاد عن الأهل الحماس المتواصل الذي لا يقف عند نقطة معينة . فكانت البداية مع الممرضة سعاد الناصر التي تحدثت عن دوافع التحاقها بهذا المجال بقولها سمعت كثيراً عن الصحابيات رضي الله عنهن وعن دورهن الرائد في مجال التمريض، وحث الإسلام على ذلك بالإضافة إلى الهدف الحقيقي والأساسي وهو العطاء الذي لا يعرف الحقد ويساعد على تزكية النفس ونبذ الأنانية حيث أن الممرض معروف بالتضحية وحب الإيثار فالقاعدة تقول: لكي تصل إلى حب الله تعالى كن منبع العطاء للخلق وخدمته. وقالت الممرضة انشراح أبو ديب "لم تكن شهادتنا الجامعية شهادة تمريض بل نحن خريجات كلية العلوم وعدم حصولنا على الوظائف جعلنا نبحث مليا عن طريقة تساعدنا على الحصول على الوظيفة تؤمن عيشنا ولأنني منذ الطفولة وأنا أحب هذا المجال حاولت إقناع أهلي بعد التخرج لأن أعمل مساعدة مختبر لكن قابلوا طلبي بالرفض الشديد وبعد أن كتب الله لي الزواج طرحت هذا الموضوع على زوجي الذي قابلني بالرضا التام لذلك عملت مساعدة مختبر لمدة سنتين ونصف السنة بعدها قرأت إعلانا عن الدراسة في كلية الحرس الوطني في مجال التمريض فنصحني مديري بأن ألتحق بهذه الكلية وبعد استشارة زوجي وافق على هذا العرض الرائع وبدأت رحلة الدراسة". واجب العمل وتتفق الممرضة خديجة آل حريز مع زميلاتها حيث تقول: لم أكن أحلم بتاتا بأن أدخل مجال الطب خوفا من الغربة وبعد تخرجي في كلية العلوم بامتياز دخلت في دائرة البحث عن الوظيفة أي وظيفة "المهم أن أعمل" لأنني مقتنعة كليا بأنه يجب على المرأة العمل وعدم الجلوس في المنزل وبعد يأسي قدمت أوراقي لدراسة الماجستير فقبلت، في الوقت الذي قرأت فيه إعلانا عن دراسة التمريض في كلية الحرس الوطني فقدمت أوراقي وقبلت أيضاً في هذه الكلية وجلست في حيرة من أمري أيهما أقبل؟؟!.. وتساءلت ماذا بعد الماجستير الجلوس في البيت مجدداً؟؟ وبعد التفكير الطويل اخترت مجال التمريض الذي سوف يضمن لي الوظيفة بمشيئة الله تعالى وبعد الدراسة في هذا المجال الممتع ندمت على أني لم أختر هذا المجال منذ البداية.. وتحدثت الممرضات الثلاث عن احتواء كلية الحرس الوطني والمستشفى لهن والتعامل الرائع الذي وجدنه من قبل الإداريين والموظفين حتى المرضى الذين جعلهن يحببن هذا المجال حيث قلن: نشعر بأننا حلقة وصل بين المرضى والعاملين في المستشفى لأنهم كما يقولون وجود الممرضات السعوديات معنا يشعرنا بالدفء والأمان لأننا على حسب قولهم ( نعطيهم ما يريدون ) وعن خطة التدريب قلن: نحن دخلنا في التدريب ووجدنا خطة التدريب كاملة منسقة من جميع النواحي فبدأنا نتعرف على جميع الأقسام ونتعلم أساسيات التمريض حتى أتقنا ذلك ولله الحمد وجدنا التشجيع المستمر والمتواصل من المحيط الأسري ومن الهيكل الإداري والموظفين في العمل فقد كان صدرهم مفتوحا لنا واحتوانا بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى رائع وجميل. هاجس اللغة ومدة العمل وعن الصعوبات التي