استعد بعض السعوديين العائدين من الخارج للقاء أصدقائهم والمقربين منهم ببعض "المقالب" عوضا عن الهدايا والتذكارات الجميلة من تلك البلدان التي قضوا فيها إجازاتهم، وبعضهم بذل قصارى جهده لحبك قصص وطرائف بشكل يمكن "قبولها والاقتناع بها"، والكثير من تلك القصص تمحور حول إنفاق مبالغ كبيرة من المال وقضاء أوقات جميلة في أماكن غريبة قريبة من أجواء "رحلات سندباد". "فوزية. م" التي عادت من البرازيل قبل أيام تصف رحلتها قائلة:"أمضيت أكثر من أسبوعين وأنا أتجول في الغابات اللاتينية، واستأجرت منزلاً في إحدى القرى كوني أفضل حياة القرويين وبعيداً عن ضجيج المدينة"، لكن صديق زوجها الذي سرب معلومة إلى الأقارب والأصدقاء أكد فيها أن صديقه أمضى كل أيام الإجازة في نفس العاصمة البرازيلية ريودي جانيرو، خاصة أنه عانى ضيق المادة في البرازيل كونه لم يحسب حساباً للرحلة، بينما كانت زوجته في ذلك الوقت تروج لصديقاتها بأن رحلتها كانت "ممتعة للغاية". جزيرة أسطورية أما "زاهية" القادمة من لبنان فقالت: إنها تسوقت من جميع المحلات التجارية الكبرى في بيروت، وصممت لنفسها بعض الفساتين الفاخرة من أحد بيوت الأزياء المعروفة، إلا أن الشيء الذي كشف أمر زاهية هو أن المحل الذي ذكرت اسمه قد أغلق منذ عدة سنوات ولم يعد يعمل. وبالنسبة لعبير التي تزوجت هذا الصيف فقد ذكرت لصديقاتها أنها قضت شهر العسل في أحد جزر الكاريبي المميزة، وأنها انفردت بالبقاء مع زوجها مدة أسبوع كامل في تلك الجزيرة العائمة بمفردهما، واستمتعا فيها برؤية الحيوانات والطيور الفريدة، لكن الصور التي التقطتها عبير لم تكن تعلم أنها ستكشف الحقيقة، حيث كانت لقطاتها في "تايلاند" وظهرت فيها بعض لافتات المحلات باللغة التايلندية وفلكلور لرقصات شعبية "ملاوية" ضمن المسارح التي اشتهرت بها مدينة "بتايا". كشف المستور! وما يفعله بعض الآباء والأمهات حينما يعودون من الإجازة بصب وابل من التحذيرات لأبنائهم بعدم كشف المستور، يعد جزءاً مما قامت به "سلوى.أ" عندما أوصت خادمتها وسائقها بأخذ أطفالها الصغار خارج المنزل للتنزه يوم اجتماع الصديقات في بيتها إلى آن ينتهي موعد ضيافتهم، وذلك كي لا يبوح الأبناء للزائرات عن الأسرار التي تخفيها سلوى بخصوص السفر. وشددت "نوال" على جدتها "كبيرة السن "بعد أن عادت معها من السفر بأن تلتزم الهدوء وعدم التحدث أمام الناس وتكتفي بقول "لا اعرف!!"، وكل ذلك من أجل الاحتفاظ بخفايا الرحلة حتى من المقربات منها. لكن صالح علي الذي وصل منذ أسبوع قضى إجازته في تركيا وعاد منها متكدراً بسبب ضيق الأحوال المادية معه وتكبده مصاريف زائدة عن حده، ووصف لشقيق زوجته أنه أمضى أكثر أيامه في الشقة المفروشة مع عائلته يطالعون التلفاز، لكن الزوجة أفضت بحديث مغاير لأخيها ذكرت فيه أنها تعبت من التجوال في الأسواق والمنتزهات كل يوم وليلة وزارت جميع المتاحف والقصور والمدن ذات الآثار التاريخية هناك، وهي تردد ببشاشة "كانت هذه المرة رحلة ممتعة جداً لدرجة أنني كنت أفضل البقاء وقتاً أكثر". مكانة اجتماعية وهذه القصص وغيرها يتم في العادة اختيار المناسبات الاجتماعية أو المجالس النسائية للبوح به، ولكي تأخذ شكلها الصحيح في الانتشار، والسبب وراء حدوث ذلك، كما يرى بعض الباحثين الاجتماعيين، أن الأوضاع الاقتصادية أجبرت الكثير من السعوديين على الحد من ممارسة متعة الشراء والتسوق في السفر والاهتمام فقط بتغير الأجواء، وكذلك عدم المبالغة في الاستمتاع بالسفر بين الأماكن الفارهة، مما دفع بعضهم إلى التعويض عن ذلك ب"اختلاق قصص مثيرة". ويؤكد هؤلاء الباحثون أن مجرد السفر إلى خارج البلاد أيام الإجازة الصيفية بات أمرا ضروريا للبعض لإظهار" مكانتهم الاجتماعية" حتى لو لم يحققوا جميع آمالهم وأهدافهم، وتبقى هذه المسائل (الحديث عن رحلات السفر) حاجة نفسية تتفق حسب رؤية الأشخاص للسفر إما من باب الترفيه أو التسوق أو التعرف على معالم المدن، وتعتمد على توجهات الشخص وتطلعاته وميزانيته قبل كل شيء.