في كل عام وكما جرت العادة نحتفي بيومنا الوطني المجيد. نتذكر الاجداد كيف جابوا ارجاء شبه الجزيرة يقودهم الصقر جلالة المغفور له باذن الله الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن ال سعود، ممتطين جياد العز، حاملين رايات التوحيد، رافعين سيوف النصر سندهم في ذلك كتاب الله عز وجل وسنة نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم همهم الوحيد اعادة الهيبة والعزة لهذه البقعة المقدسة من العالم مجبرين بعملهم هذا التاريخ ان يعيد نفسه مجددا ايذانا ببدء عهد اسلامي جديد تعود معه هذه البلاد لممارسة دورها التاريخي كأرض للرسالات والبطولات هذه المرة على يد عبدالعزيز المليك الذي ارسى دعائم الامن والاستقرار للبلاد ليأتي من بعده ابناؤه المخلصون الذين اكملوا مسيرة الرقى والنهضة دونما تعارض مع الدين الحنيف. وها نحن الآن نعيش في كنف مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز - يحفظه الله - رجل لم يجد الزمان بمثله. رجل جمع المجد والعز من اطرافه، وما استبدال مسمى جلالة الملك بلقب خادم الحرمين الشريفين، وانشاء مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، والتوسعات المستمرة للحرم المكي والمسجد النبوي، والمساعدات والاعانات للمسلمين في الداخل والخارج، ونصرة قضايا الاسلام الا صفات لنفسه المؤمنة. وما الذكاء المركب والحنكة السياسية واستشراف الاحوال والمشورة في الامر الا صفات لشخصه العظيم. ادعو الله ان يطيل عمره وان يؤيده بنصره. رغم احتفالنا هذا العام بيومنا الوطني الغالي الا اننا في الوقت ذاته نتجرع مرارة ما تفعله فئة باغية ضلت طريق الصواب، سالكة دروب التطرف المذموم والارهاب المنبوذ. فئة تدعي انها مجاهدة في سبيل الله ناسية او متناسية ان الجهاد حق لولي الامر وحدة كما جاء في تعاليم ديننا الحنيف وكما اعلنها علماؤنا صريحة مدوية في وجه هذه الفئة ومن يدعمهم. وما اللحمة الوطنية والالتفاف حول القيادة في هذه الشدة التي اصابتنا الا برهان يبين مدى صدق ولاء ومشاعر هذا الشعب النبيل وحبه لحكامه المخلصين وذلك في رد بليغ على افتراءات هؤلاء الشرذمة في اخذهم زمام المبادرة دونما حق لتنفيذ جرائم ومجازر، الدين منها براء. لقد ثبت بالدليل القاطع ان دولة العز كانت هي الكاسب الوحيد في كل حروبها ضد الارهاب، وفي كل مرة تخرج بنصر مؤزر في الجانب المادي المتمثل بالقضاء على هذا الارهاب سواء كان ارهاب جماعات او حتى حكومات وفي الجانب المعنوي واعني هنا التفاف الجماهير حولها نصرة وتأييدا وما يحدث الآن من تجديد للبيعة ورفض للعنف من قبل زعامات القبائل والمواطنين يؤكد هذا الشيء، كما ان الامثلة على هذه الانتصارات واضحة للعيان فاحداث الحرم المكي الشريف في مطلع القرن الهجري الخامس عشر، وما جرى من احداث في منطقة الخليج قبل ثلاثة عشر عاما تؤكد ان الدولة - ادامها الله - هي الكاسب الوحيد في هذه الجولات، لذا نحن المواطنين لن نقف مكتوفي الايدي بل سنشمر عن سواعدنا للوقوف جنبا الى جنب مع رجال الأمن لاستئصال شأفة هؤلاء الخوارج اما بدعاء يعبر ابواب السماء المفتوحة، او بقلم يقض مضجع هؤلاء الطغمة الفاسدة، او