فاجأت الشابة الفلسطينية منى العدرة القاضي العسكري الإسرائيلي والفلسطينيين الذين حضروا لمتابعة محاكمة أبنائهم امام محكمة عوفر العسكرية في الضفة الغربية، الخميس عندما طلبت السماح لها باجراء مراسم خطوبتها على شاب فلسطيني كان ينتظر المحاكمة. ووقفت منى البالغة من العمر 22 عاما وسط قاعة المحكمة، بعد ان مدد القاضي اعتقال الشاب محمد خليل (23 عاما)، ووجهت حديثها الى القاضي قائلة : هل يمكن ان تسمح لي بالحديث (..) رغم ان لغتي الانكليزية ضعيفة حسب ما قال شهود عيان كانوا متواجدين في القاعة لوكالة فرانس برس. سمح لها القاضي فقالت بلغة انكليزية ركيكة "كنا ننوي انا ومحمد ان نعلن خطوبتنا، لكنكم اعتقلتموه قبل ان نقوم بذلك،اننا نؤمن بانه لن يكون حل بيننا الا حل دولتين لشعبين، وان يتوقف العنف". واضافت (انا لم ات الى المحكمة بحثا عن العنف لكنني اريد السلام. وما اريده فقط هو ان تسمح لي بان البس خطيبي خاتم الخطبة وان يقوم هو بذلك). وروى الشاب يوسف حسن، الذي كان يتواجد بين الحضور (صعقت عندما سمعت الفتاة تتحدث عن هذا الموضوع الغريب). واضاف (ضحك القاضي، وبدا عليه الارتباك، ولم يعرف ماذا يقول). وكان الجيش الاسرائيلي اعتقل الشاب محمد قبل خمسة شهور، مع مجموعة اخرى من الشبان بتهم امنية يتوقع ان تؤدي الى الحكم عليه بالسجن لمدة تترواح ما بين ثماني سنوات وعشرين سنة. عاد القاضي، بعد ان ساد الصمت في القاعة، وقال لها ان القضية ليست بين يديه (فهي من اختصاص مسؤول الامن). وبعد مشاورات بين محامي الشاب ومسؤولي الامن تمت الموافقة على تنفيذ رغبة الشابة، وتم تجهيز قاعة صغيرة، ملاصقة لقاعة المحكمة، وسمح لاهالي معتقلين اخرين متواجدين في المحكمة الدخول الى القاعة لحضور حفل الخطبة. وقام الشاب المعتقل بتلبيس عروسه خاتم الخطوبة، وكذلك فعلت الخطيبة، قبل ان يتعانق العروسان وسط زغاريد اطلقتها والدته وامهات المعتقلين الاخرين. وقال الشاهد يوسف حسن ان (مجندات اسرائيليات وجنودا صفقوا بعد ان لبس العروسان خواتم الخطبة، حتى ان احد الجنود قام بتصوير العروسين بواسطة كاميرا في جهازه النقال، وقال للعريس انه سيجلب له الصورة، الا ان الضابط المسؤول اجبر الجندي على مسح الصورة). وبدت علامات الفرح على محيا العروس حينما غادرت المحكمة التي تقع في معسكر للجيش الاسرائيلي في بلدة بيتونيا في الضفة الغربية، وقالت لوكالة فرانس برس (اشعر اننا سجلنا اسطورة بعملي هذا). وعن سبب قيامها بذلك، رغم التوقع بان يحاكم خطيبها باكثر من عشر سنوات، قالت منى (اصلا هذا السبب هو الذي دفعني للقيام بما قمت به، وهو انني شعرت ان محمد بحاجة الى شيء يشجعه ويشد من معنوياته داخل سجون الاحتلال، ويشعره بأن هناك ما ينتظره في هذا الحياة). وقالت (كان هناك حديث بين اهلي واهل محمد لخطبتي، قبل ان يتم اعتقاله، والعادة المتبعة لدينا، في حال غياب العريس،ان يقوم احد اشقائه او والده بتلبيس العروس خاتم الخطوبة). واضافت (لكنني خططت وقررت ان يلبسني هو الخاتم، ونجحت في ذلك). ويخضع الفلسطينيون الذين يدخلون المحاكم العسكرية الاسرائيلية الى اجراءات امنية صارمة ويرغمون على نزع مصاغهم ووضعها في الامانات، الا ان منى نجحت، كما قالت في (تهريب) خاتمي الخطبة في حذائها. والغريب، كما اشار والد العريس، خليل زيدان (46 عاما) ان ايا من افراد اسرته لم يكن على علم مسبق بما قامت به العروس. وقال الوالد لوكالة فرانس برس (بالفعل لم اكن اعلم بأي شيء، حتى ان محمد لم يكن يعلم بذلك). وعن مشاعره حينما رأى ابنه يحتضن عروسه بعد ان البسها خاتم الخطوبة، قال (لم اتمالك نفسي وانهارت دموعي، وكذلك والدته التي اطلقت زغاريدها فرحا. وما اود قوله هو ان ماحدث انما هو دليل على ان الشعب الفلسطيني يبحث عن الحياة ولا يبحث عن الموت او السجن).