انطلقت في معظم المدن التونسية الحملة الوطنية المعلنة لمقاومة جحافل الناموس والبعوض بانواعها المختلفة التى تنغص على التونسيين حياتهم وراحتهم وتقض مضاجعهم خاصة فى الليل. وعلى الرغم من ان ظهور هذا الضيف الثقيل يعد امرا عاديا فى فصل الصيف بسبب ارتفاع درجة الحرارة التى توفر المناخ المثالي لتفريخ هذه الحشرات غير المرغوب فيها الا ان الظروف المناخية الخاصة التى شهدتها تونس هذا العام لاسيما فى مناطق الشمال دفعت هذه الحملة الى اعلان شبه حالة الطوارىء وتجنيد طاقات بشرية وفنية ضخمة واستخدام كميات غير عادية من المبيدات في محاولة للقضاء على اسراب الناموس وبعوض المدن. فقد تحولت برك المياه الراكدة الناجمة عن الامطار الصيفية الغزيرة الاخيرة الى اعشاش ضخمة ادت بدورها الى تكوين مأوى تفريخ جديدة لم تضع الجهات المختصة لها حسابا فى خطط المقاومة الاصلية التى تم وضعها قبل حلول فصل الصيف وفقا للخطة الحكومية الاستثنائية لمقاومة البعوض لسنة 1992. وادى تكاثر هذه الحشرات بشكل غير عادي هذا الصيف الى شن حملة وطنية استثنائية غير مسبوقة لا تزال مستمرة حتى الان بمشاركة وتدخل مختلف الدوائر البلدية والصحية المعنية لمعالجة عشرات الالوف من الهكتارات فى مختلف المدن التونسية لاسيما فى العاصمة ومنطقة تونس الكبرى. وتشمل هذه الحملة الاستثنائية لمكافحة الناموس القيام بعمليات اضافية مكثفة لرش ومداواة مساحات اخرى متفاوته الاتساع من المناطق البلدية سواء عبر الات الرش العادية التقليدية او بواسطة الطائرات وذلك للقضاء على اليرقات قبل تفريخها. وعزا الاستاذ الجامعي والباحث في علم الاحياء والوراثة البيولوجية الدكتور حسن بن الشيخ تكاثر الناموس والبعوض بشكل غير عادي هذا الصيف في العاصمة ومعظم المدن الكبرى الى تنقل البعوض الريفي الطائر بفعل الرياح الموسمية من مأوى بروزه وانتشاره على مساحات شاسعة واكتساحه لمواطن العمران مما يستوجب التدخل السريع والمكثف لابادة اكثر ما يمكن من اليرقات بالاعشاش الاصلية والماوى الريفية الكائنة قرب المدن0 وقال ابن الشيخ انه سعيا لضمان راحة السكان والوافدين لاسيما من السياح خلال الصيف تواصل الدوائر البلدية والهيئات الصحية التونسية المختصة حملتها المكثفة وذلك عبر مواصلتها بالمراقبة والرصد والمتابعة الدورية لكل مأوى لهذه الحشرات مع التركيز على المأوى الذي يمكن ان ينغمر بالمياه اصطناعيا والتدخل كيميائيا لابادة الاعشاش واليرقات بالمأوى الايجابية سواء عن طريق الجو بالمساحات الشاسعة او بالوسائل البرية بالماوى الصغيرة ومتوسطة المساحة. ولهذا الغرض فقد شكلت بلدية العاصمة التونسية على سبيل المثال خمسة فرق مجهزة بوسائل العمل الضرورية بالتعاون مع بلديات المدن الكبرى المجاورة. وعلى الرغم من هذه الجهود المبذولة فى مجال مقاومة الناموس والبعوض فان العمل لايزال طويلا وشاقا لتخليص سكان الاحياء والمدن التونسية من هذا الضيف ثقيل الظل الذي زحف عليهم منذ مطلع هذا الصيف باسراب كبيرة لينغص حياتهم ويقلب راحتهم الى جحيم وليثقل جيوبهم بمصاريف اضافية لاقتناء المبيدات المنزلية ويترك على اجسادهم علامات بارزة. واصبح موضوع /غزو الناموس والبعوض/ للمدن حديث الجميع لاسيما بتونس العاصمة الاكثر تضررا من هذا الزحف حيث اجمع الكل على خطورة لدغاته لاسيما فى حالة تحالفه مع اسراب الذباب الصيفى المعروف ايضا بلسعاته الشديدة.