بعد مهرجان أصيلة لسينما الجنوب، وأسابيع قبل مهرجان مراكش السينمائي الدولي، شهدت مدينة سلا "الضفة الشمالية لنهر أبي رقراق الذي يفصلها عن العاصمة الرباط" تنظيم مهرجانها الدولي الأول للسينما المنظم تحت شعار "شاشة المرأة" الذي افتتح مساء يوم الثلاثاء واستمرت فعالياته حتى غاية الحادي عشر من سبتمبر. ليضاف إلى قائمة من المهرجانات السينمائية المتميزة التي ارتبطت بعدد من المدن المغربية خريبكة للفيلم الأفريقي، وتطوان للسينما المتوسطية، وطنجة، وأصيلة لسينما الجنوب، والرباط ضمن مهرجانها الدولي، ومراكش التي تستعد لانطلاقة الدورة الثالثة من مهرجانها السينمائي الدولي. حفل الافتتاح و"المرأة والسينما" وخلال حفل الافتتاح الذي حضره عدد من أعضاء الحكومة المغربية وشخصيات من عالم السينما والثقافة والفن، أكد نور الدين شماعو رئيس المهرجان أن الفن السابع الذي يحاكي الحياة صورة وصوتا شعورا وحركة يعتبر مرآة لذات الإنسان بامتياز مشيرا إلى أن اللجنة المنظمة للتظاهرة أبت إلا أن تكرم المرأة في المهرجان ويكون مرآة لقضاياها وانشغالاتها تثمينا للإصلاحات التي عرفها المغرب في هذا المجال والتي توجت بصدور قانون مدونة الأسرة. وعن برنامج المهرجان، ذكر شماعو أن الدورة الأولى تشمل فقرات عالمية وعربية ووطنية يؤثثهامبدعون وفعاليات مغربية وعربية ودولية تبدأ بالفرجة الإبداعية وتنتهي بتسليم الجوائز في فضاءات قابلة لمعانقة الجمهور بمختلف مكوناته. من جهته عبر نور الدين الصايل المدير العام للمركز السينمائي المغربي في تدخله عن إعجابه بهذا المشروع الذي اكتمل وخرج من رحم مدينة سلا بفضل تضافر الجهود وكذا بفضل أجواء المغرب المفعمة بثقافة سينمائية تبلورت وأعطت ثمارها مشيرا إلى أن المهرجان أضحى يشكل حلقة من حلقات المهرجانات الأخرى التي تنظم بمدن مغربية أخرى يتميز كل واحد منها عن الآخر في التوجه والمعالجة، معتبرا أن اختيار محور المرأة عبر شعار المهرجان وخمس نساء في لجنة تحكيم يعد رسالة قوية يوجهها المهرجان إلى المرأة ويكرمها عبرها. وتميز حفل افتتاح هذه التظاهرة التي عرفت مشاركة 18 دولة من القارات الأربع بتقديم أعضاء لجنة التحكيم التي تضم المخرجة المغربية نرجس النجار كرئيسة، والمخرجة المصرية إيناس الدغيدي وممثلة المؤسسة اليونانية للثقافة صوفيا هينيدو كومبانيس ومديرة المركز السينمائي لوريكس الفرنسية ماريان بيكيت, والمنتجة السينمائية المغربية المقيمة بفرنسا نزهة دريسي كوهن كأعضاء. أفلام تعرض للمرة الأولى وتكريم واقترح برنامج الدورة الأولى للمهرجان الدولي للفيلم بسلا في مركز "الداوليز" السينمائي إلى جانب عرض باقة من الأفلام المغربية والعربية والأجنبية تكريم وجوه سينمائية نسائية وتنظيم أنشطة متنوعة موازية. وهكذا شمل برنامج المهرجان, الذي نظمته جمعية أبي رقراق بالتعاون مع وزارة الاتصال والمركز السينمائي المغربي وعدد من الشركاء الإعلاميين والاقتصاديين تكريم ثلاثة أسماء سينمائية بارزة ويتعلق الأمر بالفنانة المغربية حبيبة المذكوري والمخرجة الفرنسية أنييس فاردا وسيدة الشاشة العربية فاتن حمامة من مصر. وهكذا فقد تضمن البرنامج عرض مجموعة من الأفلام في إطار المسابقة الرسمية من أجل الفوز ب"الشهدة الذهبية لسلا"، ويتعلق الأمر بأفلام "منذ أن رحل أوطار" لجولي بيرتوتشيلي من فرنسا, و"امتحان" لناصر الرفاعي من إيران, و"فريدا" لجولي تايمور من الولايات المتحدة, و"نيلوفار تحت المطر" لهومايون كاريمبور من أفغانستان, و"سهر الليالي" لهاني خليفة من مصر, و"الحظ النائم" لأنجليز غونزاليس سيند من إسبانيا, إلى جانب فيلم "الملائكة لا تحلق في الدار البيضاء" لمحمد عسلي الذي يمثل المغرب والذي قدم في الحفل الافتتاحي للمهرجان. كما تم في نفس الإطار عرض أفلام "أحلى أيام حياتي" لكريستينا كونانتشيني من إيطاليا, و"وداع حار يا أبي" لبيني باناياتوبولو من