حتى قبل أن تنتهي فعاليات الملتقى الأول للمثقفين السعوديين وإعلان توصياته ، تردد في أحاديث عدد غير قليل من المثقفين التساؤل عمّا إذا كانت وزارة الثقافة والإعلام سوف تنظم ملتقيات أخرى . يبدو واضحاً من الاهتمام بهذا الموضوع عمق وقوة تأثير مؤتمرات الحوار الوطني المتعاقبة التي أدت إلى مراكمة توصيات مجهولة المصير ومؤجلة التنفيذ. اعتقد أن ما ينبغي أن يكون في بؤرة اهتمام المثقفين بعد انتهاء الملتقى هو مسألة تنفيذ وتفعيل توصياته ، والشيء ذاته مطلوب من وزارة الثقافة قبل التفكير في عقد ملتقى ثان ، ما لم تكن الوزارة تطمح إلى إضافة اسمها إلى سجل الأرقام القياسية المعروف ب (غينيس ريكورد) ، أو إلى أن تكون الوزارة الشرق أوسطية الأولى في تنظيم الملتقيات. وعوداً إلى تصريحات الأمين العام للهيئة الاستشارية الأستاذ محمد رضا نصر الله عن رمي الوزارة الكرة في ملعب المثقفين ، أو أن الملتقى لن ينتهي بانتهاء فعالياته ، أود لفت انتباه الوزارة والأمين العام إلى حقيقة وجود 22 كرة الآن "عدد التوصيات" في ملعب الوزارة ، والى أن استمرار الملتقى يستوجب أن تمارس الوزارة الصراحة والشفافية في تعاطيها وتعاملها مع التوصيات وذلك بإعلان خططها لتنفيذها وكشف الإطار الزمني للتنفيذ ، وما قد تتبناه من التوصيات وما لن تتبناه ولماذا. لا يكفي أن تتبنى الوزارة توصية من التوصيات دون أن تكشف النقاب عن الأسباب ، ولا يكفي أن تقدم تنفيذ توصية وتؤجل تنفيذ أخرى دون وضع مبررات التأجيل على الطاولة . إن تبني المكاشفة والشفافية في معالجة مسألة التوصيات هو ما يجعل الملتقى مستمراً وممكنا للحوار الذي حالت أمور عدة دون توسع مجاله وتعمقه وانفتاحة على كثير من الأمور والقضايا الهامة التي لم تتطرق إليها الورقات التي قدمت في جلسات الملتقى. احاطة التوصيات وعملية تنفيذها بالصمت والتعتيم كأن الأمر في غاية السرية وشأن خاص من شؤون الوزارة وحدها ينسف تصريح الأمين العام من قاعدته ويلقى بظلال كثيفة من الشك على صدقية الوزارة ذاتها ، ويكشف أن تلك التصريحات كانت معدة للاستهلاك الإعلامي فقط . استمرار الحوار حول الشأن الثقافي الذي بدأ في الملتقى مشروط بالصراحة والشفافية من جهة الوزارة ، وتقبل النقد ، وهنا يبدو ضرورياً الاشارة الى احتمالية تحول كونها مصدر التعليمات والتعميمات ذات الطابع الإعلامي إلى عامل إعاقة للحُوار كأن تلجأ مطبوعة ما إلى ممارسة الرقابة على ما يردها من انتقادات للوزارة خشية توتر العلاقة بينهما ، الأمر الذي يدعو الى الحيطة وأخذه بعين الاعتبار من قبل الوزارة والعمل على الحيلولة دون حدوثه.