عزيزي رئيس التحرير لست من هواة قراءة الجرائد.. ولكن بين الحين والآخر أجد يدي تمتد تلقائيا لمطالعة خبر ما.. في جريدة سيارة.. او متابعة مقال متميز هادف على صفحة احدى الجرائد. لقد طالعتنا جريدة اليوم في العدد (11462) يوم الاثنين. الثامن عشر من شهر رمضان.. وفي الوقت الذي يتهيأ فيه المسلمون لاحياء ليالي العشر الاواخر من رمضان بالعبادة والتهجد عل الله ان يعتق رقابهم من النار.. وقعت عيني على مقال للدكتور محسن الشيخ آل حسان.. يمجد فيه ذلك المسلسل الذي رفضته العقول النيرة والفطر السليمة.. انه مسلسل (طاش ما طاش). ولست هنا لأبين الحكم الشرعي في مشاهدة المسلسلات او الافلام.. فذلك مدون ومكتوب في فتاوى العلماء حفظهم الله وحفظ بعلمهم واظهارهم للحق سفينة هذا المجتمع المسلم. ولكني تعجبت اشد العجب من جرأة الكاتب في تعميم رأيه الشخصي على جميع المواطنين.. وكأنه قد اجرى استفتاء عاما يدور مع التعداد السكاني الذي تم قبل شهرين!! من أين لك ان تقول ايها الكاتب ان هذا البرنامج حاز على اعجاب جميع المواطنين؟ بل وتعديت ذلك بأن تحشر في زمرة المعجبين والمبهورين بمسلسلك اعجاب المقيمين في المملكة ودول الخليج وبعض الدول العربية والاسلامية. وكأنك قد تابعت ذلك الاعجاب بنفسك..وتلقيت رسائل المعجبين في صندوقك البريدي الخاص!! بل ومما يثير الضحك ان يشمل الاعجاب حتى غير الناطقين باللغة العربية من الاندونيسيين والهنود!! احقا؟؟ ترى لماذا لم تقدم المسلسل في مهرجان جائزة الاوسكار العالمية؟؟ لعل مهرجي المسلسل ينالون تلك الجائزة على ابداعهم الذي باركته في نهاية مقالك!! فلم يجمع احد على نجاح عمل ما.. مثل اجماعك على نجاحهما.. حتى اطلقت على جيل كامل يمثل اكثر من نصف المجتمع لقب (جيل طاش ما طاش)!! وكأن ابناءنا لم يعد لهم هم ولا عمل ولا مهنة الا متابعة ذلك البرنامج المسخ!! اسمح لي ايها الكاتب الفذ ان اعرض عليك موقفا ما وعليك ان تحكم بعد التأمل.. ما رأيك ان كنت اشتكي من مرض عضال فذهبت الى طبيب مختص.. وبعد ان فحصني عرض علي مرضي.. ونوه بعلاماته واعراضه وسخر مني ومن تألمي بل وبدأ يقلدني وانا اتأوه بطريقة مزرية مثيرة للضحك.. وهو يقهقه على معاناتي.. أتراه قد عالجني؟؟ أتراه قد حل مشكلتي؟؟ اي عاقل يقول ذلك القول؟ لقد وصفت ايها الدكتور ذلك المسلسل بانه حمل على عاتقه معالجة بعض المشاكل والصعوبات والعقبات التي يتعرض لها المواطن والمقيم على حد سواء.. عجبا!! اذا ما الداعي ان تنشأ الوزارات والمؤسسات طالما ان طاش ما طاش سيقوم بمهمتهم على اتم وجه؟؟!! أتدري انك بمقولتك هذه قد الغيت جهودا عظيمة واعمالا جبارة تقوم بها مؤسسات الدولة ووزاراتها وهيئاتها والعاملون المخلصون فيها ممن حمل على عاقته الرقي بهذا الوطن الغالي. بل.. لقد تجاوزت الحد اذ جعلت ذلك المسلسل طوق النجاة!! الذي القي على مجتمعنا ليساعدنا كما تقول على الخرج من الجحور الضيقة المظلمة!! ومنذ متى كنا نعيش في جحور او ظلمة؟؟ وقديما قيل.. العلم نور.. ولكن اظن ان ذلك كان سابقا.. فلم يعد للعلم نور.. بل ان النور النجاة والعلاج كله يحمله ذلك المسلسل بوجهة نظرك المحدودة. ايها الدكتور.. ليس التهريج هو حل المشاكل.. كما يظن ذلك عقلك!! وصدق الله عز وجل اذ يقول: (ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون * لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة بأنهم كانوا مجرمين). سورة التوبة أيها الدكتور ان عمر طاش ما طاش عشر اثنتا عشرة سنة ومشاكلنا كما هي وهمومنا تتفاقم.. ومعاناتنا.. لم يفلح هذا المسلسل بمعالجة شيء منها.. بل لم يزد مشاهديه الا رصيدا من الكلمات النابية والعبارات السوقية التي لا تناسب من مات قلبه من كثرة الضحك وكأننا نضحك على انفسنا ونضحك العالم علينا. ايها الدكتور.. اي جيل صالح يربيه طاش ما طاش؟؟ على اسلوب السخرية من كل شيء. والتهكم على مجتمعنا وافراده.. والنقد لكل خطأ في اسلوب (اذلف وجهك!!.. يا الكمخة!!.. يا الدلخ!!) بدل ان يتربى ابناؤنا على الاصلاح ومعالجة الخطأ بأسلوب مهذب ناجح وحب عميق لمجتمعه وافراده ووطنه.. ويعمل على تطوره وتقدمه والنهوض به.. وكأني اعود بذاكرتي الى حصاد مر تركته لنا منذ اعوام مضت مسرحية (مدرسة المشاغبين) عانت منه المدارس والهيئات التعليمية على مدى سنوات طوال ولم نجن من ورائه سوى الالفاظ النابية.. وقلة الاحترام وسوء الأدب مع المعلم والمربي. كم كنت اتمنى من اصحاب الشهادات العالية والدكتوراة ان يقدموا لمجتمعهم نفعا وتأييدا وحرصا على تربية اجياله ليس على طاش ما طاش.. بل على الفضائل ومعالي الأمور.. بدل ان يسخروا اقلامهم لتمجيد مسلسلات مثل (طاش ما طاش)! @ ام حمود معلمة لغة انجليزية في وزارة التربية والتعليم