أعمال العنف الاخيرة المعادية للمسلمين بمختلف أنحاء هولندا كانت هي الناقوس الذي دق أجراس الخطر في مقر الاتحاد الأوروبي في العاصمة البلجيكية بروكسل. وفيما يتعلق بالاحداث في هولندا يقول خبراء شئون الهجرة بالاتحاد الأوروبي إنها إنذار لحكومات الاتحاد الاروبي البالغ اعضاؤه 25 دولة من أجل بدء الاهتمام بمشاكل اندماج مسلمي أوروبا وعددهم 15 مليون نسمة داخل الكيان الاوروبي. وحذر المتحدث باسم المفوضية الأوروبية بيترو بيتروكسي عقب اندلاع أعمال العنف في هولندا مباشرة ضد المسلمين بعد مقتل المخرج الهولندي ثيو فان جوخ على يد متطرفين إسلاميين قبل أسبوعين إن هولندا تواجه موقفا يمكن أن يحدث في أي مكان في أوروبا. وفي اجتماع عقد في الآونة الاخيرة في هولندا حثت وزيرة الهجرة الهولندية ريتا فيردونك زملاءها في الاتحاد الأوروبي بالتحرك لما بعد مرحلة الانكار والبدء في معالجة القضايا الحقيقية الملموسة التي تتعلق بالتمييز والاستثناء التي تواجه مسلمي أوروبا. وحذرت فيردونك من أن الشبان المسلمين يشعرون بنبذ المجتمع لهم. فتقهقروا إلى داخل جماعتهم الخاصة وأصبح بعضهم سريع التأثر بالافكار المتطرفة. واحتلت قضايا الهجرة صدارة جدول أعمال الاتحاد الأوروبي بعد وقوع هجمات سبتمبر على نيويورك وواشنطن في الولاياتالمتحدة وزيادة شعبية الاحزاب اليمينية المتطرفة التي تعادي الاجانب بالاضافة إلى التقارير اليومية التي ترد حول غرق مهاجرين يطلبون حق اللجوء قبالة سواحل أوروبا خلال محاولتهم دخول حدود الاتحاد الاوروبي. ورغم أن بؤرة التركيز تنصب على جهود الابقاء على المهاجرين واللاجئين خارج أوروبا إلا أن الحكومة لم تلتفت بالقدر الكافي إلى الصعوبات التي يواجهها الاجانب الموجودون بالفعل داخل الاتحاد الأوروبي خاصة المسلمين منهم. كما أنه بالرغم من أن الاتحاد الأوروبي اكتسب شهرة بأنه صديق وحليف حميم للعرب والدول الاسلامية الاخرى في ظل الرفض المتكرر لساسة الاتحاد الأوروبي لمخاطر صدام الحضارات مع الاسلام فإن الحكومات الأوروبية أخفقت في القضاء على المشكلة الحقيقة وهي تنامي الخوف من الاسلام أو ما يعرف باسم (إسلام فوبيا) داخل أوروبا.. إلا أن العنف الذي تشهده هولندا بدأ يسبب تغييرا في الاتجاهات الاوروبية. ويقر مسئولو الاتحاد الأوروبي حاليا أنه في الوقت الذي يتوجب فيه على المسلمين في أوروبا الخروج من عزلتهم وأن يصبحوا أعضاء نشطين في المجتمع الأوروبي يقع أيضا على كاهل الحكومات الأوروبية مسئوليات خاصة بالتسهيل والتعجيل من تحقيق ذلك الاندماج. وشدد مسئول بالاتحاد الأوروبي على أن الاندماج هو عملية ثنائية الجانب..وأنه ينبغي على الحكومة اتخاذ خطوات تجاه المهاجرين لدمجهم داخل المجتمع. ويقول كلاود مورايس وهو نائب اشتراكي في البرلماني الأوروبي ويرأس مجموعة تشكلت في الآونة الاخيرة بشأن مكافحة الفصل العنصري والعرقي إنه ينبغي على السياسيين بالاتحاد الأوروبي وقف ممارسة الخدع السياسية مع المهاجرين والبدء في وضع إطار زمني ومالي لتسريع خطى الاندماج. ويصر مورايس على أن على الحكومات مسئولية الوصول إلى الاشخاص الذين يعيشون على هامش المجتمع. ويحذر ماركو مارتينيلو من مركز الدراسات العرقية والهجرة بجامعة ليج في بلجيكا من اضطراب مفهوم الاندماج مع استيعاب الاقليات. ويقول مارتينيلو إن أحد التبعات غير المحمودة للاحداث الهولندية هو إصرار العديد من السياسيين في هولندا على ضرورة استيعاب المهاجرين داخل المجتمعات الأوروبية والتخلي تماما عن هويتهم الدينية والثقافية. ويقول: إلا أن بؤرة التركيز يجب أن تظل منصبة على الاندماج الذي يسمح بالتنوع. وبالتدريج ستصل الرسالة بالتأكيد إلى صناع القرار في الاتحاد الاوروبي. وقدمت المفوضية الأوروبية في الآونة الاخيرة كتيبا أوروبيا بشأن الاندماج أمام وزراء الاتحاد الأوروبي يركز على تحسين السبل التي تنتهجها الحكومات المحلية والاقليمية والوطنية في الارتقاء بمستوى استقبال المهاجرين واللاجئين وطالبي حق اللجوء. إلا أن محور الجدل الحاسم في هذا الامر ربما يكون اقتصاديا حيث تواجه حكومات الاتحاد الأوروبي عجزا كبيرا في الايدي العاملة وارتفاعا في أعمار السكان وبالتالي ينتظر منها إلحاق عمالة جديدة من المواطنين الاجانب من بينهم العديد من المسلمين في السنوات المقبلة للاستمرار في دائرة المنافسة. ورغم أن عمليات الهجرة تعطي انطباعا اقتصاديا طيبا إلا أنه من غير المرجح أن يفتح المواطنون الاوروبيون ذراعهم لاحتضان أجانب آخرين إذا لم يتم اندماج الموجودين بالفعل حاليا في أوروبا بشكل كامل.