يكثر هذه الايام الحديث عن الانتخابات عموما والانتخابات البلدية خصوصا بسبب البدء في هذه التجربة في بلادنا لانتخاب اعضاء المجالس البلدية، وهي خطوة نأمل ان يكون لها ما بعدها في طريق المشاركة الشعبية في القرار التنموي والسياسي. ولا اظن احدا قادرا على الزعم بان انتخابات المجالس البلدية لن يعتريها بعض القصور من حيث الاقبال على المشاركة في الانتخابات، لا لان هذه التجربة جديدة في بلادنا فقط، ولكن ايضا لعدم الوعي بأهمية هذه التجربة ونتائجها الايجابية التي تنعكس حتما على تطوير المشاريع البلدية، وضمان استمرارها بالمستوى المطلوب، وتحسين اداء الجهات المعنية ذات العلاقة بالخدمات العامة التابعة للبلديات. هذا القصور المتوقع هو امر طبيعي، لان جميع الخطوات الكبيرة تبدأ صغيرة لتكتسب مع التجربة قوة وحصانة تحميها من اي خلل او ارتباك، حتى تصل الى المستوى الذي تستطيع به تحقيق اهدافها وغاياتها المرجوة، وهذا التدرج في خطوات الاصلاح، تمليه الظروف التي لا يمكن تجاهلها في سياق التنمية الشاملة. في ظل هذه المؤشرات يصبح تأصيل ثقافة الانتخابات ضرورة تحتمها المصلحة العامة، وهو تأصيل لا يتم بين يوم وليلة، ولكنه يحتاج الى استراتيجية وطنية تستفيد من كل المنافذ المتاحة للوصول الى فهم المواطن وادراكه، ليعي تمام الوعي هذه المسؤولية ويشارك في انجاحها بوحي المصلحة العامة في ظل انتماء وطني يتجاوز المصالح الخاصة. ثقافة الانتخابات ان صح التعبير لا تتحقق باعلانات المرشحين عن انفسهم، ولا باستجداء اصوات الناخبين، ولا بغير ذلك من مظاهر الانتخابات التي تنتهي بانتهاء موسمها، ولكن بتوفير ادوات خلق الوعي بهذه الثقافة ابتداء من المدرسة ووصولا الى وسائل الاعلام المختلفة، ومرورا بمؤسسات المجتمع الاخرى كالمسجد او النادي او مجلس الحي، او المنتديات المختلفة، ولقائل ان يقول ان الممارسة كفيلة بتأصيل هذه الثقافة، لكن هذه الممارسة لابد ان يوازيها جهد مكثف يستهدف جميع فئات المجتمع، وبشفافية مطلقة تزرع في النفوس الاطمئنان بان هذه الجهود لها ثمارها اليانعة وان هذه المساعي لها نتائجها الايجابية. الان وقد بدأت هذه الخطوات المباركة ان شاء الله لابد للمواطن من ان يتحمل مسؤوليته بالمشاركة في هذه الانتخابات دون تردد او تهاون فهي مسؤولية وطنية اولا واخيرا وهي خطوة عملية في طريق الاصلاح المنشود.