بحسب دراسة حديثة أجرتها صنداي تايمز نشرت صحيفة صنداي تايمز البريطانية نتائج دراسة أجريت في لندن في 13/12/2009م وأثبتت أن مسلمي بريطانيا هم الأكثر وطنية بين مسلمي أوروبا، وأكدت الصحيفة أن حوالي 78% من مسلمي بريطانيا يرون أنفسهم بريطانيين، وهذه النسبة هي الأعلى بين بقية مسلمي أوروبا، مشيرة إلى أن مسلمي ألمانيا لا يزالون يكافحون لأجل الحصول على بقية حقوقهم المدنية، بينما لا زال كثير مسلمي فرنسا يعانون من الويلات التي خلفتها سنوات الاستعمار الفرنسي للجزائر. وأوضحت الدراسة التي شملت حوالي 2200 شخصاً واستغرق إجراؤها عامين ونصف في 11 دولة أوروبية، أن مسلمي بريطانيا البالغ تعدادهم مليونين ونصف المليون نسمة حسبما تؤكد آخر إحصائية رسمية (3.3% من سكان بريطانيا) هم الأكثر اندماجاً في مجتمعهم وسط كل الدول الأوروبية. كما أبانت أن الجيل الحديث من المسلمين البريطانيين أعلى وطنية بكثير من الأجيال السابقة، وهو ما يعزز الآراء التي تؤكد أن أوضاع المسلمين البريطانيين في تحسن مستمر وهو ما لم يحظ به أوائل المسلمين الذين هاجروا إلى بريطانيا واتخذوا منها وطناً. وتشير التايمز إلى أن 72% من المسلمين المولودين خارج بريطانيا يؤكدون إحساسهم بأنهم بريطانيون، بينما ارتفعت النسبة إلى 94% لدى المسلمين المولودين داخل بريطانيا. وترى الصحيفة أن هذا التحسن والزيادة في الإحساس بالمواطنة لدى مسلمي بريطانيا يعود بالدرجة الأولى إلى السياسات الحكومية الخاصة بدعم التعددية الثقافية، التي دعمت التنوع الثقافي والديني لدى الأقليات في بريطانيا، رغم أن هذه السياسات تواجه انتقادات من شخصيات حقوقية تشير إلى أن هذه السياسة القائمة على دعم التنوع الثقافي والديني وخصوصيات الأقليات تعوق الاندماج. وتختلف السياسات الحكومية البريطانية عن نظيرتها الفرنسية، ففي حين تدعم الأولى الأقليات وتسعى إلى رفع إحساسهم بالمواطنة، فإن سياسات فرنسا تقوم على مبدأ تغيير عادات الوافدين وتقاليدهم لتتواءم مع طبيعة المجتمع الفرنسي، كما تعتبر فرنسا أن العلمانية مبدأ أساسي لا يجوز المساس به تحت أي ظرف ولذلك قامت الحكومة قبل سنوات بمنع ارتداء الحجاب داخل المدارس الحكومية وأماكن العمل، كما أتبعت ذلك بقانون يحظر ارتداء النقاب في جميع أنحاء الجمهورية. وفي السياق ذاته تشير التايمز إلى استطلاع للرأي أجراه مركز "سي. إس. إيه" نشرت نتائجه مؤخراً أوضح أن 54% فقط من الفرنسيين يرون أن الإسلام لا يشكِّل تهديداً للقيم الفرنسية وأنه يمكن التعايش مع المسلمين، ومن النقاط الهامة في الاستطلاع أن الشباب الفرنسي أكثر انفتاحاً على الإسلام من الأجيال السابقة. يذكر أن الجدل حول أوضاع المسلمين في الاتحاد الأوروبي قد زاد في الفترة الأخيرة على خلفية صعود العديد من أحزاب اليمين المسيحي المتطرف التي تعتبر أن الإسلام غريب على القارة الأوروبية وأن مسلمي أوروبا لا زالوا يعتبرون أنفسهم وافدين وأنهم لا يدينون بالولاء لدول القارة، وفي هذا الإطار تأتي التصريحات المناهضة للإسلام والتي أخذت شكلاً عنيفاً عندما نشرت إحدى الصحف الدنمركية صوراً كاريكاتورية مسيئة للإسلام واندلعت على إثرها مظاهرات وأعمال شغب في العديد من الدول الإسلامية، كما تأتي تصريحات النائب الهولندي زعيم حزب الحرية غيرت فيلدرز وقيامه بإنتاج فيلم (فتنة) الذي أثار العديد من ردود الأفعال، وفي ذات السياق تم أوائل الشهر الماضي إجراء استفتاء في سويسرا حول حظر بناء المآذن في المساجد السويسرية، كما يكرر بعض قادة الأحزاب اليمينية بين الفينة والأخرى مخاوفهم بشأن عدم اتفاق بعض أحكام الإسلام مع قيم أوروبا المسيحية العلمانية. يذكر أن مسلمي أوروبا يبلغ عددهم حوالي 20 مليونا في دول الاتحاد الأوروبي، مشكلين ما نسبته 4% من تعداد سكان دول الاتحاد، بحسب إحصائيات المكتب الأوروبي للإحصاء في الوقت الذي تشير فيه بعض الإحصاءات المستقلة إلى أن العدد أكبر من ذلك بكثير.