لاقينها ان أول صعوبة هي (اللغة) وهذا لا يعني أننا لا نجيد التحدث باللغة الإنجليزية بل لأنها تستعمل في المستشفى يطغى عليها اللغة الطبية ولكن هدفنا للوصول جعلنا نجتاز هذه الصعوبات بكل جدارة.. أما عن ساعات التدريب فهي عبارة عن ( شفتات) الواحد منها 12ساعة، وفي البداية لاقينا صعوبة التأقلم مع ساعات العمل الطويلة لكن حبنا للعمل جعلنا نعتاد على ذلك ( فالهدف يذلل الصعوبات). واضفن أن العمل في مجال التمريض لا يحرم الفتاة السعودية من ممارسة حياتها الخاصة وذلك بالتنظيم والموازنة بين العمل والحياة الخاصة لأنه يمكن للمرضة التنسيق لذلك مع رئيسة التمريض إذا كانت لدى الممرضة مناسبة لابد من التواجد لأجلها لأن الهدف هو الأولوية التي نعيش. بالإضافة إلى انه لابد أن يتوافر لدى الممرضة زوج متفهم لطبيعة عملها وما يتطلبه منها. ومضين الى القول "لا توجد بيننا أجواء للمنافسة حيث اننا نسعى حثيثا للعطاء في سبيل الله وتشجيع بعضنا البعض للوصول للقمة والتضحية وأخذ بيد التي قد تخطىء للصواب فدرجة الإخلاص لوجه الله تعالى هي همنا في العمل وليست المنافسة"، كما أننا نحرص على التفوق والتميز وأن نواصل سيرنا ونسعى للتجديد دائما فعملنا أو بالأحرى مجالنا لا يقف عند نقطة معينة .. سعادة التخريج وتحدثت الممرضات عن شعورهن بالتخرج حيث قلن: تعجز الكلمات عن وصف ما نشعر به .. فالمشاعر في هذه اللحظات لا توصف لذا نتقدم بالشكر الجزيل أولاً لله تعالى على توفيقه لنا ثم إلى المسئولين من ( إداريين وموظفين) في الحرس الوطني على ما بذلوه من أجلنا فلقد وضعوا بذرات حلم جميل في أذهان الفتيات السعوديات للخوض في هذا المجال.. والشكر المغلف بالعرفان والتقدير أيضاً لجميع المسئولين في الكلية على ما قدموه لنا من خدمات رائعة.. وتمنت الممرضات أن يفتح مجال التمريض في كل أنحاء المملكة الغالية كي يسهل على الفتيات دخول هذا المجال .. كما تمنين من الأهل والأزواج التشجيع المستمر للممرضات السعوديات والتفهم لطبيعة عملهن الضروري، وأن ينظر للممرضة السعودية نظرة مغايرة لأنها تستطيع أن تبذل وتبذل ما دامت تجد الدعم من المقربين لها فهذه المهنة تستحق التضحية .. وعن نظرة المجتمع قلن: استطعنا التغلب عليها.أما بالنسبة للاختلاط في بداية عملنا أو تجربتنا الأولى في ذلك لا قينا صعوبة في التعامل مع الرجال ولكن كنا واثقات بأن المرأة السعودية سوف تحافظ على نفسها ما دامت تراعي في عملها وعلاقاتها مع الآخرين الله وتضع لنفسها ولمن حولها حدودا وضوابط محددة في التعامل بذلك سوف تجتاز الحاجز..وأن ودور الممرضة هو تقديم المساعدة الكاملة للمريض سواء كان المريض رجلا أم امرأة. وشجعت الممرضات السعوديات في نهاية حديثهن الفتيات السعوديات على خوض هذا المجال النادر وأن يضعن في أذهانهن أن مهنة التمريض ليست مهنة سهلة بل هي مهنة تقدم للمتلقي العلوم المختلفة وتجعلن منهن أقرب للمريض من الدكتور لأنهن بالأحرى لديهن رأفة.