حفلت وسائل الاعلام الالمانية خلال الاسبوعين الماضيين بأنباء عن إجراء تغييرات جذرية على نظام معونة البطالة فيما انتقدت قنوات التليفزيون والصحف المحاولات الحثيثة للبحث عن أي ثروات ربما يحاول المستفيدون اخفاءها عن السلطات. وتهدف هذه التغييرات التقشفية التي ستدخل حيز التنفيذ في عام 2005 إلى خفض ميزانية المساعدات الاجتماعية في ألمانيا عن طريق الحد من المعونة التي تدفعها الدولة للعاطلين الذين يملكون موارد مالية خاصة. وتشير الاحصاءات الرسمية إلى وجود36ر4 مليون عاطل في ألمانيا من إجمالي عدد السكان الذي يبلغ حوالي ثمانين مليون نسمة. ويوجد بينهم مليونا شخص يوصفون بأنهم عاطلون منذ أمد طويل بعد أن ظلوا بدون عمل لفترات تصل إلى عام أو أكثر. وسيسمح لهذه الفئة بموجب القواعد الجديدة بمهلة حتى ديسمبر المقبل لاستيفاء بطاقة استبيان حول أوضاعهم المالية بشكل مفصل. وقال خبراء في الشؤون الاجتماعية هذا الاسبوع ان معونة البطالة ستمنع عما يقدر بنصف مليون ألماني لانهم يعيشون اعتمادا على عائدات أصولهم المالية أو لوجود موارد دخل لدى أزواجهم. ولم يقتصر الغضب إزاء هذه التغييرات على العاطلين فحسب حيث يخشى كثير من الالمان من الفقر الذي قد يلحق بهم في نهاية المطاف بسبب هذه الاجراءات كما أثار نشر بطاقة الاستبيان مخاوف لدى ملايين الالمان الاسبوع الماضي من تعرض مدخراتهم للخطر. وقدمت البرامج التليفزيونية والصحف نصائح بشأن كيفية إعادة تنظيم الثروات الشخصية حتى لا يتسنى للمحققين اكتشافها. وذكرت وسائل الاعلام هذا الاسبوع أن الحسابات البنكية التي يحتفظ فيها الاطفال بالنقود التي يتلقونها كهدايا من أجدادهم ستدرجها السلطات ضمن مدخرات الاسرة. ونشرت صحيفة بيلد وهي أوسع الصحف انتشارا في ألمانيا مقالا ساخرا في صدر صفحتها الاولى يقترح على مفتشي هيئة الرعاية الاجتماعية مداهمة منازل الفقراء بحثا عن النقود داخل الحوائط وداخل حصالات الاطفال واللعب المحشوة. وستخفض السلطات حجم المعونة التي تحصل عليها الاسرة إذا ما تبين أن أحد أطفالها يملك أكثر من 750 يورو (900 دولار) في حساب بنكي. وناشدت شركات التأمين المواطنين عملاءها عدم تصديق ما تردد من أنباء عن اعتزام هيئة الرعاية الاجتماعية إدراج المؤمن عليهم في قائمة "الاغنياء". وقالت جابريلا هوفمان وهي متحدثة باسم اتحاد شركات التأمين الالمانية "لا يستطيع أي شخص أن يلغي سياسته في الحياة أملا في الحفاظ على المعونة التي يتقاضاها نظير بطالته". ونفت وجود أي مؤشرات على شيوع موجة ذعر تدفع المؤمن عليهم إلى إلغاء برامجهم التأمينية. ودافع وزير الاقتصاد الالماني فولفجانج كليمنت عن التغييرات المعتزمة قائلا إن الاصلاحات ليست هي الفضيحة وإنما الفضيحة هي البطالة والتواكل واعتبارهما أمرا طبيعيا. وتقدم هيئة الرعاية الاجتماعية معونة بطالة سخية تصل إلى 67 بالمئة من إجمالي الراتب الذي كان يتقاضاه المستفيد بعد استقطاع الضرائب خلال العام الاول بعد توقفه عن العمل. وستتراجع قيمة المعونات بشكل حاد وفق التغييرات الجديدة وسيتعرض المستفيدون إلى استقطاعات أكبر في حالة الامتناع عن العمل ولكنهم سيستمرون في الحصول على مبلغ المعونة كاملا إذا وافقوا على الالتحاق بوظيفة لها راتب متواضع إذا تمكنوا من العثور علي تلك الوظيفة.