اندلعت معركة يستعر لهيبها دون توقف بشأن عدد ساعات العمل في ألمانيا كأحدث ساحات المعارك في كفاح البلاد لانهاء تراجع اقتصادي صار عمره ثلاث سنوات ولدعم قدرة ألمانيا على المنافسة العالمية ولكن بينما انضم أعضاء بارزون بالحزب الاشتراكي الديمقراطي الذي ينتمي إليه المستشار جيرهارد شرودر إلى حملة لاصحاب الاعمال لتمديد ساعات العمل فإن اثنتين من كبريات الشركات في البلاد أعلنت عن خطط لخفض عدد ساعات العمل الاسبوعية وخفض معدلات الرواتب في مسعى لخفض التكلفة والحفاظ على الوظائف. ويعمل العامل الالماني ما متوسطة 35 ساعة في الاسبوع ويتقاضي أجرا يعد بين الاعلى في العالم فيما يعمل العامل الامريكي أكثر من العامل الالماني بمعدل يزيد على 400 ساعة سنويا والعامل النرويجي والعامل الهولندي وحدهما اللذان يعملان أقل من العامل الالماني. وبموجب خطة تم التوصل إليها مع نقابات ومجلس العاملين في المنازل فإن شركة أدام أوبل ايه جي وهي الفرع الالماني لشركة صناعة السيارات الامريكية جنرال موتورز ستقوم بخفض عدد ساعات العمل الاسبوعية من 35 ساعة إلى 30 ساعة بالنسبة لخمسة آلاف عامل. ونتيجة لهذا فإن العاملين في أوبل سيتعين عليهم قبول أجر شهري أقل بمعدل يبلغ متوسطه 85 يورو ( 97 دولارا) شهريا فيما تقول الشركة أن الصفقة ستساعد في الحفاظ على نحو 1200 وظيفة. ويتردد أن أوبل التي تضررت بفعل انخفاض الطلب في سوق السيارات الالمانية التي تشهد منافسات حامية تواجه خسارة تشغيل بقيمة 180 مليون يورو هذا العام بعد خسارتها 227 مليون يورو العامل الماضي. ويأتي اتفاق الاجور الجديد الذي أبرمته أوبل عقب تحرك لشركة دويتشه تليكو م ايه جي الالمانية العملاقة استهدف خفض ساعات العمل لمائة ألف من عمالها من 38 إلى 34 ساعة في الاسبوع في مسعى للحيلولة دون الاستغناء عن نحو عشرة آلاف وظيفة. ويمر الاقتصاد الالماني حاليا بحالة غير مواتية. فبعد أن سجل الاقتصاد نموا بالكاد العام الماضي خفضت برلين من تكهناتها بالنسبة للنمو في عام 2003 من0.7 في المائة إلى صفر ولعام 2004 من اثنين في المائة إلى 1.5 في المائة. وجاء الاعلان عن خطط أوبل وتليكوم في وقت يزيد فيه أصحاب الاعمال الالمان من ضغوطهم من أجل ساعات عمل أطول ومن ثم تقاطع مع موجة الانتقادات من جانب جماعات العمل بالبلاد. ووصف رئيس غرفة التجارة والصناعة الالمانية لودفيج-جورج براون خطط خفض عدد ساعات العمل الاسبوعية بأنها "إستراتيجية أزمة قصيرة المدى". وقال براون لصحيفة بيلد الالمانية "لن تستطيع شركاتنا تحسين فرصها في السوق العالمية إلا من خلال زيادة عدد ساعات العمل". لكن نقابات العمال الالمانية شنت هجوما ضاريا على الدعوة لساعات عمل أطول وحذر رئيس مجلس نقابة العمال الفيدرالية مايكل سومر في صحيفة بيلد أيضا من أن زيادة عدد ساعات العمل الاسبوعية سيعني أن "العاطلين سيظلوا خارج منظومة العمل". غير أن وزير العمل والاقتصاد الالماني فولفجانج كليمنت انضم إلى الحملة المطالبة بزيادة عدد ساعات العمل الاسبوعية قائلا أن زيادة عدد ساعات العمل ستؤدي إلى دعم قدرة ألمانيا على المنافسة كما ستساعد الاقتصاد على العودة إلى مسار النمو. وأقترح عضو بالحزب الاشتراكي الديمقراطي الحاكم الاسبوع الماضي تحرير عقود الاجور لتشمل ساعات عمل قدرها 45 ساعة أسبوعيا. وقدر معهد الاقتصاد الالماني الذي يتخذ من كولونيا مقرا له أن زيادة عدد ساعات العمل في ألمانيا بمعدل ساعة واحدة دون زيادة الاجر سيؤدي لخفض تكلفة العمل نسبة 2.7 في المائة كما سيساعد في توفير100 الف وظيفة جديدة. وقبل عقد من الزمان عندما واجهت ألمانيا وصناعة السيارات ضغوطا اقتصادية مماثلة فما كان من شركة فولكس فاجن لصناعة السيارات إلا أن طبقت نظام العمل أربعة أيام أسبوعيا فقط الامر الذي ساعد في انقاذ آلاف الوظائف في المجموعة. لكن فولكس فاجن تحركت مؤخرا لمحاولة زيادة ساعات العمل الاسبوعية بها من 28.8 ساعة إلى 35 ساعة.