تنبعث منه رائحة الشقاوة.. في عينيه يتلألأ بريق مشاكس في يديه النحيفتين قلق متمرد.. يناوش الصغار, فيبكي من لا حول له ولا قوة, يناطح الكبار.. يستفز غضبهم فترتد الضربات اللاسعة الغضبى عليه لتوقف هذا التمرد الخارج من عالمه الصغير, فجأة يحدث اعصارا مدمرا في فترة تحسبها طويلة, ولكنها وجيزة جدا, يأخذ كل شيء في طريقه, تساعده قدماه اللتان لا تستغران في مكان.. تنتقل به في سرعة مذهلة, كقطرات المطر الربيعي عيناه تمطران دموع شقاوة متحدية.. فمه الصغير ينفتح على مداه فتعزف حنجرته لحنا نشازا مزعجا, يربك الجميع, فيرتج الساكن والمتحرك يداه المتمردتان تلتقطان اي شيء امامه, تصبح الالعاب قذائف تتطاير في كل الانحاء والزوايا, فيحاول كل واحد ان يتحاشاها بالاختباء او الهروب لينجو بنفسه الا الصغيرة فتقف متسمرة.. حائرة وجلة.. فاغرة الفم.. شاخصة البصر تتلفت يمنة ويسرة, تتابع العابها التي تحولت الى قذائف.. فتصيبها ببعض الشظايا.. تنطلق صرخات الاستغاثة, يضعك في اتون متوهج لن تخمد ناره وبعد ان تحط الحرب اوزارها يأتيك مطأطيء الرأس.. يسحب رجليه النحيلتين المجهدتين صوبك.. في هيأته خشوع وسكون يثيران الشفقة.. يستميحك عذرا.. طالبا الهدنة في عيونه الخجلى, تترقرق دموع الندم والألم والتوسل تنساب من بين شفتيه كلمات عفوية بريئة.. مفاتيح استرحام يحيطك بزراعيه اللتين انهكتهما حربه الضروس.. يعانقك بود.. يستعطف بركان صدرك يطلب الحب والحنان حينها تخمد كل البراكين وتنقشع غيوم السخط والغضب ويصبح الطقس صحوا.. يهز شجرة وجدانك.. فتتساقط ثمارها شفقة.. حبا.. وحنانا.. يتلقفها رضا.. ثم يضحك ملء فمه, وفي عيونه بريق السعادة والانتصار وكأن شيئا لم يكن. @@ رحاب علي مسلم الرياض @ من المحرر: موهبة واضحة وسرد يؤكد على قدرات كاتبه في اتجاه القدوم بقوة.