سعادة الدكتور ناصح الرشيد أبعث اليك بهذه القصة الانسانية لعلها تجد مكانا لها في صفحتك الغالية وأهديها إلى راعي الأيتام، الوالد العزيز الأمير سلمان بن عبدالعزيز سلمه الله.. تحضر كل يوم الى المدرسة مبتهجة، وهي تتحدث عما تنعم به من حنان أمها التي تحرص على توفير سبل الراحة والسعادة وتحرص على نومها مبكرة لتصحو مبكرة، وتبتهل بالدعوات عند احضارها للمدرسة كل صباح واعادتها من المدرسة الى البيت بكل رحابة واستبشار، وندعو معها نحن زميلاتها بأن يحفظ لها أمها الحنون ووالدها العطوف اللذين يهتمان برعايتها، وأعود الى نفسي كل يوم بعد مشاركة زميلاتي البهجة بالدراسة معا في المدرسة، والتعاون على حل الواجبات، أعود والتساؤل يلاحقني كل حين: أين والدتي الحنون؟ وأين والدي العطوف؟ كم كنت أتمنى أن أرتمي في حضن والدتي لأشعر بطاقة الحنان الدافئ التي تتحدث عنه بعض زميلاتي وأصغي مندهشة الى حديثهن مستمتعة معهن وكأن والدات بعض صديقاتي اللاتي يشملنني بعطفهن كأنهن والداتي ولكن الشعور يتبخر اذا ذهبن عني وجلست وحدي أتساءل بيني وبين نفسي عن أمي وأبي، وذات صباح ذهبت وزميلاتي في رحلة مدرسية الى أحد المستشفيات فزرنا مستشفى الولادة برفقة ثلاث من المعلمات، وشاهدنا الأطفال حديثي الولادة داخل الحاضنات الزجاجية، سرح بي خيالي نحو الطفولة، وما قبلها حين الولادة، وشتت سرحاني وذهولي سؤال احدى الطالبات من زميلاتي للمعلمة: أين أمهات هؤلاء الأطفال؟ حاولت المعلمة القريبة مني أن تتجاهل السؤال، وهي تقول: طالعوا هذا الطفل الجميل، طالعوا هذه الطفلة الجميلة، أمهاتهم في غرف التنويم، ينطلق سؤال طفلة أخرى: لماذا؟ وأعيد أنا السؤال الأول بصيغة أخرى: هل كل هؤلاء الأطفال لهم أمهات؟ فأجابت احدى المعلمات بسرعة وهي تداري دمعة نازفة: طبعا، طبعا، وانهمرت التساؤلات الطفولية البريئة عن مكان الوالدات (الأمهات). وكل منهن تشير الى طفل أو طفلة (وأم هذا؟ وأم هذه؟) وسط ذهول المعلمات والممرضات المرافقات، واحدى المعلمات تهمس في أذن احدى الممرضات وأنا وعدد من زميلاتي نلاحق الاشارات والهمسات متطلعات والتساؤلات تلاحقني أنا وزميلتي (نورة) وزميلتي الشاردة (سهى) اللتين أعتقد أنه التساؤل الذي يؤرقني ويلح عليّ بعدما شاهدنا معا حاضنات الأطفال: أين أمي بعد الولادة؟ ومتى رحلت عن الحياة الدنيا؟ وأين أبي؟ ومتى غادر الحياة؟ اما زميلتنا (غربة) فهي تتساءل عن والدها الذي مات وهي صغيرة حيث عرفته من صورته التي مازالت أمها (وفاء) تحتفظ بها في برواز في غرفتها للذكرى، كانت الرحلة المدرسية ذات أبعاد وتساؤلات رغم براءتها أدهشت المعلمات والممرضات والمسؤولات في المستشفى وهن جميعا يحتضن هذه الزهور بكل حفاوة وابتهاج، وبعد جولة في المستشفى شاهدنا لوحات مكتوبة بخط بارز جميل (الصحة تاج على رؤوس الأصحاء لا يراه إلا المرضى) أثارت هذه فضولي وفضول عدد من زميلاتي وتساءلنا عن معناها، وحاولت كل معلمة، وكل طبيبة من اللاتي انضممن الينا في الجولة ايضاح معناها: ان الصحة تاج جميل، قاطعتها احدى الطالبات: (ايش يعني تاج جميل يراه المرضى فقط؟) تلعثمت الطبيبة وهي تضيف:يعني ان المريض هو الذي يشعر بقيمة الصحة، سألت احدى زميلاتي: وما قيمة الصحة؟ حتى الصحة وضعوا لها قيمة؟ دهشت المعلمات من السؤال واحتارت الطبيبات في الجواب وتصدت معلمتي (عزيزة) للإجابة: يعني يا بناتي نحمد الله على الصحة والعافية اذا افتقدناها بالمرض لا سمح الله نغبط الأصحاء على نعمة الصحة والعافية، واستطردت توضح: ان زيارتنا للمرضى تعرفنا على معاناة هؤلاء المرضى من قسوة المرض وتعلمنا بواجب الوقاية والحذر وادراك نعمة الصحة والعافية والسلامة!! معلمتي تشرح الصحة والمرض وأنا وزميلاتي اليتامى نفكر في والدينا الذين افتقدناهم في هذه الحياة بسبب المرض ونتمنى لو كانوا معنا لأضافوا لحياتنا معنى من معاني السعادة، صحيح كل شيء له قيمة في هذه الحياة، وكل شيء يعوض إلا الصحة والحنان، والحمد لله على كل حال. @@ فاطمة سالم السعيد الدمام @ شكرا لك يا فاطمة على هذه القصة وعلى هذا الوعي والاحساس الناضج وها نحن ننشرها لك تلبية لرغبتك.. تقديرنا لك ناصح