يومنا الوطني يوم لا تغيب شمسه, ولا تنعدم من نفوسنا ذكراه, لانه موقف ودرس وعطاء فهو يحكي ماضيا اصيلا, وحاضرا زاهرا, ومستقبلا واعدا, ففي كل ايامنا وليالينا بساعاتها ودقائقها وثوانيها, نستذكر امجاد هذا الوطن ومحاسنه فنحمدها ونحميها, ونتألم عند تصور ما كان عليه الحال قبلها فنقول: لا اعادها الله من فرقة وشتات وعداء وسلب, وجهل وسقم, وهوان على الاعداء. واليوم الوطني هو اليوم الذي اتحدت فيه البلاد تحت راية التوحيد والوحدة الشاملة والاخوة الصادقة, وتضافر الجهود التي تمثل الجسد الواحد الذي يشد بعضه بعضا, ومتى اشتكى منه عضو تداعى له سائر الاعضاء والتي من خلالها تحقق - بعد توفيق الله - المراد وارتقى الوطن لمصاف الاوطان المتقدمة في وقت وجيز, كما تحقق لمواطنيه ما كان يظنه البعض حلما مما يؤكد لنا سلامة المبدأ وحسن الطوية وعمق الطموحات وتجددها, فهي بلا حدود وشواهد ذلك ماثلة لكل منصف, وليس ادل على ذلك من حسد الحاسدين فكل ذي نعمة محسود ولن يزيدنا هراء الاعداء غير الثبات فلكم تمنوا ان يكونوا على مثل ما نحن عليه فما افلحوا فنقموا منا, ولن يتم لهم ذلك المراد, طالما عصمتنا بحبل الله وليس للفرقة بيننا موطن وقد جنينا ثمارها ونحن ادرى بحالنا فلن يكون للمغرضين علينا من سبيل. وفي كل عام وكما جرت العادة نحتفي بيومنا الوطني المجيد, نتذكر الاجداد كيف جابوا ارجاء شبه الجزيرة يقودهم الصقر جلالة المغفور له باذن الله الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود, ممتطين جياد العز, حاملين رايات التوحيد, رافعين سيوف النصر سندهم في ذلك كتاب الله عز وجل وسنة نبيه المصطفى - صلى الله عليه وسلم - همهم الوحيد اعادة الهيبة والعزة لهذه البقعة المقدسة من العالم مجبرين بعملهم هذا التاريخ ان يعيد نفسه مجددا ايذانا ببدء عهد اسلامي جديد تعود معه هذه البلاد لممارسة دورها التاريخي كأرض للرسالات والبطولات هذه المرة على يد عبدالعزيز المليك الذي ارسى دعائم الامن والاستقرار للبلاد ليأتي من بعده ابناؤه المخلصون الذين اكملوا مسيرة الرقى والنهضة دونما تعارض مع الدين الحنيف. ورغم احتفالنا هذا العام بيومنا الوطني الغالي الا اننا في الوقت ذاته نتجرع مرارة ما تفعله فئة باغية ضلت طريق الصواب, سالكة دروب التطرف المذموم والارهاب المنبوذ, فئة تدعى انها مجاهدة في سبيل الله ناسية او متناسية ان الجهاد حق لولي الامر وحده كما جاء في تعاليم ديننا الحنيف وكما اعلنها علماؤنا صريحة مدوية في وجه هذه الفئة ومن يدعمهم, وما اللحمة الوطنية والالتفاف حول القيادة في هذه الشديدة التي اصابتنا الا برهان يبين مدى صدق ولاء ومشاعر هذا الشعب النبيل وحبه لحكامه المخلصين وذلك في رد بليغ على افتراءات هؤلاء الشرذمة في اخذهم زمام المبادرة دونما حق لتنفيذ جرائم ومجازر الدين منها براء لقد ثبت بالدليل القاطع ان دولة العز كانت هي الكاسب الوحيد في كل حروبها ضد الارهاب, وفي كل مرة تخرج بنصر مؤزر في الجانب المادي المتمثل بالقضاء على هذا الارهاب سواء كان ارهاب جماعات او حتى حكومات, وفي الجانب المعنوي واعني هنا التفاف الجماهير حولها نصرة وتأييدا وما يحدث الآن من تجديد للبيعة ورفض للعنف, من قبل زعامات القبائل والمواطنين يؤكد هذا