عزيزي رئيس التحرير على الرغم من ارتفاع الحس الحضاري الانساني في وقتنا الحاضر الا ان مشاعر (الدونية) تجاه الآخرين مازالت تسيطر على البعض بسبب العرق او القبيلة او البلد. وتندهش - حقا - حين تسمع الطرف والدعابات تطلق على بعض الجماعات والقرى بعينها والتي تصف افرادها بسمات شخصية لا يمكن تعميمها على الجميع, ولكنه الظلم الاجتماعي. حتى ترى في المجالس التي تضم الزملاء, بروز انياب الاقليمية, على الرغم من انسياب الاحاديث الودية بينهم الا انك تجد هذا يسوق الطرائف عن ذاك بشكل اعتيادي. والنظرة الدونية - غالبا - للفلاحين, بالرغم من وصول كثير منهم او ابنائهم الى مستويات تعليمية وثقافية راقية. وتزداد الهوة اتساعا بين طلاب المدارس الذين يحملون موروثات وثقافات شعبية نحو بعضهم, وتتحول من تراشق بالالفاظ الى اعتداءات جسدية يتمخض عنها شجارات دائمة وثارات متبادلة! وهذا مرده الى التنشئة الاسرية حين يتم تلقين الطفل ان لا يرافق ذلك الشخص بعينه لانه ينتسب الى قبيلة معينة, او انه قادم من احد الاقاليم التي مازال يعمم عليها سوء تصرف احد افرادها في سنوات خالية. ومازالت شجرة العائلة بأوراقها المتناثرة تعني الكثير لدى بعض المراهقين والشباب فتراه حين يشير باصبعه إلى احدى الوريقات التي تمثل (اسمه) يشعر بالزهو والفخر لانه فرد في تلك العائلة التي سعت الى تأصيل تلك النزعة في نفسه منذ كان صغيرا, وبالمقابل يتم تهميش الآخر..؟ وقد يفشل في دراسته ولايحصل على الوظيفة التي تناسب مركزه العائلي فيواجه صعوبة في التكييف ويجد في نفسه انكسارا من جراء الاوامر الصادرة من رؤسائه التي تطلبتها وظيفته الدونية بطبيعتها وما يتناسب مع مستواه الدراسي. فحين يكبر الطلاب وينخرطون في العمل تجمعهم الوظيفة وتفرقهم العصبية يأنف بعض الموظفين من تنفيذ الاوامر والتوجيهات الادارية بسبب تلك الترسبات, وعلى اثر ذلك يعمد بعض المديرين لاختيار الموظفين الذين ينتسبون لعشيرته, وقد لا يملك احدهم المقومات الخاصة بمهام الوظيفة. وهنا تنشأ صراعات في العمل حيث تبرز جدلية الشخص المناسب والمكان المناسب, وكل لديه مبرراته ولكن تبقى الحقيقة التي حجبت بذلك الستار وهي خنق مواهب كان يمكن ظهورها وتبنى اتجاهات سيئة من المفترض وأدها كما وأدها سيد الخلق - صلى الله عليه وسلم - حين امر بلال بن رباح برفع الاذان فوق ظهر الكعبة معلنا المساواة, وبعدها يقود اسامة بن زيد حملة الشام التي باركها بحزم ابو بكر الصديق على الرغم من ظهور الاعتراضات ربما بسبب السن او غيره..!! ولنا في رسولنا القدوة بعيدا عن الموروثات, بل بعقلية راقية ومساواة عادلة. والغريب في الامر ان المطابع مازالت تقذف ببعض الاصدارات التي تدور في هذا الفلك من الاعراف البالية التي تدعو الى تفخيم الذات بعيدا عن المنجزات التي حققها المرء وساهمت فيها الجماعات, والتي يفترض ان يكون هدفها الرقي الحضاري بالانسان. ألم نفكر قبل ان نحرص على اقتناء كتاب (العائلة) بتوجيه سؤال لانفسنا: ترى هل اعددنا ابناءنا للاجابة عن ذلك السؤال الاستفزازي لاحدهم من قبل بعض زملائه او رؤسائه.. ومن تكون..؟! والله ولي التوفيق سعد بن فهد القحطاني محافظة سراة عبيدة