على مدى سنوات، اتهمت تقارير كثيرة ومتعددة موريتانيا بأنها واحدة من آخر الأماكن في العالم التي لا يزال نظام العبودية قائما فيها.. حكومة الرئيس معاوية ولد سيدي أحمد الطايع تصر على أن العبودية تكاد تكون اختفت، لكن عبدا آبقا يدعى (مطلع) يروي قصة مختلفة.. وغريبة. قال طالع وهو رجل في أوسط العمر إن سيدي جعلني وأسرتي نعمل في رعاية الإبل وفي الخدمة المنزلية دون حتى أن يسقينا ويطعمنا بما يقيم أودنا .. ويضيف: طعامنا الأساسي هو الأرز دون لحم وهم لا يتورعون عن ضربنا باستمرار ويناشد المجتمع الدولي العمل على تحرير أفراد أسرته التسعة الذين لا يزالون يعملون كعبيد في لمجيتي بمنطقة زويرات بشمال البلاد. في الماضي كان بدو موريتانيا من المسلمين المغاربة البيض يتوجهون جنوبا لأسر العبيد السود الذين كانوا يتبنون ثقافة سادتهم التي هي مزيج من ثقافة البربر والعرب، كان العبيد السابقون وسلالاتهم يعرفون باسم الحاراتين أو المغاربة المسلمين السود وكانوا يشكلون 40 في المائة من مجموع السكان البالغ عددهم 7ر2 مليون نسمة حسبما تشير التقديرات. صحيح أن موريتانيا ألغت العبودية عام 1981 لكن بوبكر ولد مسعود الناشط في مجال مكافحة العبودية يقول ان الحالات من قبيل حالة (مطلع) توفر الدليل على أن ممارسة العبودية لا تزال قائمة.. ويوضح الأمر قائلا إن حالات العبودية لا تطفو على السطح عادة إلا عندما ينشب صراع مفتوح بين العبيد وسادتهم أو عندما يدعى السادة أحقيتهم في ملكية عبد بعد وفاته .. مؤكدا أن منظمته المناهضة للعبودية تعتزم الكتابة لعدة وزارات في مسعى لتحرير أسرة مطلع من الرق، ويضيف: ولكن عندما أبلغنا الحكومة في يناير بشأن فرار العبد ومخاطر إجباره على العودة إلى العبودية وأن حياته ربما كانت في خطر فإننا لم نتلق ردا . ورغم ارتباط قسم كبير من أسر العبيد بأسر سادتهم جيلا بعد جيل، بوشائج اقتصادية وعاطفية معقدة.. لا يعرف مطلع الذي يرتدي ثوبا طويلا ويلتحف بعمامة سوداء يوم مولده عبدا. ويقول إن سيدي ربما كان يعرف يوم مولدي .. و(مطلع) أمي لا يقرأ ولا يكتب لكنه يقول إنه يعرف على الأقل كيف يؤدي الصلاة وذلك بفضل راعي غنم متعلم هو الذي علمه . أمضى مطلع عمره في رعاية إبل سيده سلامة ولد إبراهيم الذي ينتمي لقبيلة ريجيبات وهي واحدة من كبريات قبائل العرب البربر.. ويضيف: عندما نجحت أخيرا في الفرار وكان ذلك في يناير الماضي وضعت تحت المراقبة من قبل الشرطة والحاكم المحلي حتى لا يأتي سادتي ويجبروني على العودة .. ولكن حضر سادتي بالفعل إلى مركز الشرطة في منطقة بيرموجرين لكن الشرطة خيرتني بين العبودية والحرية .. ليختار الحرية بالطبع، ويذهب إلى نواكشوط ولكن ثمة غصة في الحلق حريتي لا يزال لها طعم مر لان أمي وعمي وأخوتي وأخواتي لم يطلق سراحهم بعد . يشعر مطلع بالامتنان للسلطات لمساعدتها إياه لكنه يشكو من أنها لم تفعل شيئا لإطلاق سراح أسرته التي لا تزال رهينة حياة العبودية المروعة .. ويرى أن من حقه الحصول على تعويض مالي عما قضاه من حياته في العبودية لكن محللين يتفقون في الرأي على أنه لن يحصل على أية تعويضات على الأرجح. الألمانية