الشيء, كما ان الامثلة على هذه الانتصارات واضحة للعيان فاحداث الحرم المكي الشريف في مطلع القرن الهجري الخامس عشر, وما جرى من احداث في منطقة الخليج قبل 14 عاما تؤكد ان الدولة - ادامها الله - هي الكاسب الوحيد في هذه الجولات, لذا نحن المواطنين لن نقف مكتوفي الايدي بل سنشمر عن سواعدنا للوقوف جنبا الى جنب مع رجال الامن لاستئصال شأفة هؤلاء الخوارج اما بدعاء يعبر ابواب السماء المفتوحة, او بقلم يقض مضجع هؤلاء الطغمة الفاسدة, او بارشاد ابنائنا البواسل من جنود ورجال امن لاماكنهم وبؤر تجمعهم. ان الدولة - ايدها الله - تحرص دوما على ايجاد قنوات للتحاور بينها وبين المواطنين وذلك في مناخ صحي اسلامي ولنا في مجلس الشورى الذي تمتد جذوره الى فترة حكم المؤسس جلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود - رحمه الله - مثال على ذلك فمن منطلق ديني اعتمد جلالته المجلس بعد الانتهاء من توحيد الارجاء المترامية للمملكة, فكان اول تشكيل لمجلس الشورى في عهده عام 1346ه قاصدا بهذا العمل - رحمه الله - التواصل مع مواطنيه عن طريق هذه القناة الشرعية سنده في ذلك قوله تعالى: (وأمرهم شورى بينهم), ولا انسى في هذا الصدد ذكاء هذه الشخصية الفذة التي رأت ضرورة الربط بين هذا المزيج المختلف من ابناء المناطق والقبائل المختلفة عن طريق هذا المجلس الذي استمر حتى وفاته - رحمه الله - وبعد ذلك جاء قرار مجلس الوزراء الذي رأى في ذلك الوقت اهمية اضطلاعه ببعض اعباء ومسؤوليات مجلس الشورى وذلك تمشيا مع معطيات ذلك الزمان, حتى جاء عهد الفهد الباني الذي اعاد المجلس وبثوب جديد ليتلاءم مع واقع عصرنا. ولتشجيع الحوار الوطني قامت الدولة بمباركة من سمو سيدي ولي العهد - يحفظه الله - بتأسيس مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني الذي يرمي الى اعطاء مساحة من الحرية للمواطنين للتحاور بين انفسهم ودونما تدخل من اي جهة رسمية وذلك بغية محاربة التطرف والفكر الارهابي, ثم الآن نحن مقبلون على استحقاقات الانتخابات البلدية وهي خطوة غير مسبوقة في تاريخ بلادنا كل هذا ليؤكد ولاة الامر انهم خير خلف لخير سلف وان اليوم الوطني ليس مجرد ذكرى نتذكرها بالشعر والانشاد ولكنه يوم عمل وجهاد. وتذكير بما فعله الاجداد لنا وما نحن قادمون اليه في سباق تطور الامم. ويومنا الوطني ايضا يذكرنا بالوحدة الوطنية والمنجزات الحضارية التي تحققت في ظلها ولاينكرها الا حاقد او حاسد, وهذه المناسبة ايضا تحفزنا للوقوف صفا واحدا امام تحديات التيارات العدائية والارهابية التي خدشت كرامة هذه الوحدة الوطنية سواء من القوى المعادية في الداخل او الخارج. وقد ثبت ذلك في السنة الماضية, حيث تحطمت على صخرة الوحدة الوطنية والانتماء الوطني نزوات الشيطان والجماعات الارهابية, فزادت هذه الاحداث من التماسك الوطني وزادت من قوته وصلابته للمضي في مسيرة التنمية والوحدة الوطنية. وهذا الامتحان الذي مرت به بلادنا الغالية هو بمثابة ابتلاء تلقى عليه دروس في التربية الوطنية وعلينا ان نشعر بهذه المناسبة بالامتحان والعزة والكرامة التي تسود افراح المواطنين هذه الايام, حيث تستطيع ان تستمر الوحدة الوطنية في اوج عزها وقوتها وتماسكها اكثر من ذي قبل. * نائب شيخ قبيلة الدواسر