إن أحدا لا يستطيع أن ينسى مشهد إعلان الرئيس بوش انتهاء العمليات العسكرية في العراق في الأول من مايو العام المنصرم. يمكن وصف ذلك اليوم بأنه يوم تحول مهمة الولاياتالمتحدة من إسقاط للنظام الدموي هناك إلى مهمة اعماره والشروع في إرساء دعائم الديموقراطية فيه. الدروس المستفادة من غزو العراق، تؤكد أن تحقيق الأهداف الاستراتيجية ليس من السهولة التي ظهرت فيها قبل بدء الحرب. وعلى الرغم من الإنجازات التي تحققت في العراق وهى على سبيل المثال لا الحصر... إسقاط النظام السابق بزعامة صدام حسين، ونقل السلطة من قبل قوات التحالف إلى حكومة عراقية مؤقتة تمثل الشعب العراقي، والتصديق على دستور للبلاد و جدولة انتخابات حرة العام القادم. المهم اننا يجب علينا استعراض مظاهر الفشل أيضا. وتنحصر في انه خلال ستة أسابيع فقط من مقولة الرئيس بوش الشهيرة تمت المهمة إشارة الى نجاح العمليات العسكرية هناك، قتل نحو 138 جنديا أميركيا. اضافة الى انه وحتى الآن لم يتم العثور على أسلحة الدمار الشامل العراقية ولا إكمال تشكيل حكومة من العراقيين وللعراقيين كما وعد الرئيس. كما يجب ايضا الحديث عن الفشل الذي اعترى قوات التحالف في ايقاف أعمال المسلحين العراقيين التخريبية التي أحبطت معظم عمليات الإعمار ودمرت أغلب المشاريع الساعية لمساعدة العراقيين على الحياة بصورة افضل. بالإضافة إلى انتظار الحكومة العراقية المؤقتة لاعتراف العراقيين بها واستمرار اعتمادها على دعم 160 الفا من قوات التحالف في المجالات الأمنية. اللوم في ذلك يقع على سوء تخطيط الإدارة لفترة ما بعد الحرب و نخص رفض البنتاجون لخطة الخارجية لتشغيل المرافق الأساسية للعراقيين بعد سقوط النظام بالإضافة إلى الفشل في الحصول على تأييد المجتمع الدولي. ونشدد على ما يوصف بالخطأ الفتاك بتسريح الجيش العراقي و تحمله مسئولية الفشل في توفير الأمن وعدم القدرة على كبح جماح المسلحين العراقيين. ونؤكد على أن إعطاء الولاياتالمتحدة ظهرها للعراقيين فيما يتعلق بالنواحي الأمنية الآن سيشكل كابوسا ثقيلا وسيشجع على اشتعال حرب أهلية قد تحول العراق إلى تربة خصبة لنمو المنظمات الإرهابية كما حدث في أفغانستان، قد تضر بالولاياتالمتحدة وبمصالحها. وفى النهاية يمكن القول بضرورة استغناء الإدارة الأميركية لبعض مظاهر الديموقراطية الغربية في العراق طالما أنها تحقق مصالحها النفطية الاستراتيجية والأمنية المتعلقة بمحاربة الإرهاب.