طوفان من المسلسلات الخليجية بعضها جيد وبعض الآخر يعاني من ضعف النص وبطء الإيقاع، وفقر الإنتاج؛ وذلك يرجع إلى أن معالجة الموضوعات تم بشكل رديء وما كان المقصود به كوميديا جاء مملًا وذا أثر عكسي من السماجة وثقل الظل لأن الكتابة للكوميديا أصعب بمراحل من كتابة النصوص الاجتماعية أو الميلودراما، وذلك لأن فن الاضحاك ليس سهلًا وإلا تحوّل إلى إسفاف وهزل أبعد ما يكون إلى الضحك.. لهذا سوف نختار بعضًا من هذه المسلسلات للحديث عنها تفصيليًا. «طاش18» بداية مسلسل «طاش ما طاش».. لقد عوّدنا ناصر القصبي وعبدالله السدحان في السنوات السابقة أن يعرضوا عيوب مجتمعنا السعودي ونقائصه بأسلوب انتقادي ساخر لطيف يجعلنا نضحك على أنفسنا، أما هذه السنة (طاش18) فإنها «طاشت» في التأليف والإخراج وإيقاع العمل، فجاءت بعض مشاهده مكررة دون سبب إلا ليزيد من بطء الايقاع الدرامي ويُبعد المشاهد عن المتابعة ولم يشفع لحلقات «طاش18» سوى أداء العملاقين القصبي والسدحان، إلا أن ذلك لا يشفع للحلقات متابعتها فالتنافس شديد بين الفضائيات مما يُفقد «طاش ما طاش» جمهور مشاهديه. الحلقة الاولى من «طاش» كانت عن المقارنة بين المتشدّدين فى الدين وبين المعتدلين إلى أن أدّى الخلاف بينهم إلى دخول الحجز واستمرار خلافاتهم داخل الحجز فما كان من شريكهم في المعتقل إلا أن هدّدهم بالقتل إذا لم يكفوا عن المشاحنة وتنتهى الحلقة برجوع الوئام بين المختلفين ويصلون لحل وسط بينهم ويتجاورون في الأرض ويصبحون أصدقاء ومتراحمين مرة أخرى تنتهى الحلقات نهاية سعيدة تدعو هذة الحلقة للتصالح والوئام بين الناس. مضمونها جيد ولكنها لا تحتوي على الإضحاك الذى عوّدنا عليه النجمين في السابق. الحلقة الثانية عن تلاعب تجار العقار وشطارة المحامين وإلباسهم الحق ثوب الباطل لكسب القضايا ومساومتهم لموكليهم في أخذ نسبة نظير كسب قضاياهم بالباطل. موضوع هذة الحلقة عن الرشى وخراب الذمم بين الناس وتنتهي الحلقة نهاية مفتوحة.. هذه الحلقة بها تكرار وملل وما جعلها مقبولة هو أداء القصبي لدور المحامى السوداني المثقف الذي يقع فريسة تلاعب السدحان الذي قام بدور البدوي تاجر العقار ويستعمل علم المحامي في الإيقاع بعملاء وكسب قضايا بالباطل لصالحهم وتحقيق مكاسب مادية من وراء ذلك. الحلقة الثالثة عن القضاة والعمولات وصكوك الأراضي وما يحدث فيها من تجاوزات وضياع حقوق وقد كانت فرصة طيبة لوضعها في إطار كوميدي ساخر وبخاصة عندما ادّعى القاضي أنه ممسوس من الجن للهروب من المساءلة والتحقيق ثم تنتهي القضية بقيدها ضد مجهول بما أن القاضي المرتشي استطاع أن يفلت من العقاب ولبس القضية القهوجي بالمحكمة. الحلقة الرابعة عن محاولة تزويج أختهم العانس ومحاولة الغش والتدليس في سبيل تزويحها والحلقة لم تؤتي بالأثر المطلوب منها كوميديًا ولو رجع المخرج وكاتب السيناريو لأفلام إسماعيل يس وله فيلم أو اكثر مثل «الآنسة حنفي» لاستطاعوا أن يقتبسوا منه المواقف المضحة. الحلقة الخامسة أفضل من سابقاتها حيث ان بها بعض المواقف الطريفة تتعرّض لاستغلال بعض الآباء لأهل العريس ومحاولة كل مهر العروس دون إتمام الزواج أو استغلال أهل العريس لأهل العروس حتى نظير طلاقها من العريس الذي لا تستطيع أن تنسجم معه. إلى الآن الحلقات جاءت مخيّبة للآمال من حيث معالجة الأفكار فهي لم ترق إلى مستوى أعمال سابقة للفنانين كما أن الإخراج كان ضعيفًا مع توفر امكانات لم تكن متوفرة لهم في الأعمال السابقة منها