عقد في برلين على مدى يومين مؤتمر دولي لبحث أزمة الصراع الاسرائيلي الفلسطيني وضرورة العمل على انهائها استنادا إلى المبادرات المطروحة منذ فترة مثل "خريطة الطريق" التي طرحتها الرباعية الدولية و"مبادرة جنيف" التي وضعها مؤخرا سياسيون اسرائيليون وفلسطينيون وخطة رئيس الحكومة الاسرائيلية آرييل شارون الانفرادية للانسحاب من قطاع غزة واربع مستوطنات من الضفة الغربية. انتهى المؤتمر الدولي حول الشرق الأوسط الذي رعاه رئيس الدولة الألمانية يوهانس راو أمس الأول وأمس إلى إجماع على أن الصراع الاسرائيلي الفلسطيني لايحتاج إلى المزيد من المبادرات والحلول والخطط، وإنما إلى النية السليمة من الطرفين وإلى الرغبة في عقد مساومات صعبة بينهما. وقال نائب رئيس اللجنة البرلمانية للشؤون الخارجية في البرلمان الاتحادي هانس اولريش كلوزه وهو يستخلص ما أجمع عليه المشاركون في المؤتمر الدولي بعد ظهر أمس أنه لا بديل عن "خريطة الطريق" التي وضعتها الرباعية الدولية لحل الصراع، وأن "مبادرة جنيف" تكمِّلها لكونها تطرح حلولا عملية لمسائل الحل النهائي مثل وضع القدس واللاجئين. وقال كلوزه إن الرأي توافق على تأييد خطة رئيس الحكومة الاسرائيلية آرييل شارون للانسحاب من قطاع غزة رغم عدم وضوحها شرط أن تكون جزءا من "خريطة الطريق" التي تقترح اقامة دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة وديموقراطية إلى جانب إسرائيل. ونظمت المؤتمر الدولي "مؤسسة فريدريش ايبرت" القريبة من الحزب الاشتراكي الديموقراطي الحاكم و"مؤسسة "كونراد أديناور" القريبة من الحزب الديموقراطي المسيحي المعارض بالتعاون مع مؤسسة "هاينريش بول" القريبة من حزب الخضر و"مؤسسة فريدريش ناومان" القريبة من الحزب الليبيرالي وشارك فيه ممثلون عن الطرفين وعن أطراف دولية. وأجمعت غالبية المتحدثين، وبينهم وزير العدل الاسرائيلي السابق يوسي بيلين ووزير الاعلام الفلسطيني السابق عضو قيادة منظمة التحرير ياسر عبد ربه اللذان صاغا "مبادرة جنيف"، على اعتبار أنه لا بديل عن حل قيام دولة فلسطينية مستقلة وديموقراطية إلى جانب دولة إسرائيل، وهذا ما تهدف إليه كل من الخريطة والمبادرة فيما لا تطرح ذلك خطة شارون التي تركز على انسحاب غير واضح المعالم حتى الآن من قطاع غزة مبقية السيادة على الأجواء والمياه والمعابر في أيديها. والسؤال الرئيسي الذي طرحه المؤتمر هو: كيف الوصول إلى تحقيق هدف انهاء الصراع واقامة الدولة الفلسطينية؟ وعلى الرغم من أن العديد من المتحدثين الفلسطينيين والاسرائيليين والمسؤولين الدوليين أكدوا أن خطة شارون انفرادية وناقصة وتثير الشكوك وتوافق الجميع تقريبا على ضرورة التعامل معها بايجابية والضغط في اتجاه جعلها جزءا من "خريطة الطريق" التي تهدف إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة وديموقراطية تعيش بأمان إلى جانب إسرائيل وتتمتع بمقومات الحياة والسيادة. وتصدى عبد ربه لتهجمات رئيس الحكومة الاسرائيلية السابق ايهود باراك الشخصية على الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات مشددا على ضرورة أن يحترم كل طرف قيادة الطرف الآخر. وبعد أن أظهر سلبيات خطة شارون قال إن الفلسطينيين لا يرفضونها ولكنهم يفضلون أن يجري تنسيق معهم حولها. وبعدما انتقد السفير الاسرائيلي السابق في ألمانيا في بريمور الذي يؤيد "مبادرة جنيف" تعامل حكومته السلبي مع رئيس الحكومة الفلسطيني السابق أبو مازن ورفضها الاتفاق مع سوريا رأى أن شارون جدي في الانسحاب وأن خطوته هذه خطوة أولى لكن غير كافية. وذكر وزير الدولة الفلسطيني قدورة فارس أن الشعب الفلسطيني سيكون سعيدا في حال ما اذا انسحبت اسرائيل من القطاع، لكن الشكوك حول الأمر كثيرة، خاصة أن السيطرة على الأجواء والمياه وعلى نقاط العبور مع الضفة ستبقى في يد إسرائيل. ووافق المبعوث الروسي للشرق الأوسط الكسندر كالوغين على أن خطة شارون لن تضمن انسحابا كاملا من غزة داعيا حكومتها للتفكير مليا بموقفها وأن تعمل على تنسيق خطتها مع مصر والفلسطينيين.