أخي الصائم: من اهم ملامح رمضان الكريم، مائدته في وجبة الافطار، والتي يتناولها الصائمون، بعد صلاة المغرب مباشرة. كانوا اذا سمعوا أذان المغرب، أكلوا عدة تمرات وشربوا عليها شيئا من ماء او لبن، وبعدها، فنجان قهوة عربية، وذهبوا بعد ذلك للصلاة، ويعودون ومائدة الافطار جاهزة بما لذ وطاب من الأكلات الرمضانية المخصوصة مثل: الهريس، والجريش، واللقيمات، والثريد، والخبز الأحمر الذي يؤكل مع الخضار المطبوخة (الصالونة). كل هذه الاكلات الرمضانية، كانت من انتاج محلي لا مستورد فيها، وفي كل بيت رحى، اي (مطحنة للدقيق) وهي عبارة عن حجرين صخريين، على شكل اسطواني، او قرصين سميكين، احدمها فوق الآخر، وفي العلوي منهما عمود خشبي في طرفه، وثقب في مركزه، العمود ليحرك الطحان به الاسطوانة بشكل دائري، واما الثقب، فهو ما يضع فيه الطحان الحب المراد طحنه (اللهوة) ومن هذه الفتحة المركزية اللهوة يخرج عمود من الحديد ليضبط انتظام الدوران وبهذه الآلة اليدوية البسيطة، يطحن الدقيق، اما الهريس فان له احتفالية اخرى قبل رمضان في كل بيت تقريبا. ففي كل بيت تقريبا، مهباش كبير ويسمى في بعض مناطق المملكة كالاحساء (منحاز) وهو عبارة عن جذع نخلة مقطوع بارتفاع متر او متر ونصف، ومحفور في وسطه من اعلى حفرة، بعمق نصف متر تقريبا، ويوضع الهريس الحب فيها، ويقوم اهل البيت والجيران بالتعاون في الدق، ويستمر هذا العمل، في بعض البيوت الثرية، والوجيهة، حوالي اسبوعين او اكثر. والهريس عادة، يطبخ مع اللحم الخالي من العظم حتى يسهل ضربه، والضرب عبارة عن هرس اللحم بالقمح بعد النضح بالمضرابة، وهذا النضج يكون على نار خفيفة لمدة ست ساعات او اكثر ، واما الثريد.. فيحضر من الخبز الرقيق، الذي يصنع في البيت على التاوة، ويسمى (خبز الرقاق) والتاوة عبارة عن صفيحة معدنية من الحديد على شكل دائري توضع على النار، وتوضع فوقها العجينة، وتمسح باليد على التاوة، لذلك يسمى في بعض البلدان (خبز مسح) يكسر هذا الخبز في وعاء، ويصب عليه الماء الذي به اللحم المسلوق والخضار (الصالونة) ويخلط جميعا فيصبح ثريدا. وكل بيت يصنع فيه الهريس والجريش والثريد واللقيمات، ما عدا الخبز الاحمر، فان له وضعه الخاص، كيف؟ أخي الصائم الخبز الاحمر لاتصنعه ربة البيت في المنزل، وانما تعجنه فقط، ولعدم وجود (الخميرة) في الماضي.. تعجنه في الشتاء بعد السحور مباشرة، لافطار يوم غد، اما في الصيف فتعجنه ضحى وعندما يصلون الظهر، توضع المعجنة، في زنبيل وتغطى وحولها بعض الكرب، وبعض قطع من جذوع النخل، ويحمله احد الابناء ويذهب به الى الخباز، او الخبازة، وينتظر حتى يأتي دوره، ويخبزه له، ويستلم العجين خبزا طريا رائحته في انوف الصوام قوية شهية. هذا الخباز او الخبازة، تستمر مع عملائها طوال الشهر، كل يوم تصنع لهم خبزهم وفي نهاية الشهر، او في شوال يعطي الخباز، او الخبازة، اجر ما صنعه من خبز، وهو عبارة عن كمية من التمر، تتراوح بين مرحلة الى ثلاث مراحل تمر، وقليل من الاسر تدفع نقودا، بدل التمر، والنقود لا تتجاوز العشرة ريالات اجرة لشهر كامل.