نعت دولة الإمارات العربية المتحدة مساء أمس الثلاثاء، رئيسها وباني نهضتها، صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، أحد القادة العرب الذين اشتهروا بالحكمة والدبلوماسية والحرص على رأب الصدع في الصف العربي خاصة.فقد أعلن ديوان رئاسة الدولة في أبو ظبي نعيه الشيخ زايد (86 عاما) الى شعب الإمارات والامتين العربية والاسلامية والى العالم أجمع، بوفاته مساء أمس الثلاثاء. وللإمارات مجلس وطني مؤلف من 40 عضوا يعينه شيوخها.وكان سموه قد واجه بعض المشاكل الصحية خلال السنوات القليلة الماضية وأجريت له عملية جراحية في تشرين الاول اكتوبر 2003 لاستئصال حصى من المرارة. كما اجريت له عملية جراحية في العنق في ايلول سبتمبر 1996 قبل ان تزرع له كلية عام 2000.وحكم الشيخ زايد الامارات 33 عاما وشهدت البلاد خلال فترة حكمه تحولات جذرية واستطاع بحكمته واعتدال سياسته أن يستغل عائدات النفط من أجل ازدهار وطنه ومساعدة الأشقاء العرب والمسلمين، وقد حقق المواطن الإماراتي مستوى معيشيا رفيعا في بلد يقطنه 3.7 مليون نسمة. المؤسس الأول ويعتبر الشيخ زايد المهندس الأول في تأسيس دولة الامارات العربية المتحدة في كانون الاول ديسمبر 1971، بعد انسحاب القوات البريطانية من منطقة الخليج. وحظي باحترام الزعماء العرب. وظل يدعو باستمرار من أجل تحقيق المصالحة العربية في مختلف القضايا وحاول اقناع الرئيس السابق صدام حسين بالتخلي عن الحكم في مطلع العام الماضي قبل أن تشن الحرب الأخيرة على العراق. وبقي متمسكا بحق بلاده في الجزر الإماراتية الثلاث (طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى) التي تحتلها ايران. مآثره وبحسب الوثائق الرسمية، ولد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان (حوالي عام 1918) وهو يتحدر من عائلة تولت منذ القرن الثامن عشر حكم امارة ابو ظبي اكبر الامارات السبع التي تشكل حاليا دولة الامارات العربية المتحدة. وفي يوم 18 فبراير شباط عام 1968 بعد وفاة الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم تشكلت نواه إقامة اتحاد بين الإمارات المتصالحة. وفي الثاني من كانون الاول ديسمبر من عام 1971 تولى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئاسة دولة الامارات وأعلن تأسيس الدولة مع أصحاب السمو حكام الامارات في دار الاتحاد بدبي. وكانت ابو ظبي آنذاك منطقة صحراوية لا موارد لها، تقتصر حياة البدو فيها على صيد الاسماك وتجارة اللؤلؤ وعلى الزراعة البدائية في الواحات. وفي هذه الفترة، لم تكن اي مدرسة قائمة وتعلم الشاب زايد تعاليم الاسلام على مشايخ محليين. وفي مطلع الثلاثينات وبناء على طلب شقيقه الكبير، الشيخ شخبوط الذي اصبح اميرا عام 1928، قاد زايد الفرق الاولى للشركات النفطية التي قدمت الى الصحراء لاجراء دراسات جيولوجية. وفي هذه الفترة، نما ولعه الشديد بالصيد بالصقور وفي عام 1977 نشر كتابا حول هذا الموضوع. وكان العام 1946 منعطفا في حياته بعد ان كلفه الامير شخبوط ادارة واحة العين، ما ساعده على التمرس بالحكم واعتماد نهج طبقه لاحقا على مستوى الدولة. وفي عام 1953، رافق اخاه الى بريطانيا وفرنسا واستفاد من هذه الزيارة في كيفية خدمة وطنه. وفي آب اغسطس 1966، اصبح زايد حاكم امارة ابو ظبي بعد التوصل الى توافق بين آل نهيان لايجاد خلف لشخبوط الذي كان ينتهج نمطا لم يكن يتواكب ومراحل تطوير الدولة. وتم اكتشاف النفط في ابو ظبي عام 1959 وبدأت عملية التصدير عام 1963 ما در على الامارة ثروة استخدمها الشيخ زايد لاطلاق مشاريع تنموية ضخمة. وبعد ابو ظبي، انتقل هذا الازدهار المفاجئ الى الامارات الست الاخرى اعتبارا من 1971 عندما اختير اول رئيس للاتحاد لولاية من خمس سنوات تجددت منذ ذلك الوقت حتى الآن. وفي العام 2002، بلغ ناتج الدولة الداخلي الخام 280.6 مليار درهم (76 مليار دولار). وحلت ناطحات السحاب والاسواق الكبيرة في البلاد محل الاكواخ الخيام. وتحولت الاراضي الصفراء إلى حقول خضراء. وفي 25 من أيار مايو 1981 ترأس الشيخ زايد أول قمة عربية لتعلن عن ميلاد مجلس التعاون الخليجي من دول الخليج العربية الست. وحصل شيخ آل نهيان على الوثيقة الذهبية من المنظمة الدولية للاجانب في جنيف تقديرا منها لجهوده في المجالات الانسانية المختلفة ورعاية الجاليات الاجنبية العاملة في الدولة عام 1985. وحصل على وسامين من منظمة الليونز العالمية (1992) تقديرا لمواقفه في بناء دولة الامارات. وعرف عنه عشقه لصيد الصقور وركوب الخيل. كما كان يتمتع بحس فكاهي ومعرفة واسعة. وتزوج عدة مرات ولديه العديد من الأبناء والبنات وزوجته الشيخة فاطمة كانت سندا له في شبابه. ولاية الحكم وطبقا لدستور الامارات العربية المتحدة فإن الشيخ مكتوم بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة ورئيس الوزراء وحاكم دبي سيحل محل الشيخ زايد في رئاسة الدولة حتى يتم اجتماع المجلس الاتحادي وحكام الامارات السبع خلال 30 يوما لانتخاب رئيس جديد للبلاد.