استخدام أكثر من كاميرا في التصوير والاستعانة بممثلين محترفين مثل سناء يونس إلا أن أدوات الفن لم يحسن المخرج استخدامها، لذلك أرى أن الحلقات المنفصلة من أصعب القوالب الدرامية لتنوّع أفكارها وموضوعاتها وصعوبة كتابتها جيدًا، لذلك أنصح القصبي والسدحان إذا لم يتوفر لهما نص جيد أن يظهروا في مسلسل اجتماعي يجمع بين الكوميديا ونقد المجتمع والبحث في مشكلات الشباب وبذلك يركزون على أشياء محددة تهم المشاهد ويبعدون عن التكرار الممل الذي حدث هذا العام. من المسلسلات الاجتماعية التي تستحق المشاهدة 1- مسلسل «بوكريم برقبتة سبعة حريم» بطولة سعد الفرج، وإبراهيم الحربي، وإلهام فضالة، وشجون الهاجري، وتأليف هبة مشاري حمادة وإخراج منير الزعبي. قصة رجل مكافح عصامي (سعد الفرج) له سبع بنات تركتهن أمهن هربًا من الفقر وتخلت عن مسؤوليتهن فما كان من الأب إلا أنه ادّعى وفاتها لبناته وتولى تربيتهن وهن صغار ورفض أن يتزوج حتى أصبحن شابات جميلات يسعين لتحقيق ذواتهن في اللحظة التي تظهر الأم مطالبة ببناتها فيقف الأب مدافعًا على بناته وسعادتهن ضد أنانية أمهن التي تريد أن تقطف ثمرة كفاح والدهن وتغريهن بمالها.. وتتوالى أحداث المسلسل ويتخلل هذا العرض مواقف إنسانية مؤثرة وبخاصة المشهد بين الأب وأم البنات وهي تطالب ببناتها وتغري زوجها السابق بالمال لأن هذه هي اللغة التي تجيدها دون أي اعتبار للمشاعر الإنسانية بين الوالدين وابنائهم. 2- مسلسل «الجليب» من تأليف وتمثيل حياة الفهد.. تصوّر الكويت في بداية القرن الماضي وما في هذا الجو التراثي من جاذبية وبساطة وحياة الفطرة التي لا تخلو من حب وتراحم وتمتزج الغيرة والتنافس والحسد بين الأخ وأخيه والعلاقات الإنسانية التي تشوبها الحب بدون أمل وذلك لتعنّت الأهل والوقوف حائلًا دون تحقيق رغبة الأحبة. هو مسلسل ميلودرامي جيد حيث ان الأحداث تتوالى بسلاسة ومبررة. 3- مسلسل «فرصة ثانية» بطولة سعاد عبدالله، وعبدالعزير جاسم، وباسمة حمادة، وإلهام الفضالة، وتأليف وداد الكواري وإخراج علي العلي.. قصة عائلة خليجية تعاني من تسلّط رب الأسرة وتحكّمه في حياة ومصير أفرادها إلى أن يسقط طريح الفراش فاقد النطق ويبدأ في استعادة وعيه بمن حوله ويدرك من يحبه بإخلاص من أفراد أسرته ومن يحب ماله أكثر وينافقه.. يبدأ في مراجعة الذات وتأنيب الضمير متمنيًا الشفاء حتى يصحح أخطاء الماضي.. كل هذا في قالب درامي متسق مع توالي الأحداث. تتألق الفنانة سعاد عبدالله في دور العمّة التي تظهر في حياة شقيقها المريض وأولاده وهي الرقيقة الحال وقد حُرمت من رؤية أولادها مدة عشرين عامًا بسبب خلافها مع زوجها السابق وانتقامه منها بحرمانها من أولادها. 4- مسلسل «هوامير الصحراء».. مسلسل سعودي يشترك في التمثيل به ممثلون من السعودية والكويت والإمارات عن صراع المال والسلطة بين رجال أعمال من السعودية والإمارات واللجوء لكل الحيل والألاعيب للفوز بالمشروعات الضخمة. في غمار أحداث المسلسل يتعرّض لمشكلة توظيف السعوديات ويأتي ذكر قيادة المرأة للسيارة، المسلسل بصفة عامة يتناول موضوعًا مختلفًا وهو جو المشروعات ورجال الأعمال إلا أن الشخصيات النسائية في العمل تضع مكياجًا مبالغًا فيه ويرتدين ملابس لا تتفق مع شخصية المرأة العاملة التي يؤدينها وفي رأيي أنه مسؤولية مخرج في المقام الأول. لنا عودة للحديث عن باقي المسلسلات وبخاصة التاريخية مثل مسلسل «الحسن والحسين» ومسلسل «الحجاج». * ناقدة ومخرجة سينمائية