بارشاد ابنائنا البواسل من جنود ورجال امن لاماكنهم وبؤر تجمعهم. ان الدولة ايدها الله تحرص دوما على ايجاد قنوات للتحاور بينها وبين المواطنين وذلك في مناخ صحي اسلامي ولنا في مجلس الشورى الذي تمتد جذوره الى فترة حكم المؤسس جلاله المغفور له - باذن الله - الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل ال سعود مثال على ذلك فمن منطلق ديني اعتمد جلالته المجلس بعد الانتهاء من توحيد الارجاء المترامية للمملكة، فكان اول تشكيل لمجلس الشورى في عهده عام 1346ه قاصدا بهذا العمل رحمه الله التواصل مع مواطنيه عن طريق هذه القناة الشرعية سنده في ذلك قوله تعالى (وامرهم شورى بينهم). ولا انسى في هذا الصدد ذكاء هذه الشخصية الفذة التي رأت ضرورة الربط بين هذا المزيج المختلف من ابناء المناطق والقبائل المختلفة عن طريق هذا المجلس الذي استمر حتى وفاته - رحمه الله - وبعد ذلك جاء قرار مجلس الوزراء الذي رأى في ذلك الوقت اهمية اضطلاعه ببعض اعباء ومسئوليات مجلس الشورى وذلك تمشيا مع معطيات ذلك الزمان. حتى جاء عهد الفهد الباني الذي اعاد المجلس وبثوب جديد ليتلائم مع واقع عصرنا هذا وذلك في عام 1412ه والآن وبعد مرور اثنى عشر عاما على هذا التطوير يبدأ المجلس دورته الثالثة وباعضائه الذين ازدادوا الى (120) ونحن كلنا امل ان يحقق تطلعاتنا وطموحاتنا واذكر في هذا الخصوص ما اقترحته من قبل على المجلس من منطلق الوطنية وما يمليه علي واجب النصح حيث ارى انه من الضروري تكوين لجنة مختصة بالصناعة تتولى طرح المواضيع الخاصة بالمستقبل الصناعي للبلد على طاولة النقاش، كما ارى انه من المناسب مناقشة ميزانية الدولة وحسابها الختامي قبل اقرارهما من قبل المجلس، واعتقد انه من الافضل ان يفعل المجلس الدور الاعلامي في تغطية جلساته واخص بالذكر هنا التليفزيون الذي كنت اتمنى حقا ان ينقل لي على الهواء مباشرة جلسات مجلسنا الموقر، كما ارجو من المجلس ان يتبنى في المرحلة القادمة اعتماد مشاركة النصف الاخر من المجتمع واعني بذلك المرأة بحيث يكون بمقدورها الادلاء برأيها وشرح همومها وذلك من خلال ما هو معمول به في الجامعات والكليات باستخدام نظام الشبكة التليفزيونية المغلقة. وحيث ان حديثي هنا تركز على ما قامت وتقوم به الدولة لفتح باب الحوار والاخذ بمبدأ الديمقراطية من منظور اسلامي اذكر بما قامت به مجددا وهذه المرة بمبادرة ومباركة من سمو سيدي ولي العهد - يحفظه الله - بتأسيس مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني الذي يرمي الى اعطاء مساحة من الحرية للمواطنين للتحاور بين انفسهم ودونما تدخل من أي جهة رسمية وذلك بغية محاربة التطرف والفكر الارهابي. تم ايضاح ذلك من خلال النقاط الواحدة والعشرين التي اعلنها المتحاورون لتبدأ بذلك مرحلة جديدة قد يكون من شأنها توسيع دائرة المشاركة الشعبية في القرارات العامة. وأخيرا أسأل المولى جلت قدرته ان يحفظ لهذا البلد أمنه وان يديم عليه عزه في ظل الرعاية الكريمة من لدن مولاي خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الامين وسمو النائب الثاني حفظهم الله جميعا. وكيل الهيئة الملكية للجبيل وينبع