اعتدنا قراءة الهجوم او الاشادة بمسلسل طاش ما طاش الرمضاني في صحفنا المحلية، لكنها المرة الاولى التي تتطرق مجلة عريقة كاللوموند ديبلوماتيك له كظاهرة متميزة في الوطن العربي . اللوموند تنظر الى المسلسل من زاوية أنه احدث ارباكا في المجتمع السعودي، وتعتقد - وربما كانت صائبة - أن التشجيع الذي حظى به طاش ما طاش وإصرار التلفزيون السعودي على عرضه كل عام هو محاولة من جهاز الإعلام الحكومي منح خطابه المصداقية، فهو يستهدف بسهام نقد ساخرة أداء الأجهزة الحكومية الأخرى دون استثناء. تقرير اللوموند حمل لوما من كتاب وأكاديميين لتجربة المسلسل ، فالبعض يرى في بعض حلقاته تحيزا ضد بعض شرائح المجتمع وإظهارهم على الدوام بأنهم محدودي الأفق، وأن هناك تجاهلا لوجود مئات من الأطباء والمهندسين والجامعيين تلقوا تعليما ممتازا على المستويين الوطني والدولي، وهناك أيضا انتقادات للمسلسل بأنه يسخر من مناطق وانتماءات محلية، من خلال التقليد الناجح للهجات في بعض حلقاته. السدحان والقصبي بطلا المسلسل كشفا جزءا من معاناتهما في السنوات الإحدى عشرة الماضية، وقد تعرضا للحجب والمنع وإسقاط بعض الحلقات، وواجها حملة شرسة ضد مشاهدة المسلسل في الأساس، ونحن نراهما اليوم ورغم ذلك كله ماضيين في تقديم البرنامج للعام الثاني عشر على التوالي، بأفكار جديدة، والأهم أنهما يقدمان نفسهما كل عام باستخدام تكتيك جديد يبدو أنه تحدي الإبداع في هذا العمل الفني الذي هو عبارة عن خلطة سحرية تحتوي على نقد هادف بتناول عميق وبتغليف كوميدي ساخر لتحقيق جماهيرية كل عام. قد لا يحتاج الجميع الى طاش ما طاش، وقد نستمتع بمشاهدة تجسيد اخطائنا وقد لا نضحك عليها، لكننا في السعودية لن نجد أداة أهم ولا أفضل من البرنامج لقياس مدى قدرتنا على التعامل مع رأي آخر، ولا مثال حي للاستخدام الأمثل لحريات التعبير، في مضامين المسلسل نفسه، وفي تفاعل الجمهور ووسائل الإعلام معه.