لم تعد علاقات العداء والصراع والكراهية، مقصورة فقط على بني البشر، ولم تعد قيم الحب والعطاء والتسامح حكرا على الانسان من دون المخلوقات الاخرى، فحتى النباتات لديها القدرة على ان تحب وتكره، تحزن وتفرح، تستمتع بالحياة او تفضل الانتحار، فقد كشف دراسة علمية ان هناك علاقات عدائية بين بعض النباتات واخرى، وعلاقات حب من نوع مختلف بين فصائل نباتية وفصائل اخرى من خارج منظومتها العائلية، وفي تلك الدراسة التي اجريت في المركز القومي للبحوث تبين ان حياة النباتات شبيهة بحياة الانسان الى درجة كبيرة، خاصة فيما يتصل بالعلاقات الاجتماعية والانسانية، للدرجة التي تؤكد وجود حروب تدور رحاها بين النباتات بدوافع السلطة والسيطرة والرغبة في التحكم بمقاليد الامور، وهو ما يؤدي الى موت نباتات وانتصار نباتات اخرى، تماما كما هو الحال في الحروب البشرية المبنية على لعبة المصالح والاحتواء. وحول هذا الموضوع يقول الدكتور صلاح زرد الباحث بقسم النبات في المركز القومي للبحوث بالقاهرة: بعد دراسة استمرت ثلاث سنوات عن سر العلاقات العاطفية في دنيا النباتات، كانت المفاجأة ان النباتات تحب وتكره، واحيانا يصل بها الحزن على الفراق الى الانتحار، وقد رصدت الدراسة علاقات من نوع خاص بين بعض النباتات، فعلى سبيل المثال هناك علاقة شديدة الخصوصية بين العنب والزيتون، وعلى الرغم من الحب الواضح من جانب العنب فان الزيتون ينظر الى تلك العلاقة على انها علاقة مصالح مبنية على المنفعة، كما ان العنب ينتعش لوجود القرع بالقرب منه، ويهوى رائحة النبق، وفي المقابل هناك علاقة كراهية واضحة بين العنب والكرنب، فاذا جاور الكرنب العنب مات العنب، وحتى اذا كان الكرنب بعيدا وحملت الريح رائحة الكرنب للعنب شعر بالحزن والهم، والامر نفسه يحدث للعنب في علاقته بالحلبة، فاذا زرعت الحلبة الى جوار العنب حزن ومات، او ضعف انتاجه ونموه نتيجة الاحباط والاكتئاب بسبب ذلك الجار غير المرغوب فيه. ومن الاسباب العلمية لوجود مثل هذه العداوات بين النباتات، ان بعض النباتات مثل الفجل والجرجير لها تأثيرات سلبية على نباتات او خضراوات يمكن ان تجاورها، فالفجل والجرجير والكرنب لها افرازات تتم عن طريق جذورها في الارض، وتحدث تأثيرا مثبطا على انبات ونمو بعض بذور الخضراوات الاخرى التي تزرع بعدها على نفس التربة الزراعية، مثل الطماطم على سبيل المثال، وهو ما يعني استحالة وجود توافق فيما بين بعض الفصائل النباتية او الخضرية التي يؤثر بعضها سلبا على الآخر. وعن أشهر علاقات الحب النباتي التي رصدتها الدراسة تبين ان هناك علاقة قوية بين النارنج والياسمين، وبين التفاح والكمثرى، وبين الزيتون والتفاح، وبين التفاح وبصل القنصل، حيث ان هذه الانواع ترتاح عندما تجاور بعضها، وتتآلف بطريقة تنعكس على نموها وانتاجها، والعكس هو الصحيح اذا لم تكن على وفاق فيما بين انواع وانواع اخرى، وفي هذا السياق يقول د. صلاح زرد: ان الحب والكراهية بين النباتات يؤديان الى افراز مواد مختلفة من الجذور قد تضعف من نمو جار غير مرغوب فيه، ومواد اخرى قد تساعد على نمو جار مقبول، بل ان مشاعر الحزن لدى بعض النباتات بسبب عدم ارتياحه لجاره قد يدفع الى الانتحار.