في احتفالية ثقافية احتفت ورشة الزيتون الابداعية بحضور الروائي العراقي الدكتور طه حامد الشبيب الذي تحدث عن تجربته الابداعية وسط لفيف من الادباء والشعراء وقد تحدث في بداية الاحتفالية الاديب والشاعر شعبان يوسف مقدما للضيف ومعرفا بادبه والذي تمثل في ثماني روايات حتى الآن من روايته الاولى (انه الجراد) مرورا برواية (الابجدية الاولى) وحتى روايته الاخيرة (الحكاية السادسة) وتحدث عن تميز اسلوب الاديب بالسهولة وجزالة الالفاظ وعمق الفكرة ووضوح الدلالة. ثم تحدث الروائي طه الشبيب عن تحربته الابداعية في ظل النظام العراقي السابق ومعاناة الادباء الذين لم يرتضوا السير في فلك النظام واتخاذه اسلوب الاسقاط غير المباشر للتنبيه على الواقع السياسي المتردي في ظل حكم الاستبداد والقمع لنظام صدام حسين وان هذه التجربة الابادية التي تنتهج الخطابية والمباشرة لتوصيل الرسالة التي يريدها المثقف ومن هنا شرح الروائي العراقي الواقع الثقافي في العراق قبل الاحتلال الامريكي واثناء فترة حكم صدام, فقال انه تم السيطرة على منابر الثقافة في العراق وعلى اجهزة الاعلام فالصحف اليومية مثل (الثورة) و(الجمهورية) هذه الصحف مملوكة للدولة ويكون على رأسها شخص قريب من النظام وبالتالي عانت الحياة الثقافية في العراق من قبضة السلطة فاكثر المثقفين ساروا في ركب وفلك النظام وصاروا أبواقا حادة لصوت النظام وتبرر اخطاءه بل وتعينه وتمدحه على طول الخط فالشعراء ينشدون والرواة يؤلفون ما به يمدحون حتى ان النقاد ساروا في الركب وهؤلاء المثقفون هم الذين تفتح لهم الابواب للشهرة والحظوة والاموال والنشر بغض النظر عن جودة الاعمال المنشورة أم لا وحاقت المجالات الكثير من الاصدارات والنشرات وقد سيطر هؤلاء على وسائل الثقافة والاعلام وانقسم المثقفون الاخرون الى قسمين قسم انكفأ على نفسه ولاذ بالصمت حتى اشعار آخر واخذ يكتب ويبدع بعيدا عن اعين النظام عن طريق الايحاء والرمز أو انه فضل الصمت على الاطلاق وقسم اخر فضل الفرار والخروج من العراق ليجد لادبه سبيلا ويطلق العنان لفكره ويكتب بحرية عن النظام القائم الذي لا يرتضيه ويا ترى هل خروج هؤلاء الادباء والمبدعين العراقيين كان بسبب صدام حسين فقط؟ بالطبع كانت هناك عوامل اخرى جعلت هؤلاء الادباء يبحثون عن الشهرة خارج اوطانهم ربما السعي للقمة العيش او خوفا من البطش او لاسباب اخرى وهؤلاء الذين خرجوا من العراق حتى الآن لم يرتض اكثرهم الرجوع في ظل الاحتلال بخلاف السياسيين الذين رسمت لهم ادوار في النظام الجديد فجاءوا يؤدونها, اما الادباء فيرون ان العراق الذي يأملونه لم يوجد بعد, فهم يأملون في عراق حر ديمقراطي يحكمه ابناؤه المخلصون وليس سماسرة الامريكان. وردا على سؤال حول ما اذا كانت كتابات الاديب ينبغي ان تكون تعبئة للجماهير؟ قال طه الشبيب: ان جعل الادب في حالة تعبئة مضادة لأي نظام لا ينبغي ان يستخدم الا اذا كانت هناك كارثة كبرى تحيق بالوطن لان في هذه الحالة ينبغي على الروائي والشاعر وكل مثقف ان يستخدم ادواته ويرفع صوته الجهير لتخرج الامة مما هي فيه اما اذا كانت الامور خارج الكارثة وتكون مشكلة لبعض الوقت فاني افضل أن يكون التعبير بطريقة ادبية جميلة لأن التعبير بصوت عال في اوقات لا تستدعيه لا يجذب القارئ فالقارئ طالما هناك سكون يجب أن يقرأ ويستمتع بجمال الاسلوب وبموضوعات الطبيعة ويمكن أن يمرر الاديب من خلال (السحرية الرمزية) ما يريد. اما عن رد فعل القارئ العراقي على هذا الموضوع فأكد الشبيب أن العراقيين صمدوا أمام التعذيب والتغني والمدح ولكنهم كانوا في حالة نقمة على الادباء خاصة من حملوا ابواق النظام واكلوا ثريده فللأسف المشهد الثقافي العراقي كان سيئا يعيب الشبيب على الذين هربوا الى خارج العراق من الادباء ويقول لا ينبغي ان يهرب من له قضية وكيف نتوقع ابداعا من الذين يعيشون في الخارج يخدم قضايا الوطن فكلما ابتعدت عن التنور تضاءلت امامك فرصة الحصول على الخبز اما فترة وجودي في كندا فعلى الرغم من النظام وتقاريره الامنية حالت دون استفادتي من البعثة التعليمية الى كندا فقد واصلت البحث والدراسة واتممت دراستي للدكتوراه في كندا. وهنا قال الشاعر حسن توفيق ليس الخروج من البلد دليلا على الهروب وقد يخدم الاديب وطنه من الخارج اكثر من الداخل ولدينا امثلة الشعراء الفلسطينيين مثل محمود درويش وهو يخدم قضيته ايضا مثل الذي ظل موجودا بارضه فالتصنيف هذا يعد ظالما للادباء في ظل هذه الاوقات وانما يكون الحكم على هذا الامر من خلال الانتاج فهل يخدم انتاج هذا الاديب قضايا امته ام لا؟ فاذا كان يخدمها فهو وطني في اي مكان وجد والعكس. وعلى هامش الاحتفالية التقت(اليوم) بالروائي طه الشبيب لتسأله عن تغير المشهد الثقافي الآن في العراق بعد زوال نظام صدام حسين ووجود الاحتلال الامريكي البريطاني.. المشهد الثقافي بالفعل تغير الآن حيث اصبح الامر مختلفا فيستطيع اي اديب ان يعبر عن ذاته وعن مشاكله ومشاكل وطنه التي كرسها الاحتلال وهذا ينبع من عدم وجود رقابة الان وان كان هذا يعتبر مجرد تفريج عن الهم الداخلي لدى المثقفين الذين يحملون هم الوطن على اعناقهم ويكفي ان الاديب الآن يعيش في امان ولكن لن نؤيد امريكا لمجرد أنها أعفت عميلا من مهامها فهم وعودنا بالتحرير فجاءوا بالاحتلال ومع ذلك أرى ان الاحتلال اسهل من نظام استبدادي لأنه سيأتي يوم ويخرج هذا المحتل فصدام كان يشتري المثقفين باسماء الوطنية والقومية وبشعارات براقة تخدع الشعب اما الاحتلال فكل من يقترب من الادباء والمثقفين منه فسوف يكتوي بناره ولن يرحمه الشعب ولا اي مواطن في الوطن العربي كله لأن الشعب العراقي له عمق حضاري. وبسؤاله عن مستقبل الثقافة في العراق الآن وهل لدى المثقف العراقي مشروع للخروج من ازمة العراق الآن؟ فقال ان المشهد الثقافي العراقي مستقبلا سيكون بخير ان شاء الله ولكن بعد زوال الاحتلال وآثاره فلن يضمد اثار الاحتلال سوى المثقفين ومع ذلك فالمسؤولية على الجميع فأرى انه ينبغي الركون الى مؤسسة المجتمع المدني وتكون تحت قيادة وطنية غير سياسية نزيهة مقدامة مؤلفة من مثقفي العراق ومطعمة بوجوه دينية وعشائرية وما الى ذلك من اطياف المجتمع المدني ولكن أن يكون الارتكان على المثقفين اكثر لأنهم سيقودون المجتمع الى افضل اساليب المقاومة وانجحها لأنها ستفرض على المحتل واقعا قويا يستمد قوته من عمق الوعي الذي يتمتع به الشعب العراقي.