اليونان, و"إينتيها" لفيكرام بات من الهند, و"في انتظار السحب" لييسيم لوستاكلو من تركيا, و"شوف شوف حبيبي" لألبير تير هيردت من هولاندا, و"رؤى حالمة" لواحة الراهب من سوريا. أما خارج المنافسة فتم عرض كل من "فيروز" لجاك جانسون من هولاندا, و"الأحاسيس" لنيومي لفوفسكي من فرنسا, و"العيون الجافة" لنرجس النجار من المغرب. وقد تبارت هذه الأفلام على إحراز إحدى الجوائز الأربع لهذه الدورة وهي، الجائزة الكبرى لمهرجان سلا, جائزة لجنة التحكيم, جائزة أول دور نسائي, جائزة أول دور رجالي, بالإضافة إلى نيل "الشهدة الذهبية" لسلا. من جانب ثان تمت برمجة أفلام قصيرة في عرضها ما قبل الأول وهي "الكروان طائر لبناني" لبشرى إيجوركو و"نيني يا مومو "نم يا صغيري" للمغربي رشيد الوالي و"دريم بوي" لفؤاد السويبة. إضافة إلى العروض السينمائية تميز المهرجان بتنظيم حلقات نقاش مع المخرجين المشاركين في المسابقة وإقامة معرض جماعي حول الفنون التشكيلية النسوية، وكذا مائدة مستديرة حول موضوع النساء المخرجات.. تبادل الخبرات. وتضمن برنامج هذه التظاهرة السينمائية أيضا تكريم عدد من الأفلام التي تم تصوير بعض مشاهدها بمدينة سلا وكذا عرض أفلام على الشاشة الكبرى بباب مريسة في الهواء الطلق وسط المدينة في إطار توسيع إطار إشراك الجمهور السلاوي في هذا العرس السينمائي. "الملائكة لا تحلق في الدار البيضاء" كان حاضرا يذكر أن المهرجان دشن فعالياته بعرض فيلم "الملائكة لا تحلق في الدار البيضاء" للمخرج محمد عسلي الدورة الأولى للمهرجان الدولي للفيلم بسلا التي انطلقت فعالياتها مساء اليوم الثلاثاء. ويحكي هذا الفيلم الناطق بالعربية واللهجة الأمازيغية, والذي سيشارك في المسابقة الرسمية للمهرجان, قصة سعيد الذي يضطر للعمل بالدار البيضاء بالرغم من معارضة زوجته التى تلح على عودته عبر عدة رسائل خاصة بعد وضعها طفلا وذلك خشية أن تبتلعه المدينة العملاقة. وتتواصل الأحداث ويعمل سعيد بأحد المطاعم برفقة صديقيه عثمان وإسماعيل, إلا أن الأمور لم تعد على ما يرام بالنسبة للأصدقاء الثلاثة فأخذت المشاكل تتراكم لتأخذ منحى دراميا وتصير الدار البيضاء أمام هذا الوضع مجرد وهم كاذب استحوذ عليهم وتتولد لديهم قناعة بأن وحدها الصقور تحلق فوق الدار البيضاء. وقد شارك في تشخيص الأدوار الرئيسية للفيلم الذي أنجز سنة 2004 كل من عبد الصمد مفتاح الخير وعبد الرزاق البدوي ونعيمة بوحمالة وليلى الأحياني ورشيد الهازمير, فيما أنجز السيناريو مخرجه محمد عسلي. وصور الفيلم الذي تبلغ مدة عرضه97 دقيقة روبيرتو مداي وضبط الصوت مورو لافارو, في حين أنجز الديكور عطوي فتاح والمونطاج راي مومبو أييلو ووضع موسيقاه ستيفان نيكوس . وقد سبق أن شارك هذا الفيلم, في مهرجان (كان) بفرنسا ضمن الأفلام المنتقاة في إطار أسبوع النقد وفي ملتقى أصيلة لسينما جنوب /جنوب الذي نظم خلال هذا الصيف وحصل على الجائزة الفضية وعلى الجائزة الأولى في مهرجان السينما العربية الذي ينظمه معهد العالم العربي بباريس ومن المقرر أن يشارك في المسابقة الرسمية للدورة العشرين لمهرجان الاسكندرية الدولي التي انطلقت يوم الأربعاء الماضي. كما استقبل الفيلم بلندن حيث عرض في ثلاث قاعات وذلك تحت إشراف معهد الفنون المعاصرة, بترحاب من قبل النقاد المتخصصين في الصحافة البريطانية. يشار إلى أن المخرج محمد عسلي المزداد بالدار البيضاء سنة1957 درس السينما بميلانو وعمل مساعد مصور ومساعد مخرج ثم مدير إنتاج ومنتجا. وأنشأ سنة2003 مركزا تدريبيا سينمائيا في استوديوهات "كان زمان" بمشاركة شركة تشيني تشيتا الإيطالية, وأنتج وأخرج عام 2004 أول أفلامه الروائية الطويلة "الملائكة لا تحلق في الدار البيضاء". وهو كاتب سيناريو ومخرج عدد من الأشرطة القصيرة والوثائقية. ويقيم حاليا بالمغرب حيث يواصل أنشطته خاصة في إطار الإنتاج السينمائي والتكوين في مجال السينما.