بعد عشرين عاما من نجاح نقابة عمال المعادن القوية في ألمانيا في انتزاع انتصار تاريخى خفض عدد ساعات العمل إلى 35 ساعة في الاسبوع أسفر الانتعاش الاقتصادى المهزوز بالاضافة إلى التنافس المتزايد من جانب الدول ذات الاجور المنخفضة في وسط أوروبا وآسيا عن تحرك أصحاب العمل نحو إعادة زيادة ساعات العمل إلى 40 ساعة في الاسبوع. وفي الوقت الذي يتمتع فيه العمال الصناعيون في ألمانيا بأعلى الاجور في العالم وبعض أفضل المزايا تقدمت مجموعة من الشركات العاملة في عدد من الصناعات لنقابات العمال للمطالبة بزيادة عدد ساعات العمل في الاسبوع بدون أى أجر إضافى في بعض الحالات وفي مقابل الموافقة على عدم تسريح أى عامل. وكانت شركة السكك الحديدية المملوكة للدولة دوتشه بان من أخر الشركات التي كشفت عن خطط لزيادة ساعات العمل من 5.38 ساعة في الوقت الحالي إلى 40 ساعة مع حصول العاملين على نفس الاجر. وفي مقابل ذلك لن تقوم الشركة بأى خفض اخر لعدد العاملين. وفي الوقت نفسه بدأت شركة صناعة الالات والمعدات الالمانية البارزة مان في إجراء مفاوضات مع النقابة التي ينتمى إليها عمالها لزيادة ساعات العمل من 35 ساعة إلى 38 ساعة وإلا فإنها ستبدأ في القيام بعملية تسريح للعاملين. وكان الالمان قبل 40 عاما يعملون بمعدل 56.44 ساعة في الاسبوع لكن الازدهار الاقتصادي المتزايد ونجاح نقابة عمال المعادن التي تعد أكبر نقابة صناعية في ألمانيا والعالم في خفض ساعات العمل إلى 35 ساعة في الاسبوع نتيجة لاضراب استمر سبعة أسابيع عام 1984 أدى إلى انخفاض معدل ساعات العمل في ألمانيا إلى 77.37 ساعة في الاسبوع. ولكن بعد ثلاث سنوات من الركود الاقتصادى وارتفاع معدلات البطالة وفتح الاسواق الجديدة في أنحاء وسط أوروبا ذات المهارات العالية والاجور المنخفضة يهدد أصحاب العمل الالمان الان بنقل المزيد من العمليات إلى خارج ألمانيا ما لم يقبل العمال بزيادة ساعات العمل. ومع ارتفاع معدل البطالة في ألمانيا إلى أكثر من عشرة في المئة اتخذت المعركة حول نقل الاعمال خارج ألمانيا بعدا ساسيا بسرعة حيث قال المستشار الالماني جيرهارد شرودر أن قيام الشركات الالمانية بنقل الانتاج إلى الخارج عمل غير وطنى. من ناحية أخرى قامت شركة سيمنس الالمانية للصناعات الاليكترونية بالفعل بإرغام 220 من العاملين في محال إصلاح الهواتف في ألمانيا على الموافقة على زيادة ساعات العمل من 35 إلى 40 ساعة في الاسبوع للاحتفاظ بأعمالهم في ألمانيا. وتهدد شركة سيمنس التي يعمل بها 000،170 عامل في الوقت الحالي في ألمانيا بنقل جزء من عملياتها إلى دول مثل المجر التي أصبحت إلى جانب ثماني دول أخرى من وسط أوروبا أعضاء في الاتحاد الاوروبي ابتداء من أول مايو الماضي. وقال المسئولون في شركة سيمنس أن تكاليف العمالة في المجر تقل بنسبة حوالي 30 بالمئة عن مثيلتها في ألمانيا وبدأت الشركة في اجراء مفاوضات مع ممثلي العمال في محاولة لخفض الاجور في السوق الالمانية المحلية. وقام حوالي عشرة الاف من عمال شركة سيمنس باحتجاجات في أنحاء ألمانيا أمس الجمعة ضد خطط الشركة لنقل الانتاج إلى خارج ألمانيا كوسيلة لخفض تكاليف العمالة. ولكن شركة سيمنس ترفض مزاعم نقابة العمال بأنها تعتزم خفض عدد العاملين الالمان فيها بحوالى 000،74 فى غضون السنوات العشر المقبلة حيث أكد رئيس الشركة هنريك فون بيير أن الشركة التي تتخذ من بافاريا مقرا لها تريد الاحتفاظ بفرص العمل في ألمانيا ولكن المنافسة العالمية الشديدة تعنى أن أجزاء معينة من الشركة تحتاج إلى خفض التكاليف. وفي حقيقة الامر فإنه يبدو أن ولاية بافاريا في جنوبألمانيا تتصدر الاندفاع نحو العودة إلى زيادة ساعات العمل إلى 40 ساعة أسبوعيا حيث يسعى رئيس الوزراء المحافظ أدموند شتويبر إلى زيادة ساعات عمل موظفى الولاية. وكانت سيمنس قد أعلنت في الشهر الماضي أنها ستقوم باستثمار 2.1 مليار دولار في الصين خلال العامين القادمين كجزء من خطة لمضاعفة الايرادات في البلاد حيث سيتم تخصيص جزء من الموارد لتعزيز منشآت الابحاث والتصنيع في ألمانيا. وعلاوة على ذلك وضعت 131 شركة تتخذ من بافاريا مقرا لها من بينها بعض الشركات الكبرى في ألمانيا خططا لزيادة ساعات العمل. وأدت العولمة التي تسير بسرعة وتهديدات أصحاب العمل بنقل العمليات إلى دول الاتحاد الاوروبي المجاورة إلى زيادة تقويض نفوذ نقابات العمال التي كانت تتمتع بالقوة في ألمانيا في وقت من الاوقات والتي تعرضت مؤخرا لانخفاض شديد في عدد الاعضاء مع زيادة معدل البطالة وتراجع اهتمام العمال بالحركة النقابية . ومع ذلك فإن بعض المحليين تساورهم الشكوك إزاء المكاسب الاقتصادية لزيادة ساعات العمل ويقول مارتين فيرونج الباحث الاقتصادى في معهد ايفو الاقتصادى الذي يتخذ من ميونخ مقرا له أن خفض تكاليف العمالة يعد عاملا أساسيا في وقف نقل العمليات التجارية إلى خارج البلاد. تقليل ساعات العمل لتخفيض التضخم